إذا كان الزمن القديم تمتلكه البشرية كلها، فالزمن الجديد ملك خاص للدكتور أحمد زويل، الذى استطاع أن يرصد المكان والزمان داخل أصغر الجزيئات أثناء عمليات التفاعل والالتحام، هذا الكشف الذى اعتبره تاريخ العلم ثورة كاملة فى الكيمياء والعلوم المرتبطة بها، جعل من السهل إجراء ما يسمى بخدمة توصيل العلاج للخلية.. تذكروا جيداً أن صاحب هذا الإنجاز الحضارى الكبير، رجل من مصر، وتذكروا أن يوم 21 أكتوبر 1999 جدير بتخليده وطنياً، والاحتفال به سنوياً كعيد للعقل فى مصر، ذلك اليوم الذى تقلد فيه ابن البحيرة جائزة نوبل، فتجددت شجرة المجد، التى غرستها أمتنا لخير البشرية، من ابن الهيثم وابن النفيس لابن زويل، انبعث الدم المتدفق فى عروق التاريخ التليد، فمشى على قدميه فوق سجادة الأكاديمية السويدية، وتقلد الوشاح الجديد، اعترافاً بجدارة تلميذ مدرسة النهضة - فى دمنهور - والذى أصبح رمزاً لنهضة أمة.
والسؤال الآن، ماذا فعلنا بكل هذا الشرف والفخار، غير بعض المحاضرات والندوات والحوارات التليفزيونية، وفى كل لقاء كان الرجل يحمل معه روشتة جديدة للعلاج، ومشروعاً جاداً للنهضة، لكننا وضعنا أصابعنا فى آذاننا، وانشغلت الحكومة بستر عوراتها بالتصريحات (الفشنك).
الرجل يؤذن فينا - بصوت عذب - لصلاة التقدم والفلاح، ونحن عن الصلاة ساهون، ننتظر الإحسانات كالعبيد، بينما نملك خبز الزمان كله، بهذه الطاقة الجبارة المسماة أحمد زويل.. وضعوه فى قائمة الشرف الأمريكى ووضعناه فى قائمة ترقب الوصول فى أكشاك أمن الجامعة، اختاره الرئيس الأمريكى مستشاراً ومبعوثاً علمياً خاصاً، وأضعناه فى دهاليز الأوراق والأختام الحكومية.
الرجل يتحدث دائماً عن مشروع النهضة، وتعبير (النهضة) يتكرر كثيراً فى المعجم اللغوى لابن زويل، ربما لأنه بدأ حياته تلميذاً فى مدرسة (النهضة) خلال مرحلتى الإعدادى والثانوى، ولأنه أيضاً التعبير الأكثر استخداماً فى لغة المصلحين والمجددين الكبار منذ مطلع القرن الماضى، والروشتة على لسان ابن زويل بسيطة جداً تتأسس على العدل والمساواة فى تطبيق القانون على الجميع، وإعلاء الثقافة والحفاظ على الهوية، بالإضافة للاهتمام بالتعليم والبحث العلمى وتهيئة المناخ الملائم والحياة الكريمة للباحثين.. هذا هو فهم زويل للمشروع القومى الذى يستثمر الطاقة البشرية الهائلة داخل الإنسان المصرى.. ابن زويل فتح أبواب الزمن الجديد على مصراعيه، ودعانا للدخول، فمتى نستجيب؟