المستشار سيد الجوهرى يكتب: الإعلام نقل القضايا من «قاعات المحاكم» إلى الفضائيات

الخميس، 14 أكتوبر 2010 08:11 م
المستشار سيد الجوهرى يكتب: الإعلام نقل القضايا من «قاعات المحاكم» إلى الفضائيات المستشار سيد الجوهرى رئيس محكمة جنايات القاهرة

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
◄◄ لا يكون التعليق أمراً متاحاً لكل من «هبّ ودبّ» سواء بساحات المحاكم أو خارجها أو لمن يسمّون بجنرالات المقاهى

لا يجب الحديث عن العلاقة بين الإعلام والقضاء قبل حسم ظاهرة هامة جدا، وهى ظاهرة التعليق على أحكام القضاء فالواجب والأساس والقانون تحظر التعليق على أى حكم من أحكام القضاء لما يتمتع به الحكم من قدسية لاستناده إلى قوانين الدولة ودستورها، فضلا عن كونه حكما باسم الشعب، بالإضافة إلى أن التعليق يعبر بالأساس عن وجهة نظر لشخص معين منطلقة من نابع شخصى مختلف ومتأثر بمعايير اقتصادية واجتماعية، فأحد المعلقين يكون مع فلان والآخر يكون ضده لأسباب شخصية على عكس ما هو مفروض وطبيعى من عدم التعليق على أحكام القضاء لأن سندها هو أسبابها وحيثياته الحكم فقط.

تفاوت التعليق على حكم قضائى واحد يحدث بلبلة فى الرأى العام، فنقرأ فى وسيلة إعلامية ما أن الحكم صحيح وفى وسيلة أخرى أن الحكم غير صحيح أو معيب أو أن المتهم مدان ويستحق العقاب أو أن أدلة الإدانة الموجهة إليه غير قوية ويستحق البراءة، فكل ذلك يثير الرأى العام ويصنع حالة من عدم قبول الرأى العام للحكم فى حالتى الإدانة أو البراءة رغم أن حكم الإدانة أو البراءة هو حكم قضائى صادر عن ضمير القاضى ويقينه من واقع أوراق التحقيقات ومحاضر الجلسات ومرافعة النيابة والدفاع، وهو الذى يتنافى تماما مع حكم الرأى العام الذى يعتمد على العاطفة سواء بالإيجاب أو بالسلب، فإحدى القنوات التليفزيونية قبل فترة معينة كانت تناقش قضية معينة، وقال المذيع بكل صراحة على الهواء: نحن فى استقبال مداخلاتكم الهاتفية للاستماع إلى آرائكم عن أن المتهم برىء أم أنه مدان وهل المتهم يستحق البراءة أم يستحق العقاب.. كما لو كانت المحكمة قد عقدت فى الاستديو وتركت مكانها الطبيعى.

لا يكون التعليق أمرا متاحا لكل من هب ودب سواء بساحات المحاكم أو خارجها أو لمن يسمون بجنرالات المقاهى وقت المعارك وهم الذين يجلسون على القهاوى فى الوقت الذى يقف فيه إخوانهم على خط القتال فى الصحراء، جنرالات المقاهى لم يلبسوا يوما بدلة القتال الصفراء ولم يقضوا اليوم بطوله تحت حرارة الشمس الحارقة، غير أنهم يرسمون ويخططون ويقولون لو أن خطة الهجوم كانت كذا لكان المكسب فى أيدينا ولو كان الجنود تحركوا فى الطريق كذا لكان النصر حليفهم وهم أيضا من يبررون الخسارة بأسباب واهية لا علاقة لها بالأسباب الحقيقية.

الإعلام فى تغطيته للقضايا يقع فى بعض الأخطاء التى يراها بسيطة، فى حين أن القضاة يرونها أخطاء كبيرة ففى بعض الأحيان تكتب الصحف والمجلات أن هناك استئنافا على حكم محكمة جنايات فى حين أن أحكام الجنايات يطعن عليها بالنقض وليس بالاستئناف، وكذلك فإن الصحف تكتب كلمة مستشار لأعضاء من الهيئة القضائية لم يحصلوا على هذه الدرجة، وكذلك عندما تصدر محكمة جنايات حكما فى قضية ما ثم يتم الطعن على الحكم أمام محكمة النقض وتقبل النقض الحكم وتقرر إعادة القضية للنظر أمام دائرة جنايات أخرى والتى تصدر حكمها مماثلا للحكم الأول فتكتب الصحف مانشيتات «تأييد حكم أول درجة» فى حين أن ذلك ليس تأييدا إنما هو حكم مستقل لأن الدائرتين من درجة واحدة ولا يأتى التأييد إلا من محكمة أعلى وهى محكمة النقض، وكل ذلك يستدعى أن يتم عقد دورات تدريبية مبسطة للصحفيين لقانون الإجراءات الجنائية لكى لا يقعوا فى تلك الأخطاء أثناء تغطيتهم الجلسات وليكون عندهم القاعدة الأساسية التى يستندون إليها فى تغطيتهم للجلسات مع نقل وقائع الجلسات دون أى إضافة من أى منهم وألا يقوم بنشر آراء الآخرين مهما كانت صلتهم بالقانون.






مشاركة






الرجوع الى أعلى الصفحة