شريف حافظ

مرشد الجماعة وماؤه الطهور فى الانتخابات

الإثنين، 11 أكتوبر 2010 08:18 م

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
قررت جماعة الإخوان، نزول الانتخابات البرلمانية، وهو خبر متوقع للغاية، لأنهم ورغم معرفتهم المُسبقة، بأنهم فقدوا الكثير، على المستوى السياسى فى الفترة الأخيرة، خاصةً بعد أن ظهروا بديكتاتوريتهم الحقيقية، من خلال انتخابات مكتب الإرشاد، يعرفون أن الشارع خير وسيلة، لاستعادة ماء الوجه، الذى ذهب مع الريح، حيث سيرفعون شعارهم الغامض، ولا أحد يعرف أى إسلام يعنون..

فالإسلام واحد وفقاً للقرآن، ولكنه يختلف فى التطبيق وفقاً لعادات ومواريث كل شعب، هل يعنون إسلام شُركائهم من الشيعة فى إيران أم إسلام إرهابيى طالبان الذين يثنون عليهم، أم إسلام الوهابية ، أم إسلام الصومال حيث القرصنة على الشاحنات الدولية؟ أم أنهم يريدون الإسلام الحق الوسطى، الذى يتبرأ مما يقومون به من تلاعب بالدين؟ إن شعارهم لغامض، يعتدى على ما أعلنه الدكتور حمدى زقزوق، من منع الشعارات الدينية فى الانتخابات!

المشكلة التى تستفزنى كمواطن مصرى، هى أن الإخوان عندما يتبرعون بأموال، لا يفعلون ذلك لوجه الله، ولكنهم يفعلون ذلك وفقاً للمثل المصرى القديم: "أطعم الفُم، تستحى العين"! بمعنى أنهم يفعلون هذا، كى يؤثرون على إرادة الناس، ولا يهمهم فى ذلك، هوية الشخص، غير إسلامه، ثم يأمرونه بأشياء، وبغض النظر عن قناعاته، سينفذها، لأنه فى النهاية، قد "كُسرت" عينه، بما أخذ منهم ! فماذا عساه أن يفعل غير الطاعة العمياء، دون تفكير أو مراجعة، مُخالفاً بذلك القرآن فى التفكر وفى أن يكون صاحب لُب فى الاطلاع!

لقد أكد الإخوان، على أنهم لا يعنيهم الوطن من بعيد أو قريب، بل أكدوا أن "طز" المرشد مهدى عاكف، لم تكُن زلة لسان كما قال بعضهم، بل هى منظومة فكر. لقد قال مرشدهم الأول، حسن البنا: "إننا نعتبر حدود الوطنية بالعقيدة وليس بالتخوم الأرضية" وهى قاعدة استعمارية، بكل ما تحمله الكلمة من معنى، شبيهة بقاعدة إسرائيل: من النيل للفرات، ويهودية الدولة!! كما أن "طز فى مصر" التى أعلنها مهدى عاكف، لحقها منطق متفسخ فى مجلس الشعب، أثناء الحرب على غزة، حين أعلن أعضاء الجماعة فيه، مقارنة غريبة بين الدين والوطن، بينما لا يجب أن توجد مثل تلك المُقارنات، لأن الوطن يرجو استقرار العابدين، والدين يرجو خشوعهم فى بوتقة الوطن! ولكن الإخوان يريدون دوماً صراعاً وهمياً، يخرجونه من معقلهم إلى العلن، لأنهم يطمحون فى الكرسي، وبذا، لا يهمهم الدين حقيقةً، إلا كشعارات كما أصروا على استمرار الشعار، ليس أقل ولكن ربما أكثر!

فالأمر، يدل على سطحية مُفرطة، عندما يقيمون الدنيا ولا يقعدونها من أجل شعار، وليس من أجل مواطنين بحق، لأنهم فى النهاية، يستغلون أموال الناس فى العلاج على نفقة خصمهم، الذى يحكم الدولة!

إنهم مصابون بجنون العظمة ، حتى قال محمد بديع، مرشدهم الحالى، فى حفل إفطار فى رمضان الماضى، يوم الجمعة 27 أغسطس، بأن الجماعة "تمتلك ماء السماء الطهور الذى سيطهر المجتمع من نجاساته"! ولا أعرف حقيقةً، من أعطاهم هذا الماء، الذى لم يُمنح لأحدٍ قبلهم!! أما مسألة رؤيته المصريين أنجاساً، فهو ليس أمراً يدهش أحداً، فى ظل رؤيتهم لمصر كاملة، ليست ذات أهمية، سواءً من خلال مرشد "الطز" أو من خلال أعضاء البرلمان السابق، حيث أهانوا مصر أشد الإهانة! وبالتالي، فإن المرشد الجديد، يمضى على طريق مرشد "الطز"، وعلى طريق الإمام الأول، فى رؤية الوطن مساوى للصفر، مثلما يرى هؤلاء الشباب الذى يقدم لهم "الرشوة" أو أموال "الابتزاز" السياسى، من أجل السمع والطاعة، فقط، وليس من أجل أن يصبحوا بشراً أفضل! أى أنه ينتهج منهجا منفعيا يريد به مصالحه الذاتية وفقط، ليس إلا، وليس مصالح مواطنين، يراهم أنجاساً، أو وطناً لا يراه من الأصل!

وتلك الجماعة، تتكلم اليوم عن الديمقراطية، وهى لا تؤمن بها على الإطلاق. فها هى ديمقراطيتهم فى غزة! هم يؤمنون بديمقراطية المرة الواحدة، التى تمنحهم الحكم، ثم يرفضون الديمقراطية بعد ذلك، ويتراجعون عنها. فإذا ما اتفقنا على أن حماس (الجناح الإخوانى الفلسطينى الذى صنعه إخوان مصر، بالتعاون الضمنى مع إسرائيل، لإسقاط فتح وإضعاف الفلسطينيين)، قد اعتلت السلطة بالديمقراطية، ثم انقلبت على فتح وقتلت منهم أفراداً فى غزة فى يونيو 2007، فإنها وحين جاء الاستحقاق الانتخابي، لم توافق على إجرائه، وتعللت بأمور كثيرة، ليس لها دخل بالانتخابات على الإطلاق! هكذا يريد إخوان مصر الديمقراطية: ديمقراطية المرة الواحدة! الجماعة تقول لنا، بأنها تريد حكم الديمقراطية والشورى، رغم أنها لم تطبق هذا الحكم فى حد ذاته فى الجماعة، حتى استقال نائب المرشد فى إطار الخلاف الأكبر!

إنهم فوق كل هذا، لا يقدسون الأموات، فيسبون شيخ الأزهر السابق، بعد وفاته بيوم، على لسان شيخهم، وجدى غنيم. وبما أنهم لا يقدسون الأحياء أيضاً، ولا يريدونهم إلا أرقاما على الورق يتباهون بها، وليس لهم دور غير السمع والطاعة، دون تفكير، فإنهم فى حقيقة الأمر، يقدسون الكراسى والسلطة، وفقط! لا يهمهم إن كان هذا الكرسى فى مصر أو سوريا أو ماليزيا! ويضحكوننا، بقولهم إنهم يحكمون تركيا، بينما تركيا تُحكم بدستور علمانى، بمرجعية علمانية ولن يتغير هذا. وليس معنى وجود حزب ذى مرجعية إسلامية، أنهم لا يؤمنون بالعلمانية. لو أن الإخوان تطوروا هذا التطور المماثل لحزب العدالة والتنمية، لاختلف الأمر كثيراً، ولكنهم يرون أنفسهم فى قوالب "الطز" و"النجاسة" ويتكلمون لغة، عفا عليها الزمن، فى إطار "انقيادهم وراء" وليس "قيادتهم" للبسطاء!

لو أن الوعى زاد فى مصر، لما وجدت جماعة الإخوان فيها، لأنها جماعة تعتمد على عدم وعى الناس . ويجب أن تكون توعية الناس، هى أداتنا الأساسية، خلال السنوات الست القليلة القادمة. إنها معركة، ليست مع الإخوان، ولكن معركة من أجل مصر ورخاءها والتعليم فيها وعودة المواطن فيها إلى ذاته، لتُصان كرامته وليكن للقانون وحده السيادة على طول البلاد وعرضها. ولنحارب الجهل الذى تبثه جماعة الإخوان وأزلامها وسيبثونه فى الانتخابات عبر توجيهات مرشد "النجاسة"، ولنعلى من شأن المواطن المصرى، حتى يُفرق بين الحق والباطل، وليكون قادراً على التمييز بين الغث والخير، من أجل أن يتنافس تنافسا شريفا مع مواطنى العالم كله، ويعبد ربه فى سلام، دون تفرقة بين أحد من المصريين، كما يفعل الإخوان، فى رغبة حثيثة على تقسيم مصر، لصالح أيدى خارجية خفية!

ومصر أولاً
* أستاذ علوم سياسية.








مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة