شهدت الفترة الأخيرة ظهور مئات الكيانات الشعبية من لجان وحملات وائتلافات لدعم أو مواجهة قضية محددة أو فى استجابة لحدث معين، فمع كل حدث طائفى تنطلق اللجان والحملات التى تواجة العنف الطائفى، ومع كل قرار وزارى أو رئاسى تنطلق الحملات المؤيدة والمعارضة، فصار فى مصر حملة لتحسين الصرف الصحى وأخرى لمواجهة الجدار العازل وأخرى لمنظمة مناهضة التحرش والتعذيب أو دعم مرشح ومواجهة مسئول. هذه الكيانات ورغم نجاح الكثير منها فى بلوغ أهدافها إلا أن عددا كبيرا منها لم يستطع الصمود واختفت بعد صدور بيانها التأسيسى أو بيانها الأول.
يقول سعيد عبد الحافظ مدير مؤسسة ملتقى الحوار إن هذه الظاهرة نتيجة طبيعية لانتشار المنظمات الحقوقية، ويلفت إلى أن سعى هذه المنظمات للتواجد فى قلب الأحداث لإثبات وجودها وفاعليتها يجعلها تتبنى قضايا اجتماعية كبرى غالبا ما تكون أكبر من الطاقة المؤسسية للمنظمة وهيكلها، ومن ثم ينتهى تواجد هذه المنظمة بعد إصدار بيانها التأسيسى وبيانها الأول.
يضيف عبد الحافظ الفترة الأخيرة شهدت قيام مئات الحملات واللجان والمؤسسات الحقوقية التى ظهرت واختفت لعدم قدرتها على الاستمرا ر والمواجهة التى لم تتعد حملات الفيس بوك والبيانات الصحفية، بينما تتغيب هذه الكيانات الضعيفة عن الإسهام فى تغيير الواقع. ويرى عبد الحافظ أن هذه الكيانات قصيرة الأمد تؤثر على مصداقية المجتمع المدنى بشكل عام، وتقلل من التفاعلية المطلوبة من المواطن تجاه هذه الكيانات.
يرجع عبد الحافظ السبب فى ذلك إلى عدم وجود هيئة رقابية تضبط العمل الحقوقى فى مصر، إذ لا يوجد متابعون للمجتمع المدنى لتقييم الحملات والتأكد من قدرة المنظمات والكيانات عن القيام بدورها فى الشأن الذى تخصصت فيه، إلا أن حافظ يرى صعوبة فى إيجاد هذا الكيان الرقابى التنسيقى فى الوقت الحالى، مشيرا إلى أن التجربة الحقوقية فى مصر أثبتت فشل المجتمع المدنى فى التنسيق بين مؤسساته، قائلا "كيف نطالب مؤسسات لم تستطع أن تضمن حقوق العاملين فيها أو تتخذ موقفا واحدا تجاه قضايا كبرى، أن تنتخب فيما بينها جهة تنسيقية أو رقابية تضبط عملها"، والسبب حسب حافظ يرجع إلى شراسة المنافسة بين هذه المنظمات واختلاف خلفياتها السياسية ومصادر تمويلها بالإضافة إلى الصراع الإعلامى بينها.
ولم ينكر عبد الحافظ نجاح الكثير من الحملات والكيانات المتخصصة رافضا كون انتقاد الفكرة يؤدى إلى إجهاض نجاح الكثيرين، مثل حملة مناهضة التعذيب والختان والتحرش وغيرها، وبناء عليه فطبيعة العمل وإنجازات الكيان الحقوقى وحدها هى التى تضمن استقراراه وثباته.
منير مجاهد المسئول عن حركة مصريين ضد التميز الدينى، يرى أنه لا ضرر من تواجد هذه الكيانات المتخصصة الائتلافية، والتى تظهر استجابة لموقف أو حدث معين، ذاكرا أن هذه الكيانات الضعيفة بإمكانها أن تستقوى ببعضها البعض، مشيرا إلى أن ثبات هذه الكيانات وفاعليتها على أرض الواقع مرهون بجدية القائمين عليها وإيمانهم بالقضية التى تبنوها. ويضيف مجاهد أنه حتى لو كانت القضية أكبر من طاقة هذا الكيان الجديد فلا ضرر من المحاولة فلا توجد أدنى مشكلة فى ظهور لجنة لإنجاز عمل معين أو لمواجهة قضية معينة.
كما أكد مجاهد أن هذه الظاهرة صحية إلى حد كبير، وقال إنه من بين هذه المحاولات ستبرز كيانات قادرة على المواجهة والصمود، ولا عيب فى أن تفشل بعض الكيانات فطبيعى أن تكون هناك كيانات ناحجة وأخرى أقل نجاحا، ولكن الخطأ أن نتوقف عن المحاولة.
حملات وائتلافات ولجان تختفى بعد بيانها التأسيسى..
الكيانات الشعبية.. "شو" إعلامى أم محاولة للتغيير
الأربعاء، 06 يناير 2010 12:49 ص