كان يقف بعيدا ينتظر أفواج السياح التى تأتى تباعا، ظل منتظر طويلا، فالشمس حارقة والجو هادئ، لكنه لم ييأس، أخذ يحاول وينادى بكل ما أوتى من قوة: "عايزة تشوفى المقبرة من جوا تحبى تركبى جمل"، مستخدما كل اللغات التى تعلمها منذ مجيئه لهذا المكان، فأحيانا تسمع منه الفرنسية ومرة أخرى الأسبانية، إنه موسى إبراهيم، طفل صغير لم يتعد الثالثة عشرة، ويعمل فى منطقة الأهرامات منذ سنوات.
اعتاد موسى أن يعمل فى منطقة الأهرامات منذ فترة طويلة قبل وفاة أبيه، يقول: "أنا مولود هنا، وطول عمرى شغال مع أبويا فى المكان نفسه"، موسى كان يعمل مع أبيه فى تأجير الخيول والجمال للسياح، بعد أن ياتى من المدرسة، حيث يذهب صباحا ثم يعود لمساعدة أبيه فى العمل، وكان وقتها فى الصف السادس الابتدائى، ويقول: "كنت مبسوط أوى من الشغل وباخد فلوس كويسة أساعد أبويا وبعدين أروح"، وظل الوضع هكذا حتى توفى والده، وأصبح هو العائل الوحيد للأسرة، فترك الدراسة، يقول: "بقيت شايل مسئولية بيت بحاله أمى وأربع إخوات بنات"، يتحدث هنا موسى كأنه رجل مسئول، حينما سألته عن عمل أمه أو أى أخت من أخواته "مينفعش أمى وإخواتى البنات يشتغلوا وأنا موجود".
موسى يسكن فى الهرم بالقرب من منطقة عمله، ويأتى من الساعة السابعة صباحا لعمله، ثم يذهب فى الساعة الخامسة مساء، بعد أن تغلق المنطقة.
يحصل موسى على أجر جيد فى رأيه "بأخد حوالى 15 جنيها، فى اليوم بيكفونى أنا واخواتى وساعات ربنا بيكرمنى ببقشيش كويس".
موسى يتميز بالقدرة على حفظ العديد من المعلومات التاريخية عن الأهرامات والآثار الفرعونية الموجودة، فتجده يصطحبك ويتحدث عن تاريخ الأهرامات، وكيف تم بناء الهرم ومن قام ببنائه.
وعندما تسأله كيف تعرف على هذه المعلومات التاريخية قال "أنا من زمان وأنا هنا وبسمع كلام المرشدين مع السياح، وعرفت كل المعلومات دى منهم"، وعن التعامل مع السياح يوضح "أحسن الناس هنا هم العرب" علشان بيدونى بقشيش كتير مرة ادونى حوالى 800 جنيه بقشيش".
وعن أمنياته يقول "أنا نفسى بس ربنا يكرمنى أنا وإخواتى، ويبعد عننا الحكومة بأذاها"، ثم يذهب ليتمم رحلته الإرشادية مع فوج جديد من السياح.
