د. أشرف بلبع

شكرا سيادة الرئيس.. ولكن للأسف هذا لا يكفى

الثلاثاء، 26 يناير 2010 07:36 م

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
نشكرك سيادة الرئيس على مشاركتك المنكوبين من المصريين وهم كثيرون، ولكن هدا لا يكفى. فى الأيام القليلة الماضية نكبت مصر والمصريين مرتين. نكب النسيج الوطنى بجريمة نجع حمادى، ثم نكبت عدة مناطق بسيول مدمرة. لا يكفى علاجا لذلك أن نطيّب خاطر المتضررين، ولكن يجب أن يشتمل العلاج على رؤية تحليلية متعمقة للثقافة التى تؤدى لذلك، والخلفية التى تنبنى عليها هذه الأحداث، كما يجب قبل ذلك أن يكون هناك قرار واضح باحترام العلم فى هذا التحليل وبالالتزام بما يقترحه من علاج جذرى وليس تسكينيا.

الخلفيات البائسة التى أدت إلى هذه النكبات هى نفس الخلفيات التى أدت قبلا إلى فورات طائفية متكررة، وهى نفس خلفيات الإهمال وتفكك النظام العام لإدارة الحياة فى مصر التى أدت لنكبة السيول ومن قبلها حوادث القطارات والعبارة والزراعة بالصرف الصحى وتلوث مياه الشرب وأزمات رغيف العيش والبوتاجاز والأسمدة وغيرها كثير فى كل المجالات. أين هى الدولة القوية التى تواجه بقدرة على التغيير المدروس والقادرة على حزم إدارتها لحياة المصريين وصيانة آدميتهم. السؤال هو كيف ومتى؟

لنبدأ أولا فى النظر فى خلفيات النكبة الإجرامية ذات الصبغة الطائفية بنجع حمادى. فى كل مرة يتم تطييب الخواطر وأعمال القانون أو جلسات الصلح ثم إعلان أن كل شىء تمام. ولكن يحس القاصى والدانى من المصريين أن خلفية هذه الأحداث غير مستقرة، بل إن هناك وتيرة متصاعدة تحت الرماد وإذا نظرنا بشفافية نجد الحل واضحا، لكن وهنا القصور دائما، لا يتم مواجهته. الدولة لابد أن تكون قوية والمبدأ واحد على رؤوس المصريين جميعا وهذا المبدأ هو حقوق المواطنة المتساوية فى وطن واحد للجميع أما الدين فلله وحده. من غير المقبول مثلا فى هذة الخلفية العامة المغذية للتوتر أن تقابل الرغبة فى بناء الكنائس بصعوبات وتعقيدات لا تلاقيها المساجد ويضطر المصلون المسيحيون الذين ضاقت بهم كنائسهم لتخصيص منزل كدار عبادة غير مرخص فتثور الأحداث وتتدخل الدولة متأخرة كالعادة وتطيب الخواطر ثم ندور فى نفس الدائرة مكررا. هل هو صعب أن تزيل الدولة أى فروق بين المصريين بعمل جرىء حاسم يواجه الواقع تماما؟ لا يمكن أن تترك الدولة شريحة من المصريين مستنفرة بسبب عدم الإنصاف فى بعض شئونهم فيكون التجائهم للكنيسة وليس للدولة. الدولة لابد أن تكون منصفة لكل المصريين وهنا تصبح الدولة القوية هى ملجأ كل المصريين وسلطة الكنيسة يجب أن تظل دينية فقط. لمادا لا نواجه ولمادا لا نرى جدية فى التعامل مع الملفات الحرجة قبل استفحالها؟

عند النظر لنكبة السيول نجد أن القصة مكررة وأن مخرات السيول تم البناء عليها ولم تحترم وأن السبب ليس بعيدا عن مسمى الإهمال وضعف الدولة فى وقف العشوائيات فى كل مكان ليس بأجهزة الأمن ولكن بالتخطيط الذى يحترم العلم ويحافظ على مصالح المواطنين وآدميتهم . فى العريش تم بناء القرية الأوليمبية ومجمع محلات فى نطاق المخرات بالرغم من معارضة المتخصصين ولم تسمع صرخاتهم فى جو من الإهمال والعناد. بالمثل استوجبت حالة مبنى المعهد القومى للأورام إخلاءة فورا بعد عشرين عاما فقط من بنائه، مما أصاب كل مصرى عنده إحساس بالبسطاء الذين تكاتفت عليهم أثقال المرض والفقر معا بالهم والأسى. أين أصحاب هذا البلد ومن هم.

لمادا تفتقد دولتنا المواجهة والقدرة على التغيير والحسم ولماذا فقدنا الديناميكية وأصبحنا فى حالة رد فعل فى كل موقف. كيف تنتهى حالة التفكك ويصبح هناك ضابط ورابط وراء كل شىء ويكف المصريون عن قولتهم "البلد بلدهم" أى بلد الحكومة وليس لهم فيها.

إن مصر محتاجة لضخ دماء جديدة وتحتاج بشدة لتطبيق أسس النهضة التى توافق عليها العالم المتقدم ومن بينها الإنفاق بسخاء على تعليم حديث مستنير منضبط لنراكم أجيالا متشبعة بثقافة النهضة من مقتبل عمرها وإرساء جدى متكامل لأسس المنظومة الإدارية الحديثة فى إدارة كل جوانب الحياة فى بلدنا، بالإضافة للتداول الحر للسلطة والتمكين من الديمقراطية الحقة التى تسمح للشعب باختيار حكامة ومراقبتهم بممثلية وحساب الجميع من خلال انتخابات نزيهة. إن المجتمع الديمقراطى تنفتح فية المسارات التى تسمح لكل شكوى أن تمنع ظلما أو أن تمنع إهمالا وأن تصحح قصورا، ذلك أن به انتخابات حرة تجعل الشعب قادرا على العقاب إذا لم يسمع صوته، عندها يظهر أصحاب هدا البلد ليشاركوا ويكف الشعب عن قولته إن "البلد بلدهم". إن شفافية الدولة أمام كل مواطنيها فى ظل حقوق المواطنة المتساوية مع ما تعطيه الديمقراطية الحقة من شرعية غير مطعون فيها هو ما يجعل يد الدولة غير مهتزة وفى وضع القوة والحيوية فى كل مجال وأمام كل حدث بعيدا عن كل ترهل وتيبس. نريد مصر شابة ناهضة.





مشاركة




لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة