إسرائيل تبنى جدارا على الحدود مع مصر، (هذا شأن إسرائيلى).. هكذا كان الرد الدبلوماسى المصرى، مصر تبنى (سياجا)، (هذا شأن مصرى ولا دخل للفلسطينيين به)... هكذا أيضا كان الرد الدبلوماسى المصرى.
جورج جالاوى شخص غير مرغوب فيه.. ويقود قافلة من الصيّع (بتشديد الياء) على حد قول دبلوماسى مصرى سابق!!
قتلى وجرحى فى نجع حمادى.. (هذا شأن محلى لا شأن للعالم به)، وهذه أيضا تصريحات مصرية بعد إدانة بابا الفاتيكان لما حدث!
هذه هى عينة من الردود الإعلامية لكبار الساسة المصريين.. وكأننا نعيش فى قرية معزولة وكأن العالم لا يرانا ولا يتابعنا ويراقبنا ويساعدنا أيضا!!
العقلية المصرية فى إدارة الأزمات هى عقلية أمنية بالدرجة الأولى وهى عقلية تساوى بين سمعة مصر وسمعة وزارة أو نظام أو رجل أعمال، وهذا ما يثيرنى حقا، فالكل يتحدث عن مصر وسمعة مصر حين يتعلق الأمر بغزة أو الجدار أو التحرشات الطائفية، ولكنه لا يتحدث عن سمعة مصر ولا قيمة مصر ولا هيبة مصر عندما يتورط رجال أعمال مقربون من السلطة فى أعمال إجرامية أو صبيانية، على غرار ما حدث مؤخرا مع رجل الأعمال (يحيى الكومى) الذى أمر النائب العام بحفظ التحقيقات فى قضية اتهامه لسيدة أعمال سعودية بعد أن ملأ الدنيا ضجيجا، وظهر على كافة الفضائيات متهما إياها بأبشع التهم ومناديا بالانتصار لكرامة مصر ورجال أعمالها وعدم السماح لها بالخروج منتصرة!
كأن مصر كانت تخوض حربا ضد (خلود العنزى) تماما كما خاضت مصر (بجلالة قدرها) حربا ضد (جورج جالاوى) البرلمانى البريطانى الذى قاد قافلة لدعم وإغاثة سكان غزة...
كلها حروب يخوضها البعض باسم مصر ومصر منها بريئة فلا مصر بمستوى الكومى ولا مصر فى مقام أن تنازل وتصارع (جالاوى)، كما أنها لم تكن فى حالة حرب مع (الجزائر)، كما حاول بعض الإعلاميين المسيسين تصوير الأمر عقب مباراة كرة قدم خسرناها أمام فريق ضعيف هزمته (مالاوى) ثلاثة صفر فى كأس أفريقيا.
حين تختزل مصر ويتم تقزيمها وتصويرها على أنها تواجه قوى عظمى إسلامية بحجم (حماس)!!! أو قوى عظمى فى وزن (جالاوى) أو إمبراطورية كروية على غرار (فريق مرة القدم الجزائرى) أو أنها فى مواجهة مؤامرة إعلامية عربية من خلال (قناة الجزيرة )، فهناك إذن مشكلة كبيرة تتعلق برؤيتنا للأمن القومى..
وتثبت الأحدث الأخيرة أن هناك ضعفا عاما فى تقييم الموقف وفى تقدير حجم وأوزان القوى الموجودة فى المنطقة أو أن هناك صراعا داخل الكيانات المسئولة عن إدارة الموقف المصرى، وبالتالى يتم التعامل مع كل موقف (بالقطعة) فى ظل غياب رؤية موحدة.. وكل فريق بالطبع لديه أجنداته ومصالحه، ويمكننا إثبات ذلك من خلال مجموعة من الشواهد:
1) الأحداث التى تلت مباراة الجزائر تؤكد على أن هناك فريقا يحاول السيطرة على الأمور وتغيير الأحداث لصالحه بعيدا عن المصلحة القومية الكبرى، والدليل خروج السادة علاء وجمال مبارك للمناداة بالثأر والمطالبة بالنيل من الجزائر، فى الوقت الذى كان لمؤسسة الرئاسة رأى آخر، وبالتالى انتصرت إرادة مؤسسة الرئاسة، وما يتبعها من مؤسسات على إرادة مجموعة من الراغبين فى ركوب الموجة وتحويل رأى الأخوين علاء وجمال إلى رأى عام من خلال مجموعة من الإعلاميين الطامحين الذين التزموا الصمت فيما بعد.
2) ما حدث مع قافلة شريان الحياة يؤكد بلا شك أن قافلة الإعلام المسيّس فى مصر كانت بلا قائد، ويكفى أنه رغم كل الضجيج الذى أثاره بعض هؤلاء الإعلاميين فى التلفزيون المحلى وأتباعه إلا أن مقابلة واحدة لـ(جالاوى) على الجزيرة جاءت بالضربة القاضية لهذه القافلة الإعلامية التى تحركت بتعليمات وإشارات خاطئة فى وقت خاطئ، لتحقق أهدافا عكسية لصالح الآخرين وليس للمصلحة القومية العظمى. وإلا فماذا يعنى أن يقول رئيس تحرير جريدة قومية أن (إسرائيل كانت تقتل الجنود المصريين بالخطأ بينما تقتلهم حماس عن قصد)... (هل كان يعيى ما يقول).
3) فى مسألة شرعية الجدار من الناحية الدينية تحركت قوى فى اتجاه شيخ الأزهر، لكى يستخدم مجمع البحوث الإسلامية ليدلى بدلوه كما جرت العادة فى الشأن السياسى (الذى يطالب البعض بفصله عن الدين)، ولم يتوان الشيخ فى تقديم فتوى اعترض عليها كل علماء الأرض ليس لفساد الاستدلال، ولكن لآليته أيضا (يمكنكم قراءة دراسة للدكتور صلاح سلطان فى هذا الشأن)، ودون أن تدرى قدمت بعض القوى التى تبحث لها عن دور فى الساحة الداخلية لخصوم مصر فرصة ذهبية لتعريض سمعة مصر وأزهرها ومجلس بحوثها الإسلامى - وهى مصادر فخر - للتشويه.
4) ما حدث فى نجع حمادى مؤخرا من أحداث طائفية أو إجرامية ومحاولة الإعلام المصرى التهوين مما حدث عبر استحضار أرواح القيادات الدينية المستهلكة لتكرر على مسامعنا نفس القصص والحكايات والتأكيدات مع مجموعة مناشدات ألا (يتم نقل الموضوع للخارج)، وكأن الخارج أهم بكثير من المواطن الذى من حقه أن يعرف ويكون له دور، وكأن المصدر المركزى للمتحدثين قد وزع رسالة واحدة لا يجب التخلى عنها (فكروا فى الخارج.... عند الحديث عن القضية).
5) حين يغسل وزير الخارجية المصرى كما نشرت الشروق المصرية يديه من أى اعتداء مستقبلى على غزة من جانب إسرائيل بقوله إنه يتعين على حماس عدم استفزازها فى الوقت الذى قامت إسرائيل بقصف غزة قبل يومية، ولم تدن الخارجية المصرية هذا القصف رسميا.
6) النظام الذى شيع الجندى المصرى الذى قتل على الحدود رسميا ولم يشيع من ماتوا فى نجع حمادى بالمثل! فهل دم جندى الحدود أغلى وأعز من بقية المواطنين!! أم أنها السياسة والمناصب والبحث عن مكاسب ولو على جثث المصريين.
7) حين يحرم النظام عبر اتحاد الإذاعة والتليفزيون المواطنين من مشاهدة نهائيات كأس العالم ويعلن رئيس الاتحاد م.أسامة الشيخ أن (كرامة البلد أهم من الماتشات) فلا أفهم معنى وموضع الكرامة هنا فيما يتعلق بإذاعة مباريات كرة قدم عبر قناة منافسة سوى أن الأمر برمته سياسى ومرتبط بتعليمات جهات(ما) لها ثأر مع (قناة الجزيرة)، وتريد إقحام كرامتنا فى الموضوع.
8) فى كل الأحداث السابقة سوف نجد أن اسم الحزب الوطنى يتكرر بعيدا عن الأحزاب والقوى السياسية الأخرى وهى محاولة يراها البعض لأخذ (سوكسيه) ولو على جثة مصر والمواطن فى الوقت الذى تحتاج مصر إلى عقول مفكرة ومبدعة فإن قوى بعينها تحاول تصوير الأمر على أن هناك جهودا للحزب، وذلك لأغراض انتخابية لا تخفى على أحد، وإلا فليقل لى أحدهم كيف يسمح النظام للوفد أو التجمع أو الناصرى أو حتى الإخوان بصفتهم النيابية فى التحرك لاحتواء الأزمات المتتالية فى الوقت الذى يتم اتهامهم جميعا بأنهم ضد الوطن ومصالحه.
وأتساءل بأى حق يحضر الحزب الوطنى المناقشات التى دارت مع المسئولين عن قافلة شريان الحياة، ولماذا لم يدع ممثلو بقية الأحزاب! ولماذا يدع ممثلو الحزب إياه إلى الحوارات التى دارت بنجع حمادى ولم تدع بقية الأحزاب! والسؤال الأخطر ماذا حقق هؤلاء جميعا سوى الظهور الإعلامى تحت يافطة الحزب ولجنة السياسات ولا شىء عن مصر؟
فشلوا فى الحديث باسم مصر والدفاع عن قضاياه المركزية فى ضوء المصلحة الوطنية المتفق عليها وليس المصالح الفردية للبعض أفرادا وجماعات. فشلوا فى مواجهة الطرف الآخر بالحجة والقانون ولجئوا إلى السب والشتيمة؟ راجع مانشيتات الصحف القومية فى موضوع غزة وجالاوى.
فرضوا أنفسهم كوجوه كئيبة يتم التندر عليها عند ظهورها خصوصا أنهم غير مؤهلين إطلاقا لا شكلا ولا مضمونا، بل إن بعضهم سب الدين وهدد بضرب غزة!!! لقد كتبت وسأظل أكتب أن مصر الكبيرة ستظل كبيرة ويجب أن تكون كبيرة ولن تكون كبيرة إلا إذا أبعد الصغار عن الحديث عنها أو باسمها!!!
وأؤكد من جديد أنه لا حماس ولا جالاوى ولا إيران ولا سوريا ولا قناة الجزيرة! بإمكانهم استبدال مكانة مصر ولا النيل منها، لكننا نحن وبجهل أو عن سوء قصد ننال من أنفسنا.. راجعوا تصريحات ومداخلات رموز الحزب عبر الفضائيات العربية لتتأكدوا من هذه الحقيقة المؤلمة.
آخر السطر
قلبى على بلدى انفطر
وانشطر
واتعصر
وخاطرى انكسر
يا خلق هوووووه
حد يقول لحسام زكى
كفاية حرام
اسم مصر الكبير
بهدلتووووووووووووووووووووووو
لا توجد تعليقات على الخبر
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة