د.حمزة زوبع

فضيحة اليونسكو .. مصر بين الدولة القوية والسلطة الضعيفة

الأحد، 27 سبتمبر 2009 07:05 م

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
أثارت هزيمة فاروق حسنى فى انتخابات رئاسة اليونيسكو العديد من التساؤلات حول قدرة الدبلوماسية المصرية على التحرك وأخذ زمام المبادرة وكشفت كما كشفت ومواقف قبلها عن عوار واضح فى الأداء الدبلوماسى المصرى على الرغم من ادعاءت كبار المسئولين بأن دور مصر لايزال مؤثرا وفاعلا، بينما الجدال الحقيقى هو هل هذا الدور موجود فعليا أم أنه موجود فى خيال البعض؟!!!

عموما ليست هذه هى القضية، القضية هى محاولة البعض تصوير ما حدث على أنه انتصار لمصر الدولة على اعتبار أن مصر استطاعت أن تتحرك وتحشد تأييدا كبيرا؟ وأتساءل: إذا كانت الهزيمة نصرا فماذا نسمى الانتصار الحقيقى؟ أى ماذا نقول للمرشحة البلغارية؟ هل نقول لها مبروك ولكن بشروط؟ أم نقول لها إن انتصارك منقوص لأنك فزت بأغلبية ضئيلة؟
وإذا كان البعض يرى أن مصر الدولة انتصرت فأنا أتساءل مرة أخرى: وماذا عن بلغاريا هل انتصرت هى الأخرى أم مصر وبلغاريا وعلى الطريقة الكروية (حبايب)!!
البعض يريد أن يزايد على وطنية المعارضين للوزير وللدبلوماسية المصرية ويصور مواقفها على أنها نيل من مصر الدولة على هامش النيل من مصر السلطة؟ ولا أعرف معنى أن تكون الدولة قوية بينما مواقفها الدولية ضعيفة!
ولا أفهم كيف تكون الدولة قوية بينما دول أفريقية لا وزن لها لم تصوت لها، ودول عربية لا يعرف البعض موقعها على الخريطة إلا عبر الساتلايت يمكنها أن تدير ملفات قريبة من تلك الدولة (القوية)؟

أفهم أن الدولة القوية تكون سلطتها قوية وبمعنى آخر فكلما كانت السلطة قوية ولها وزن كلما انعكس ذلك على قوة ووزن الدولة، والعكس صحيح فالسلطة الضعيفة بإمكانها أن تمرمط تاريخ وقدرات أكبر دولة وتجعلها فى أسفل قائمة الدول والأمثلة كثيرة.
خذ مثلا دول جنوب شرق آسيا والتى لدى بعضها عمالة فى الخليج وانظر كيف تتصرف هذه الدول إذا تعرضت خادمة واحدة لانتهاك حقوقها؟ على الفور تجد تصريحات قوية لسفير تلك الدولة يلى ذلك تحرك فى المنظمات الدولية والإقليمية يلى ذلك إحراج للدولة المضيفة واضطرارها للاعتذار أو تحسين شروط التعامل والمعيشة لدرجة أن سفيرا لدولة من تلك الدول صرح فى دولة خليجية قائلاً: يمكننا سحب جميع الخدم فورا من (هنا) ولننظر كيف ستتصرفون؟
روسيا لا تسمح للغرب بالاقتراب من دول الاتحاد السوفيتى السابق وتضع شروطها على أمريكا والناتو وإن اضطرت للتدخل العسكرى كما حدث فى جورجيا!
السلطة القوية تعرف على وجه الدقة مصادر قوتها وتستخدم تلك المصادر خير استخدام لتنفيذ استراتيجيتها على الساحات المختلفة، والسلطة القوية لديها خطط عمل للتواجد والتأثير فى الساحة الإقليمية والعالمية ولا تتحرك فى نطاق ردة الفعل بل الفعل والمبادرة!
الدولة القوية تعرف أهمية المنظمات الإقليمية والعالمية لذا تسعى للوصول إلى رئاستها أو المراكز المهمة فيها ليكون صوتها موجودا دائما ولا تتحرك عند الضرورة وبعد فوات الأوان!
انظر يا صديقى إلى نهر النيل الذى كان مصدر قوة كيف تحول إلى مصدر ضعف على يد السلطة الضعيفة؟ من كان يسمع عن دور صهيونى فى القرن الأفريقى وفى حوض نهر النيل؟!!
كيف تأتى إسرائيل من هناك لتهيمن على منابع النيل وتستعدى علينا دولا كنا بالنسبة لها كالكعبة بالنسبة للمسلمين؟
إسرائيل تحاربنا فى اليونيسكو عبر اللوبى الصهيونى بينما نستقبل رئيس وزرائها على مائدة الإفطار؟ هل هذه هى الدبلوماسية الناعمة حقا؟!!
انظر يا عزيزى كيف تحولت قناة السويس المرفق الحيوى الرئيسى فى العالم من مصدر قوة للسياسة إلى نقطة ضغط على السلطة الضعيفة وبدلا من استثماره فى الضغط من أجل مزيد من المصالح وجدنا أنفسنا أمام مشروع إسرائيلى أردنى يهدد قناة السويس بعد أن استخدمت كممر للعدوان على الأصدقاء والأشقاء؟
انظر إلى ملايين المصريين فى الخارج وكيف تحولوا من مصدر قوة للتأثير فى البلدان التى يعيشون فيها إلى نقطة ضعف (ينهش فى لحمها) الصغير والكبير دون أن نتحرك أو نتحرك ببطء؟
الدولة القوية يلزمها سلطة قوية، ويمكننا أن نتجادل لمدة عام فى ذلك والحقيقة الباقية أن الدولة القوية التى تخسر مواقفها السابقة وتتراجع فى مؤشرات التنمية والنزاهة والشفافية تتحول إلى دولة هزيلة وضعيفة تتآكل بمرور الوقت كما تآكلت آثار الدول والحضارات.
لا أحد يجب أن يزايد على المعارضة أو المثقفين الوطنيين إن قالوا إن السلطة التى تسببت فى الخسارة يجب أن ترحل وهذا لا يعنى رحيل مصر؟ مش كده ولا إيه يا صديقى.
آخر السطر
قدم فاروق حسنى الرشوة للوبى الصهيونى بطريقة أو بأخرى، هذا ما ذكره سعيد اللاوندى وهو من هو!!
أليس من حقنا أن نعرف كيف ومتى ولحساب من؟ أم أن السؤال والتحقيق سوف ينال من قوة مصر الدولة أيضا؟






مشاركة






الرجوع الى أعلى الصفحة