قرية الجارة أو أم الصغير كما يطلق عليها أهل سيوة تلك القرية التى تقع فى وسط الصحراء بالقرب من منخفض القطارة، على مسافة لا تزيد عن 350 كم من سيوة ويتشابه تاريخها مع قصة على بابا والأربعين حرامى التى دارت أحداثها على أرض بغداد فى عهد الدولة العباسية.
"افتح يا سمسم" كان السر الذى اكتشفه على بابا واستطاع من خلاله أن يدخل المغارة إلا أن الدخول إلى الجارة يبدو أصعب من ذلك حيث يستلزم استئذان شيخ القبيلة وتصريح خاص من حرس الحدود رغم أنها لا تقع فى أى منطقة حدودية لكنها تعد أهم و أكبر خطوط التهريب الدولية فى مصر حسبما أكد جنود حرس الحدود فى ثلاث نقاط حدودية فى الطريق من سيوه إلى الجارة خاصة أنها كانت من أهم خطوط القوافل التى تمر من الشرق إلى الغرب.
أما مغارة على بابا فيمكن أن نشبهها بـ"شالى" "مدينة التراب" تلك القلعة الحصينة التى كان يسكنها أربعون رجلا من قطاع الطرق، والذين وضعوا تصميما خاصا لها يجعل منها مدينة متكاملة يحتمون خلف أسوارها ويخزنون بها الكنوز التى يسرقونها من القوافل التى تعبر من ذلك الطريق.
ولا تنتهى الأساطير عند "شالى" حيث يؤكد الباحث الأنثربولوجى محمد فوزى الجمال أن هناك رواية بأن الأربعين حرامى قطعوا الطريق على أحد التجار من المغرب أو موريتانيا حيث استولوا على القافلة كاملة وعندها دعا عليهم صاحب القافلة بأن يعيشوا منعزلين لا يزيد عددهم أو ينقص وهو ما تحقق بالفعل حيث ظلت القرية لسنوات طويلة لا يزيد عدد سكانها ولا يقل عن 400، فكل حالة ولادة يقابلها فى وقت متقارب حالة وفاة.
المهدى حمزة شيخ قبيلة الجارة أكد أن عدد السكان لم يعد ثابتا كما كان الحال فى الماضى مشيرا إلى أن عدد سكان الجارة فى الوقت الحالى 450 فردا.
على مشارف الجارة، تبدو من بعيد المدرسة الوحيدة الموجودة فى القرية، فى حين يوجد أقرب مستشفى فى مطروح على بعد 150 كيلومترا من الجارة وتمر عربة طبية متنقلة كل 16 يوما، أما الشخص الوحيد المهتم بصحة أهالى القرية هى عائشة الداية الرسمية والتى ورثت تلك المهنة عن أمها وجدتها.
تزوجت عائشة وهى لم تتجاوز الرابعة عشرة من عمرها وأنجبت أولادها جميعا قبل وفاة والدتها التى كانت الداية الوحيدة فى ذلك الوقت لتواصل بعد وفاة والدتها مهمة توليد نساء القرية تقول: "نادرا ما تموت واحدة أثناء الولادة وفى حالة الولادة المتعسرة، تأخذها إلى مستشفى مطروح العام حيث تتلقى تدريبا على الولادة على يد مجموعة من الأطباء".
القانون الأخير الصادر لرفع سن الزواج لـ18 سنة للشاب والفتاة أبعد ما يكون عن التطبيق فى سيوة وخاصة فى قرية الجارة حيث تتزوج الفتاة بمجرد بلوغها سن الرابعة عشرة ويتم توثيق الزواج بعد أن تبلغ الثامنة عشرة من عمرها ويمكن أن تتزوج وتطلق دون أن توثق ذلك حيث تحمى الأعراف حقوق المرأة فلا يستطيع أى رجل إنكار زواجه من امرأة.
لم تدخل الكهرباء هذه القرية إلا فى عام 1986 ولعدد ساعات محدودة لا تتجاوز الأربع ساعات ليلا لذلك لا يشاهدون التليفزيون ولا تعمل الأجهزة الكهربائية إلا ليلا، ويلفت نظرك وجود أطباق استقبال قمر صناعى فوق أسطح المنازل الطينية وأجهزة كهربائية مثل الغسالات والثلاجات والتى لا تستخدم كثيرا لعدم و جود كهرباء إلا لساعات معدودة خلال الليل.
القرية تعانى من عدم امتداد شبكة التليفون المحمول أو العادى إليها إلا أن المدهش أن بعض شباب القرية يحمل هواتف محمولة يستخدمونها فى الاستماع إلى الأغانى.
محررة اليوم السابع تجلس مع شيخ القبيلة فى قرية الجارة
لا توجد تعليقات على الخبر
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة