كان مسلسل "الطارق" للمخرج أحمد صقر هو بداية العلاقة بين الدراما المصرية والسورية فى الفترة الأخيرة، حيث ضم العمل أبرز نجوم الدراما السورية، وكان بطاقة التعارف بين جومانة مراد والجمهور المصرى.
بعدها سرعان ما تدفقت العناصر السورية داخل الدراما المصرية، مثل جمال سليمان أيمن زيدان وباسم ياخور، ولكن كانت إدارة العمل مصرية، و كان مسلسل الملك فاروق بداية دخول عناصر ما وراء الكاميرا إلى الدراما المصرية من إخراج وتصوير.
وكان النجاح الكبير الذى حققه حاتم على فى مسلسل الملك فاروق والذى أدهشنا جميعا من المستوى التقنى وجودة الصورة، هو نقطة تحول الاستعانة بالمخرجين السوريين إلى موضة فى المسلسلات المصرية، وحدث غزو سورى للدراما المصرية جاء خلاله محمد عزيزية وباسل الخطيب وزهير قانوع العام الماضى، أما هذا العام فقدم محمد عزيزية "صدق وعده"، ورشا شربتجى "ابن الأرندلى"، وباسل الخطيب "أدهم الشرقاوى" ومحمد زهير "قلبى دليلى".
و لكن المستوى الردىء الذى ظهر عليه مخرجو سوريا هذا العام أكد أنهم لم يكونوا أكثر من مجرد موضة وراحت عليها، فهم كانوا نقاط الضعف الوحيدة فى أعمالهم هذا العام و يتحملون بمفردهم هبوط مستوى مسلسلاتهم، وفى المقدمة رشا شربتجى التى قدمت مستوى إخراجى يفتقد لأول قواعد الإخراج، فإيقاع المشاهد غير متوازن والقطع أثناء المونتاج به العديد من الأخطاء لا يقع فيها طالب فى معهد السينما، والقطع المفاجئ للمشاهد يسبب حالة من الإزعاج البصرى للمشاهد، كما أن الجو الذى اختارته للصورة من الألوان الدافئة والإضاءة الخافتة قد يناسب مسلسلا تراجيديا مثل شرف فتح الباب، ولكن لا يناسب مسلسلا من المفروض أن له طابعا كوميديا فى معظم أحداثه.
أما محمد عزيزية فكان لديه فرصة العمر أن يقدم أعظم مسلسل دينى فى تاريخ الدراما العربية كلها فكان بين يديه فى مسلسل صدق وعده نصا كتبه عثمان حجى عن قصة الراحل عبد السلام أمين، ولكن حالة الزحام بين المشاهد والأشخاص وتشابه أماكن التصوير ومواقعه خلقت حالة من التكرار الذى يبعث على السأم رغم أنه كان من الممكن أن يخلق مسلسلا سينمائيا بسبب طبيعة القصة الغرامية التى يدور حولها المسلسل.
أما محمد زهير مخرج قلبى دليلى فهو لم يقدم عملا سيئا فحسب بل أصاب المشاهدين من عشاق قيثارة الغناء بصدمة أحزنتهم طوال الحلقات، عندما حاول الاعتماد على المؤثرات البصرية والملابس وعمل صورة دافئة الألوان وذلك على حساب عمق المشاهد التى كانت تسير بلا بداية وذروة وحل ونهاية كما تقول قواعد الدراما، فهو على مدى المسلسل اعتمد على السرد الدرامى كسيرة ذاتية ولم يضعنا أمام أحاسيس إنسانية من الممكن أن نجدها داخل فنانة مليئة بالأحاسيس مثل ليلى مراد.
أما باسل الخطيب فى مسلسل أدهم الشرقاوى كان مقلبا ساخنا للمنتج والجمهور الذى كان يضع عليه أملا كبيرا فى أن يعيد صياغة حياة أدهم الشرقاوى مرة أخرى بعد أن قدمها عزت العلايلى قبل أعوام كثيرة، وكنا ننتظر التقنيات الحديثة فى مشاهد الحركة التى تمتلئ بها حياة البطل الشعبى، ولكن السذاجة التى ظهرت بها مشاهد التفجيرات والحركة أكدت أن أقل مخرج فى مصر كان من الممكن أن يقدم هذا المسلسل أعظم من ذلك بكثير.
والمفاجأة هذا العام ظهور مخرجين من المنتظر أن يكونوا الأهم بين أهم مخرجى الدراما المصرية هما غادة سليم مخرجة خاص جدا ومريم أبو عوف مخرجة حكايات وبنعيشها وحسنى صالح مخرج الرحايا، فقد استطاعوا أن يحققوا المعادلة الصعبة فى صناعة الصورة الدرامية المناسبة لمواضيع مسلسلاتهم وهو ما كنا نفتقده فى المخرجين المصريين وخرجنا للبحث عنه لدى السوريين الذين خذلونا ولم يقدموا أى شىء هذا العام.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة