لوفيجارو: مصر وإسرائيل تديران معركة نهر النيل

الخميس، 10 سبتمبر 2009 03:21 م
لوفيجارو: مصر وإسرائيل تديران معركة نهر النيل مصر وإسرائيل تديران معركة "النيل"
إعداد ديرا موريس

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
تثير حملة الإغراء التى تقودها حاليا تل أبيب لجذب الدول الأفريقية قلق مصر، التى لا تريد أن تُطرح من جديد مسألة تقسيم مياه نهر النيل. هذا ما ذهبت إليه صحيفة "لوفيجارو" الفرنسية فى تعليقها على جولة وزير الخارجية الإسرائيلى فى دول حوض النيل، مشيرة إلى أن إسرائيل التى تضع نصب أعينها مياه نهر النيل، والتى تعلمت جيدا الدرس من إخفاقاتها السابقة فى الحصول عليها، ربما أنها تستعد اليوم لمحاولة جديدة.

تقول الصحيفة إن الجولة التى يقوم بها وزير الخارجية الإسرائيلى أفيجدور ليبرمان فى دول حوض النيل حاليا، فى كل من أثيوبيا وكينيا وأوغندا، لا تمر مرور الكرام فى القاهرة، التى ترى فيها "تهديد لاستقرار مصر"، و "تهديد للأمن القومى" أو أيضا "تطور خطير" فى الأوضاع. إذ تمثل هذه المبادرة – التى هى الأولى من نوعها منذ خمسة وعشرين عاما – بالنسبة إلى مصر مناوشة جديدة فى حرب المياه التى تكمن فى الشرق الأوسط، والتى قد تنشأ إحدى معاركها الرئيسية فى قلب أفريقيا.

وتشير الصحيفة إلى "البارانويا" التى تتربص بالجانب المصرى حيال الجولة التى يقوم بها وزير الخارجية الإسرائيلى، وهو ما يعكسه تحذير وزير الرى محمد نصر علام : "إسرائيل لن تتردد فى تقديم النصيحة لإثيوبيا ببناء سدود على مجرى نهر النيل"، مذكرا بأن 80 ٪ من المياه المتدفقة فى القاهرة تأتى من النيل الأزرق ومنبعه إثيوبيا.

وتلاحظ الصحيفة أن مصر تأخذ هذه المسألة على محمل الجد الآن وفيما مضى، حتى أن الرئيس السادات هدد فى 1978 بإعلان الحرب ضد أديس أبابا إذا لم تتنازل عن فكرة مشروع إنشاء سد على بحيرة تانا.

وتؤكد الصحيفة أن هذه المسألة تشكل بالنسبة لمصر مسألة حياة أو موت، لاسيما وأن 95 ٪ من احتياجاتها من المياه تأتى من نهر النيل، فى الوقت الذى تتمتع فيه على العكس بلدان أفريقيا الوسطى بالأمطار الغزيرة، التى يضيع جزء كبير منها فى المستنقعات غير المستخدمة. وهو الأمر الذى جعل الآراء فى القاهرة تذهب إلى أنه قبل مطالبة مصر ببذل جهود بهذا الشأن، يتحتم فى البداية على دول حوض النيل العمل على ترشيد استخدام المياه.

إذ تشير الصحيفة إلى أن الجولة الإسرائيلية تتزامن فى الواقع مع مطالبة بلدان حوض النيل فى جنوب أفريقيا، وعلى رأسها إثيوبيا وكينيا، بإعادة تقسيم مياه النيل فيما بينها. حيث تخصص المعاهدة الحالية، التى تمت صياغتها فى 1929 من قبل السلطة الاستعمارية البريطانية، ثم خضعت للتعديل بعد ذلك بثلاثين عاما، حصص مواتية جدا لمصر (55 مليار متر مكعب) وللسودان (18 مليار متر مكعب). كما تمنح المعاهدة لمصر حق الاعتراض على أى القيام بأى مشروعات يحتمل أن تؤثر على تدفق النهر.


وتضيف الصحيفة أن أحد المصادر الأخرى لتخوف مصر يكمن فى احتمال انفصال جنوب السودان، لاسيما وأنه من المنتظر إجراء استفتاء حول حق تقرير المصير فى 2011. وهو ما يعلق عليه أحد المسئولين المصريين قائلا : "إننا لا نريد أن نفسح المجال للقوى الأجنبية التى تشجع على استقلال جنوب السودان مثل الولايات المتحدة وإسرائيل". وقد وعد الرئيس مبارك العام الماضى خلال أول زيارة يقوم بها رئيس مصرى إلى جوبا منذ 1962 بتوسيع الاستثمارات المصرية فيها.

تخلص الصحيفة إلى أن صراع النفوذ بين مصر وإسرائيل يدور على أقصى مدى. ففى حين تقوم القاهرة بتمويل حفر الآبار فى كينيا أو تنظيف البحيرات فى أوغندا، تشارك تل أبيب فى بناء السدود فى إثيوبيا وتتعهد بتمويل ثلاثة مشروعات أخرى فى أوغندا. إن هذا النوع من "إغراء" البلدان الأفريقية يتجاوز بكثير مجرد كونه منافسة دبلوماسية. فبالنسبة لإسرائيل، يتمثل المحك الأساسى فى الولوج إلى مياه النيل، هذا الكنز الذى توصله بالفعل قناة السلام التى حفرتها مصر لرى شمال سيناء، حتى باب إسرائيل.

وهى ليست بالفكرة الجديدة، بما أن تيودور هرتزل كان قد سبق وتطلع إليها. وفى 1974 قوبلت فكرة مشروع عودة القدس الشرقية للفلسطينيين مقابل حصول إسرائيل سنويا على 840 مليون متر مكعب - وهو ما كان يكفى لتغطية الاحتياجات المائية لإسرائيل فى ذلك الوقت – بالرفض من قبل إثيوبيا والسودان وأيضا رئيس الوزراء الإسرائيلى مناحم بيجن. وبعد خمس سنوات حاولت إسرائيل مرة أخرى إعادة التجربة بعد توقيع معاهدة السلام فى كامب ديفيد، إلا أن مصر قد اعترضت، بحجة أن مثل هذا القرار يتطلب موافقة جميع الدول حوض النيل.
لقد تعلمت إسرائيل الدرس جيدا وربما أنها تستعد للهجوم القادم.






مشاركة






الرجوع الى أعلى الصفحة