إعلان خبر مقتل مدير إدارة البحث الجنائى بمحافظة السويس اللواء إبراهيم عبد المعبود على يد مسجل خطر تجارة مخدرات خلال مطاردته، والذى أطلق على اللواء الراحل 8 طلقات نارية أدت لوفاته، يعد مؤشرا وإنذارا لما يحدث بالشارع المصرى من تزايد البلطجة التى لم تعد تفرق بين مواطن عادى، أو رجل شرطة يؤدى دوره فى القبض على المجرمين.
مشاعر الغضب والاستياء كانت السمة الغالبة لدى الخبراء الأمنيين الذين أعلنوا لليوم السابع، أن ما حدث لن يتوقف، وإنما سيزداد باتساع المساحة بين المواطنين وجهاز الشرطة.
حوادث البلطجة على ضباط الشرطة موجودة بالفعل، تشهد عليها أرقام المحاضر وأوراق التحقيقات بالنيابات المختلفة، فمنذ أيام قليلة، قررت نيابة الهرم تجديد حبس طالبين 15 يوما لتعديهما على ضابط شرطة بالضرب والسب، عندما طلب منهما إبراز رخصة القيادة، بعد أن حدثت مشادة كلامية بينهم تطورت إلى مشاجرة، أصيب فيها ضابط الشرطة بكسر فى ذراعه الأيمن، وقبل ذلك بشهرين تقريباً، قررت ذات النيابة تجديد حبس أحد الأشخاص لاعتدائه على ضابط شرطة سياحة استوقفه لتفتيشه، مما دفع المتهم إلى استخراج شفرة حادة كانت بحوزته وتهديد الضابط بها، ممزقا ملابسه.
حدوث إصابات الضباط أثناء تأدية عملهم أمر طبيعى، لكن أن يتم اختطاف رجل شرطة وسرقته فهو أمر يحتاج للتوقف، وهو ما حدث بمنتصف مايو الماضى، عندما اختطف عدد من الأشخاص ضابط شرطة بالمنصورة تحت تهديد السلاح الأبيض من أمام قرية ميت مزاح لسرقته، ليتم القبض عليهم وإحالتهم للمحاكمة.
النقيب أحمد عبد اللطيف سليمان من قطاع الأمن المركزى، أحد ضحايا الواجب، والبلطجة، والذى قتل على أيديهم بطلق نارى، فجر 18 مارس الماضى، أثناء مشاركته فى حملة أمنية بالقليوبية للقضاء على تجار مخدرات بمنطقة الجعافرة بشبين القناطر، يعد نموذجا بارز لما يحدث مؤخرا فى حق رجال الشرطة من انتهاكات من المسجلين وعتاة المجرمين. "غياب اللياقة البدنية، والكثافة الأمنية المتواجدة بالشارع دون فاعلية، سببان كافيان لفقدان رجل الشرطة لهيبته"، عبارة لخص بها اللواء محمد عبد الغفار الخبير الأمنى السياسى، بلطجة المجرمين على رجال الشرطة، مشيرا إلى أنه قديما لم نكن نرى رجل شرطة "بكرش"، أو بدينا، أما الآن فطبيعى أن نرى ضابط ذا رتبة بدينا، فاقدا للياقته البدنية، فكيف سيتعامل قتاليا مع المجرمين إذا شن حملة عليهم كما يحدث.
اللواء محمد عبد الغفار، ذكر أيضا أن تجاوزات عدد من صغار الضباط فى تطبيق القانون، وتعسفهم فى استغلال سلطاتهم، خلقت جوا مشحونا بين جهاز الشرطة والمواطن، خاصة المجرم الذى يلاقى المهانة والتعذيب على يد الضباط، والتى يمكن تداركها بالطبع إذا كان الضابط مدربا تدريبا يجعله قادرا على استخدام سلاحه، وأداء حركات رياضية، وقتالية ببراعة وسهولة، تعلن تبعيته لجهاز قوى، إلا أنه للأسف كيف يطارد ضابط بدين مجرم عتيد الإجرام، ليطالب الخبير الأمنى بدوره تفعيل الدورات التى تقوم بها وزارة الداخلية من وقت لآخر لجميع القيادات والضباط لضمان كفاءتهم، ومواجهتهم للمواقف الصعبة.
اللواء محمد حسين كامل مساعد مدير أمن أسيوط الأسبق، يرى أن الاعتداءات التى وقعت فى حق رجال الشرطة لا تشكل ظاهرة بعينها لكنها عبارة عن حالات فردية وقعت فى حق بعض الشرطيين، نتيجة ظروف خاصة بالواقعة نفسها ليست متعلقة بأسباب عامة، فرجل الشرطة معرض للموت فى كل لحظة نتيجة تعامله مع أفراد خطرين وخارجين عن القانون، ولا يمكن أن تعبر هذه الحوادث عن وجود خلل أو انهيار فى الجهاز الأمنى، لكنها ضريبة تفرض على العاملين فى هذه المهنة، وعن بعض التجاوزات التى تسبب فيها بعض رجال الشرطة، يرى اللواء كامل أنها من الممكن أن تكون هى التى خلقت الفجوة الكبيرة بين المجتمع والشرطة، وجعلتها فى حالة انعزال تام نتج عنه عدم تقدير المواطن للدور الذى تقوم به فى توفير غطاء أمنى لجميع طوائف المجتمع.
بينما أكد اللواء محمود قطرى وجود الفجوة بين المواطن العادى ورجل الشرطة بسبب الانتهاكات التى تقوم بها فئة منهم، فما بالها وبين الضابط والبلطجى ومسجل الخطر، الذى تزداد سطوتهم يوما بعد يوم، وتمكنهم من تكوين تشكيلات عصابية قوية ومنظمة، تمتلك الأسلحة والعدة للتصدى لرجال الشرطة، بالإضافة إلى السياسة الفاسدة والفلسفة الخاطئة التى تنتهجها قيادات الشرطة لمحاولة إرساء الوضع الأمنى من خلال وضع خطط إصلاحية بطيئة وغير إيجابية.
وذكر قطرى دليلا على زيادة سطوة وقوة المجرمين، حيث أخبره بعض الضباط بقيام بعض المسجلين خطر، بمهاجمة مكاتبهم والتعدى عليهم فى دلالة على انهيار دور رجال الشرطة مع زيادة قوة الدور الإجرامى فى المجتمع، وأن العدائية الشخصية الشديدة التى ظهرت ملامحها فى المرحلة الأخيرة بينهما نتيجة التجاوزات التى مثلها رجل الشرطة فى حقوق المتهمين، فمن الطبيعى أن يطارد رجل الشرطة المجرم، لكن من غير المنطقى هو مطاردة المجرم ونيله من الضابط لتتغير العلاقة بين الطرفين من علاقة معاقبة المجرم قانونا، إلى معاقبته بوسائل تبعد كل البعد عن معنى الإنسانية، بالإضافة إلى تلفيق التهم والاعتداء على أقارب المتهم للتوصل إلى معلومة ما.
من هنا ظهرت الحوادث الثأرية التى راح ضحيتها العديد من أفراد الشرطة والتى لن تتوقف، ولن تعود الهيبة لرجال الشرطة إلا بالالتزام بالدور الذى نشئت لأجله فى حماية المجتمع بالوسائل التى شرعها القانون.
تشييع جنازة مدير مباحث السويس عصر اليوم
خبراء أمنيون: التواجد الأمنى المكثف .. وأزمة الثقة بين المواطن ورجل الشرطة سبب انتشار البلطجة
وفاة مدير مباحث السويس على يد تاجر مخدرات
إصابة 3 ضباط شرطة بالسويس على أيدى تجار مخدرات
خبراء: الانتشار الأمنى السىء.. وأزمة الثقة بين المواطن ورجل الشرطة سبب انتشار البلطجة
الخميس، 10 سبتمبر 2009 03:43 م