محمد رفعت

بلد مهرجانات صحيح!

الأربعاء، 05 أغسطس 2009 10:31 ص

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
لأننا شعب فرحان على طول، ومبتهج دائماً.. ولأننا أصبحنا نتعامل مع مشاكلنا الحقيقية من أمية وبطالة وفساد وفقر على أنها قضايا مزمنة وبلا حل، رغم كثرة الكلام فيها والحديث عنها، لذلك فقد أصبحنا ملوك العالم فى المهرجانات والتظاهرات والاحتفالات بلا منافس أو منازع، ننفق عليها ببذخ ونقيم لها الليالى الساهرة فى كبريات الفنادق والقاعات، ونستضيف لها المدعوين والمشاركين من كل صوب وحدب، ولا نبخل عليها أو عليهم بشىء من دخلنا المحدود وميزانياتنا المرهقة بالعجز والديون.. لكن كل شىء يهون من أجل الريادة والسيادة.. وهل "لمة" الفضائيات والوكالات والعدسات علينا بالشىء الهين؟.. لا وألف لا.. وما يحتاجه "الشو" الإعلامى و"المنظرة" الدولية، و"الفشخرة" العربية يحرم على الجامع والمدرسة.. ويعنى هيه شوية الملايين التى ننفقها على مهرجانات الفن ودورات الرياضة هى التى ستزيد من فقرنا وتعمق من تخلفنا.. يا عالم بلاش تهويل.. وكفاية قر يا ناس يا شر، ولعن الله حزب أعداء النجاح الذين "يزنون" علينا بأحاديث الترشيد ومد اللحاف على قدر الأقدام.. فنحن هوليوود الشرق وقبلة الراغبين فى الاغتراف من "أنجر" الشهرة والفلوس من المحيط إلى الخليج.. وبالعند فيهم، وفيمن يحذو حذوهم من الحاسدين والحاقدين.. وبدأ انفجار ماسورة المهرجانات هذا الصيف بمهرجان الإسكندرية السينمائى، وبعد رمضان لدينا ثلاثة مهرجانات فنية أخرى فى الطريق، وهى بالتقاطع والتوازى، مهرجان الإعلام العربى، ومهرجان القاهرة السينمائى الدولى، ومهرجان السينما المستقلة.. لأ وإيه.. بعد أيام قليلة من ختام مهرجان الموسيقى العربية، وأيام أكثر شوية من انتهاء مهرجان الفيديو كليب، ومهرجان المسرح التجريبى.. وطبعاً لا ننسى فى خضم ذلك مهرجان الإسماعيلية للفنون الشعبية بكل ما يصاحبه من دعاية وصواريخ وألعاب نارية، ورقص وطبل وزمر وغناء واستعراضات.. واللى مش عاجبه، يبحث عن مهرجانات أخرى شعبية لا تنقطع فى صورة موالد تنتشر من بحرى إلى الصعيد، وتشهد هى الأخرى حالة شبيهة من غياب الوعى، وتغييب العقل، والترويح عن النفس بمسرح الأراجوز، ودوائر الذكر، وحلقات الزار، وملاهى الفقراء الباحثين عن الصخب والضجيج فى "ديسكوهات" شعبية تختلف فى الشكل وتتفق فى الفكرة والمضمون مع تركيبة شعب مغرم بالهرج والمرج، مجبول على النشوة بالضجيج والصخب والصوت العالى والموسيقى الزاعقة، ومعتاد على الاحتفال بمناسبة وبدون مناسبة من "سبوع" المولود وطهور "الواد" و"حنة" البنت، وزفة العريس، مهما شح الرزق، وقصرت ذات اليد.. فالجودة بالموجود.. والمهم أن نصفق ونغنى ونرقص ونلتقط الصور ونستقبل "المعازيم" فالناس على دين ملوكهم. والملوك ملوا الحديث عن ربط الحزام، وسياسات التقشف، وهموم السياسة، ووجع الدماغ، ويريدون أن يفرحوا هم أيضا بالشعب ومع الشعب.. وإذا كانت الأمم الراقية تضحك علينا وعلى عجزنا عن النمو والنهوض فى عالم لا يرحم اللاهين ولا يعترف بالكسالى المغيبين، فلا أقل من أن نثبت لهم أننا أجدع ناس بل وأجدع منهم، ونعرض أفلامهم ونستضيف نجومهم ونمنحهم الجوائز والنياشين، ونكتفى نحن بمسابقة فرعية على الهامش ننافس فيها أنفسنا لأننا لا نرقى لمنافستهم، ولا نقدر على التبارى معهم.. ويصعد الوزير على خشبة مسرح الأوبرا ليبتسم للعدسات، ويصافح النجوم والمكرمين ويعلن نهاية المولد السينمائى ليبدأ مولد آخر.. وكل عام وأنتم بخير!





مشاركة






الرجوع الى أعلى الصفحة