الدكتور أحمد درويش، وزير الدولة للتنمية الإدارية، وزير نشط جدا.. فى الكلام.. فتصريحاته لا تخلو منها الصحف اليومية على وجه الإطلاق، ويكاد يكون أكثر الوزراء إطلاقا للتصريحات من العيار الثقيل مثل دانة المدفعية.. فهو أكثر وزير يتحدث عن الفساد الإدارى والواسطة والمحسوبية،.. وهو أيضا راعى مشروع الحكومة الإلكترونية وتحديث الجهاز الإدارى للدولة.
الغريب أن الدكتور أحمد كلام الشهير بأحمد درويش، هو المسئول عن القضاء على الفساد الإدارى، ليس بمنطق القبض على المرتشين والمبحبحين، وإنما بإعادة هيكلة النظام الإدارى بما يرفع من مستوى دخول الموظفين، ويقضى على الرشوة وفتح الدرج وتفتيح الدماغ والجيوب وأشياء أخرى.
وكان مفترضا من الدكتور أحمد كلام مع بداية توليه مهام منصبه السعيد إعداد مشروع قانون الوظيفة العامة وإحالته لمجلس الوزراء ثم قسم الفتوى والتشريع بمجلس الدولة.. وكلنا نتذكر كيف اعترض قسم الفتوى والتشريع على بعض بنود مشروع الدكتور أحمد كلام لتعارضه مع الدستور وقوانين العمل والمواثيق الدولية.. وبدلا من أن يقوم الدكتور كلام بإصلاح مشروع القانون أعاده إلى الدرج وهات يا كلام عن القضاء على الفساد والواسطة والمحسوبية على اعتبار إن الكلام الحلو ما يتشبعش منه!
ونتيجة لأن السيد الوزير عاشق الكلام متفرغ للتصريحات فقد توالت المظاهرات والإضرابات والاعتصامات والاحتجاجات الحكومية من كل شكل ونوع ولون.. لا لسبب غير أن السيد الوزير لا يريد إعاداد مشروع قانون واحد ينصف الناس الغلابة.. وقرر بدلا من ذلك أن تقضيها الدولة كادرات!
وهذا يعنى أن كل فئة تتظاهر أو تعتصم أو تتعصب وتجتمع فى الشوارع، يمكنها أن تفرض رايها ومطالبها على الحكومة وتخرج منها بكادر خاص أو حوافز جديدة أو مكافآت تميزها عن غيرها من الفئات.. هكذا فعل المعلمون.. وهكذا نال الأطباء بعض المطالب الجزئية وهاهم يصعدون للوصول إلى الكادر.. وهو ما فعله موظفو الضرائب العقارية أيضا ودخلوا على كادر موظفى الضرائب العامة.
وحتى يمتنع السيد الوزير أحمد كلام "درويش" عن الكلام المباح وغير المباح.. ويقرر الصيام عن التصريحات.. والنظر بجدية لستة ملايين موظف حكومى يشكلون أكبر جيش من العاملين المدنيين فى أى دولة فى العالم.. وحتى يصدر قانون الوظيفة المدنية.. وحتى نشهد مساواة بين جميع العاملين والموظفين.. وحتى ترفع دخول الموظفين الغلابة.. ستظل المظاهرات والاحتجاجات فى الشوارع.. وتصريحات السيد وزير التنمية الإدارية فى الصحف.. وأهو كلام ابن عم حديث!