تمخض الجبل فولد فأراً، هذا هو ما يمكن أن نطلقه على التطوير الشكلى للتليفزيون المصرى الذى كلف خزينة الدولة ملايين الدولارات، ليختزل هذا التطوير فى لوجو ومقطوعة موسيقية وبروموهات جديدة، أو اسم جديد، مثلما حصل فى قناة «النيل للأخبار» التى تغير اسمها الى قناة مصر الإخبارية، كما تم تغيير شكل الديكور، مع وجود نفس البرامج بل وأحيانا يتم بث حلقات قديمة، وكان وزير الإعلام أنس الفقى قد صرح مؤخراً بأن مرحلة التطوير قد اكتملت وأنه فى الفترة المقبلة ينظر إلى مرحلة ما بعد التطوير، دون أن ينظر إلى آخر الإحصائيات التى تؤكد أن التليفزيون المصرى فقد جزءاً كبيراً من مشاهديه لعدم انضباط خريطته ونقص عناصر الترفيه فيه، كما أن الباقة الموجودة على البث الأرضى لا تقدم غير الإنتاج القديم.
والمفارقة أنه بعد التطوير لن يتم عرض إلا 10 % فقط من مسلسلات رمضان التى أنتجت فى جهات الإنتاج الرسمية «قطاع الإنتاج ومدينة الإنتاج وصوت القاهرة»، وسيتم تجاهل 90 % من هذه المسلسلات لأنها بلا نجوم، ولأن التليفزيون اشترى مسلسلات النجوم الكبار من القطاع الخاص، وأقل سعر للمسلسل الواحد هو 5 ملايين جنيه، مثل مسلسل ليلى علوى «حكايات وبنعيشها»، حيث أكد المنتج إسماعيل كتكت أن هناك عقدا بين الجهات الإنتاجية بشراء المسلسل بقيمة 15 % من تكلفة إنتاجه، وذلك فى الوقت الذى تبلغ فيه ميزانية مسلسل ليلى علوى 30 مليون جنيه، وهذه الأعمال بالطبع تم اختيارها بقوة نجومها وليس بمضمونها، واقتربت ميزانية شراء المسلسلات من القطاع الخاص من 100 مليون جنيه أيضاً، وهو ما يعنى أن التليفزيون قد خسر ما صرفه على إنتاج الأعمال التابعة لقطاعاته، والتى لن تسوق داخلياً أو خارجياً وستدخل الثلاجة.
خبراء الإعلام يرون أن التطوير كان صادماً، تقول الدكتورة إيناس أبو يوسف الأستاذ بكلية الإعلام: دور التطوير هو أنه يرجع الناس تشوف التليفزيون المصرى، لكن التطوير فى التليفزيون مجرد كلام نسمع عنه كثيرا ولا نرى له نتيجة، لغياب مفهوم التطوير عن المسئولين عن التليفزيون، فهم يصرفون بالملايين، والمحصلة فى نسب المشاهدة صفر، بل إن التليفزيون بدأ يقلد ويحاكى بعض القنوات الخاصة فى صناعة البرامج. الدكتور حسن عماد وكيل كلية الإعلام وأستاذ الإذاعة والتليفزيون يتفق مع الدكتورة إيناس فى أن التطوير ليس ملموسا إلا فى الشكل فقط، دون المضمون، ويرجع الدكتور حسن ذلك إلى أن العاملين فى التليفزيون غير مؤهلين للعمل به، وأن العمل هناك مرتبط بالعلاقات الشخصية والقرابة ولا توجد معايير الكفاءة والقدرة والموهبة، ويؤكد أيضاً أن المشاهد المصرى من خلال استطلاعات الرأى والمسوح والعينات لا يشاهد تليفزيون بلده وهذا مرتبط بحرية التعبير فى الفضائيات ومعايير القيمة الخبرية المنعدمة فى التليفزيون المصرى.
رأى الشارع المصرى فى التطوير كان صادما، لأنه لم يشعر أساساً بالتطوير فقد هجر المشاهد المصرى تليفزيون بلده، وهذا ما أكده المهندس خالد محمد المصرى، الذى أوضح لنا أن القناة الأولى والثانية والثالثة أصبحت بالنسبة له ولأسرته مجرد تراث، بينما يؤكد المحاسب محمود صابر أن التطوير الذى يتحدث عنه العاملون بالتليفزيون يذكره بالمثل القائل «صاحبنا بينفخ فى قربة مقطوعة» فقنوات الحياة ودريم والمحور وغيرها من القنوات تقدم وجبة دسمة لا يحتاجون بعدها إلى مشاهدة التليفزيون المصرى.
لمعلوماتك...
◄20 مليون جنيه متوسط انتاج المسلسل الواحد
تسمع كلام المسئولين فى ماسبيرو عن التطوير تصدقه.. تفتح التليفزيون متلاقيش حاجة
التليفزيون المصرى أنتج مسلسلات «مضروبة» بـ 100 مليون ووضعها فى الثلاجة.. واشترى مسلسلات بـ 100 مليون أخرى ليعرضها
الخميس، 20 أغسطس 2009 08:42 م
ليلى علوى.. فى «هالة والمستخبى»
لا توجد تعليقات على الخبر
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة