مصطفى زهران يكتب..مصر وإيران تجمعهما الرياضة.. وتفرقهما السياسة

الأربعاء، 19 أغسطس 2009 11:22 ص
مصطفى زهران يكتب..مصر وإيران تجمعهما الرياضة.. وتفرقهما السياسة

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
"ساقنى القدر إلى أن أكون مراسلاً للوكالة التى أعمل بها لتغطية بطولة كأس العالم للشباب فى كرة اليد هذا العام 2009م فى مدينة السويس المصرية، ولعلها كانت إضافة لى فى مسيرتى الإعلامية والسياسية على حد سواء لأرى جوانب تدفعنا للسعى نحو الأمل وتجاوز آفات السياسة التى شتت الشمل وحالت بين الأحبة ولم تجنِ منها الشعوب إلا الحسرة والندامة.

علم واحد ذو وجهان.. الوجه الأول يحمل علم مصر البلد المضيف والثانى إيران البلد المشارك فى البطولة.. لأول مرة إن لم تكن الأخيرة طهران والقاهرة وجهين لعملة واحدة.. يصطف الجميع أطفالاً وشيوخاً ونساءً ليحملوا علم الوحدة بين مصر وإيران.. انتفضت من مقعدى لأشارك الجمهور لعل مقاعد الإعلاميين والصحفيين ألفت الفرقة فنبذتها وآثرت الالتحاق بركب مشجعى مصر الذين أتوا للوقوف أمام الفريق الإيرانى الذى لا يزال غضاً طرياً كأفكارهم التى لا تحمل سوى المحبة والإخاء والوحدة.

تأملت وجوه البسطاء من هذا الشعب المصرى وسط صراخهم وصياحهم وفرحهم وغضبهم مع كل هدف هنا وهناك.. لأخرج بتساؤلات عده أحاول البحث عن إجابات لها؟! ما الذى دفع هذا الجمهور للوقوف أمام الفريق الإيرانى؟، هل هى الإخوة فى الدين بالرغم من اختلاف المذهب، أم روح الرياضة التى دائماً ما تطغى على أى خلاف أو شقاق، أم أن الجمهور المصرى بعوامه وخواصه أصبح ينظر لإيران على كونها البلد التى استعصت عليها أمريكا وإسرائيل والتى تحلم بامتلاك النووى والتى تقف أمام أكبر القوى الإمبريالية والاستعمارية فى العالم أمريكا؟.. هل حقا نجحت إيران فى تصديرها للثورة؟.

حلق بصرى بعيدا خارج صالة اللعب لأرى أين تقف إيران الآن من جيرانها العرب وخاصة مصر لأجدها شبه معزولة عنهم حتى وإن كانت علاقتها الحميمية مع سوريا تراهن عليها فى كثير من الحالات وخاصة بعد تولى أحمدى نجاد الحكم منذ أربعة أعوام مضت،عكس سلفه خاتمى الذى أعاد الروح من جديد للعلاقات الإيرانية العربية.

العلاقات المصرية الإيرانية فى أسوأ علاقاتها وأشبه بالمجمدة إن لم تكن كذلك، ويعكس ذلك هذا السجال اليومى بين الفضائيات التابعة بين الجانبين مابين اتهام طهران بتصدير الثورة للأراضى المصرية واتهام طهران الجانب المصرى بالتساهل فى التعامل أمريكا وإسرائيل على حساب القضية الفلسطينية، ناهيك عن الصحافة والساسة.

لم ينصت الجمهور المصرى لهذه الحرب الإعلامية وظل يهتف للفريق الإيرانى، فلن تجد محاولات الوقيعة بين البلدين ولن يستطيع أحمدى نجاد الصمود وحده إن كان واعيا وفاهما لحقيقة موقفه أمام الغرب وأمريكا وإسرائيل، دون أن يعدل عن نظرته فى التعامل مع مصر البلد الأكبر فى المنطقة حتى وإن كانت الصورة فى بعض الأحيان قاتمة بعض الشىء.

يصرخ الجميع حينما يسجل المنتخب البرازيلى أو النرويجى هدفا فى شباك المنتخب الإيرانى أو يغير عليه فى هجمات مرتدة، عاطفته تسبقه فى الوقت الذى تستعد فيه إسرائيل لشن ضربات ضد أماكن تواجد المفاعلات النووية فى طهران والتى تعرفها إسرائيل جيدا، ويخرج علينا الساسة وقاده العسكر بين الفينة والأخرى فى إسرائيل بالتهديد بضرب طهران وتبادرها طهران بالمثل، وازداد القلق أكثر من الجانب الإيرانى حينما شاهد العالم أجمع الفرقاطات الإسرائيلية وهى تدخل القناة وسط مباركة مصرية طبقا لاتفاقية القسطنطينية من القرن الفائت، فيشتد توجس طهران من القاهرة فى أن يتم ضرب طهران بمباركة عربية وغطاء أمريكى.

أراد الجمهور المصرى أن يبعث رسالة هامة من بطولة العالم لكره اليد للشباب إلى الفرقاء فى طهران والقاهرة مفادها أنه ليست فى مصلحة القاهرة معاداة طهران وليس فى مصلحة إيران معاداة العرب، وعلى أحمدى نجاد أن يعيد شكل خريطة علاقاته مع العرب عامة ومع مصر خاصة، فطهران لن تستطيع أن تقف بمفردها أمام تلك الهجمة الشرسة الصهيو أمريكية إلا إذا وجدت دعما عربيا على وجه العموم ومصريا على وجه الخصوص.

يجب الاعتراف ولو بشكل موضوعى إلى أن إيران قد نجحت فى سلب القلوب والعقول، وصرف أنظار الجمهور العربى نحو شعاراتها التى تصدرت أدبيات المواجهة مع الجانبين الأمريكى والصهيونى وهو مايدغدغ مشاعر الجمهور العربى والتى تأتى متسقة مع مشاعره أيضا الكاره لقوى الطغيان والتجبر...على الجانب الآخر خسرت مصر فى جذب هذا الجمهور العريض حتى فى الداخل المصرى، بعد أن كانت ترفع شعارات عده كانت سببا فى وقوف الجماهير العربية العريضة منذ حرب 48 والتى كانت لها دورا بارزا فى محاولات عودة الأرض الفلسطينية من براثن الاحتلال الصهيونى، بالإضافة إلى الأفكار القومية التى طرحتها إبان العصر الناصرى وغيرها من من المشاريع الوحدوية التى جمعت بين مصر وأشقائها العرب إلا أن كل ذلك قد تلاشى وأصبحت مصر فى موقع لاتحسد عليه.

لن يقف الشعب المصرى حاكما كان أو محكوما مع الصهاينة والأمريكان إن أرادوا أن يضربوا إيران، حتى وإن كانت تلك التهديدات فقاعات فى الهواء ما تلبث أن تختفى، لذلك يجب على الجانب الإيرانى أن يتفهم الدور الحقيقى والجاد لمكانة مصر الحقيقية وأن يبذل قصارى جهده للتقارب لا للتباغض...

نجحت إيران فى الوقوف أمام أمريكا فى المعركة السياسية وبالرغم من خسارتها أمام البرازيل والنرويج فى الساحة الرياضية إلا أنها يشهد لها أنها صمدت لآخر وقت قدر لها بفعل التأييد القوى من الجماهير المصرية وسط حفاوة بالغة أبداها الجمهور للاعبى ومدربى الفريق الإيراني، فهل تستطيع الرياضة أن تجمع شمل الفرقاء السياسيين على طاولة واحدة، عسى أن يكون قريبا.






مشاركة






الرجوع الى أعلى الصفحة