لم يعد عندى أدنى شك فى أن كثيرين من أرباب العمل السياسى اليوم أصبحوا يدارون بالريموت كنترول، لذا فَقَدَ العمل السياسى حيويته وإبداعاته واستقلاليته لدرجة أنه حتى رئيس مجلس الشعب يقول الشىء وعكسه فى حق أداء المجلس الذى يترأسه!!
فى نهاية دور الانعقاد الثالث فى الفصل التشريعى التاسع (يونيو 2008) كتبت الأخبار المصرية (أشاد د. سرور بجهد النواب من الأغلبية والمعارضة والمستقلين الذى ارتفع بالشأن الوطنى فوق الخلافات الحزبية انطلاقا من الفهم الواعى لضخامة التحديات التى تواجه وطننا الغالى. وخاطب د. سرور النواب قائلا: كشفت ممارستكم لدوركم الرقابى عن قناعة راسخة بأن أمانة المسئولية تفرض الالتزام بمساندة مصالح المواطن المصرى البسيط والتعبير عن آماله وآلامه.
هذا هو الدكتور سرور 2008، ولكن وعلى طريقة الروايات البوليسية (وإذ فجأة) يخرج علينا رئيس المجلس الأستاذ الدكتور فتحى سرور 2009 وعبر الأهرام 4 يونيو 2009 ليعلن أن المستقلين قنابل موقوتة وأن أداءهم عشوائى، مع أننى أذكر تماما أن الدكتور فتحى سرور قد أشاد فى المقابلة نفسها بأداء النواب (ولا أستطيع أن أتهم البرلمان أو النواب بأى تقصير فى التعامل مع مطالب الشعب، بل على العكس فقد أدلى البرلمان برأيه فى هذه القضايا واستغرق فيها وقتا طويلا(. ما يغيظك ويفقع مرارتك هو أن اللغة المستخدمة فى الحوار الأخير هى أقرب لبيانات الداخلية وليست لغة سياسية برلمانية حصيفة كما عودنا السيد رئيس المجلس.
ومرة أخرى تخون الرئيس فتحى سرور الكلمات وتهرب منه العبارات الرصينة ليحدثنا بلغة العنف والإرهاب وهى لغة تتسق مع الوضع العام فى ظل قانون الطوارئ وهو يصرح قائلا، (فالمعارضة الحالية تمثل قوة سياسية غير منظمة, ولا أعتقد أن المستقلين يمثلون قوة سياسية, ولكنى أعتبر كل مستقل قنبلة موقوتة فى حد ذاته, لأنه لا ينتمى إلى قوة شرعية) كما أننى لا أفهم معنى الشرعية هنا وهل هناك شرعية أكبر وأعظم من انتخاب الشعب لنوابه ؟
أم أن الشرعية فى عرف السيد سرور هى التعيين مثلا ؟ وهل النائب المعين هو الشرعى ؟ أم النائب الذى فاز بالتزوير.. المعارضة جاءت نتيجة اختيار حقيقى من الناخب وفى ظل ظروف نعلم جميعا تفاصيلها، ويكفيك أن تطلع على صورة المرأة التى تتسلق السلالم لتصل إلى لجنة الانتخابات التى منعها الأمن من الوصول إليها ؟ هل تذكرون هذه الصورة ؟
ثم يعود الدكتور سرور ليضرب تحت الحزام وفوق الحزام أو بمعنى آخر ليقول الكلام المطلوب قوله والذى يطرب له البعض ليقول: (من الممارسة العملية ـ كما لاحظتها ـ اتسم أداء المستقلين بالعشوائية فى تقديم الاستجوابات, فلو كان المستقل منتميا لحزب معين لتحدث من منظور حزبى, أو برنامج معين, حتى إننا وجدنا بعض الاستجوابات قدمت على سبيل المظهرية وتنشر فى الصحف بالرغم من أن صاحبها يعلم أنها لن تناقش).
صحيح أن المعارضة بكل أطيافها لم تصل إلى مرحلة النضج بعد، لكن أيضا الحزب الوطنى مع احترامنا له ولرموزه (حتى لا يغضب بعض القراء) لا يمكن وضعه فى خانة الأداء السياسى أكثر منه أداء تنظيميا تأتيه التعليمات من بين يديه ومن خلفه وعبر الهاتف وأحيانا فى المنام. فالقوة الشرعية من وجهة نظره هى أن تكون تابعا لحزب، رغم أن قانون الانتخابات لم يشترط ذلك، وأحل القانون انتخاب المستقلين وحرّمَهُ الدكتور سرور وأعتبره أمرا غير مشروعا (يعنى حراما). أما مطالبة السيد رئيس المجلس المستقلين بالعودة إلى النقابات فأعتقد أنها جاءت متأخرة عشر أو خمسة عشر عاما، لأن النقابات باستثناء نقابة أو اثنين تحت الحراسة أو قيد التجميد! (يا ريت الدكتور يتوسط عند الحكومة وسنطالب من هنا المستقلين بالعودة إليها فى أقرب فرصة). كلام د. فتحى سرور فيه نفس استبدادى وروح استعلاء أراها أنها فى غير موضعها خصوصا وأن الحزب الذى ينتمى إليه كله من زجاج....
آخر السطر
عادت ريمة لعادتها القديمة، وبعد أن نسينا موضوع التوجيهات والتعليمات والمسيرات الحاشدات بناء على التعليمات عاد الحزب الوطنى ليشن حملة قومية لدعم المنتخب الوطنى، ولا أدرى إن كانت حملة لدعم المنتخب الوطنى أم للحزب الوطنى ورموزه الذين باتوا أكثر ظهورا فى البرامج الرياضية من اللاعبين والنقاد ... أموت وأعرف الأخ العبقرى الذى يدير الحملة الإعلامية لتسويق الحزب!
لا توجد تعليقات على الخبر
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة