بداية تحية لأبناء مصر الأوفياء الذين أدركوا بحسهم الوطنى مدى التغيرات التى طرأت على المجتمع المصرى، وأدت إلى ظهور انحرافات أخلاقية وعادات سلبية وأمراض فى الجسد الاجتماعى المصرى، ولقد سررت عندما علمت بأن هناك أحد أبناء مصرنا الحبيبة يسعى لتأسيس حزب تحت مسمى "الاستقامة"، فما عاد يخفى على أحد حجم التدهور فى الأخلاقيات والمبادئ والقيم وتفشى الأمراض الاجتماعية بل والنفسية فى مصر، ولا أدرى كيف وصلت أوضاعنا الأخلاقية إلى هذه الدرجة المؤسفة من الانحطاط؟، وأين ذهب الضمير العام؟ فيكفيك أن تلقى نظرة على كتاب د.أحمد عكاشة "ثقوب فى الضمير" الصادر عن دار الشروق المصرية لتعلم مدى ما وصل إليه حال المجتمع المصرى المعاصر من أزمة الانتماء، حيث أصبح المواطن المصرى جزيرة منعزلة مستقلة عن الوطن، إلى مشكلة غياب الهدف العام، حيث لا مكان لأى هدف عام نبيل يوحد ويجمع المواطنين معا، إلى غياب الضمير الاجتماعى وتوارى! حتى تاهت حدود "العيب" إلى الرشوة التى أصبح الضمير الاجتماعى العام لا يتوقف أمامها كثيرا، إلى العنف والجريمة، حيث ارتفعت معدلات العنف إلى درجات قياسية، فالعنف يمارس فى 98% من الأسر المصرية، ولمن أراد المزيد فما عليه إلا الاطلاع على البحث الذى قام به مركز النديم للعلاج والتأهيل النفسى لضحايا العنف.
ورغم ظهور وتفشى كل هذه الأمراض الاجتماعية على مدى عقد من الزمان فلم نسمع بأحد حاول التصدى لتلك الأمراض بصورة جماعية ولا أحد تقدم بأى مشروع حل لما يعانيه المجتمع من أمراض حتى قرأت أخيرا أن المهندس عادل فخرى تقدم بأوراق تأسيس حزب جديد سماه "الاستقامة" إلى لجنة شئون الأحزاب فى مجلس الشورى المصرى، وكانت سعادتى عندما علمت أن حزبه سوف يعمل على عودة الأخلاق المستقيمة للشعب المصرى ومحاربة الرذيلة وفساد الأخلاق، وللوهلة الأولى جال بخاطرى أن فكرة وأهداف هذا الحزب مستوحاة من برامج تربوية متخصصة تذاع على القنوات المسيحية العربية بالولايات المتحدة وشمال أمريكا، حيث تعمل هذه البرامج على محاربة الرذيلة والانحلال الأخلاقى والتفسخ العائلى المتفشى بين المهاجرين العرب فى أمريكا وهى بمعزل عن البرامج الدينية، وكاتب هذا المقال يعيش فى أمريكا ويرى مدى ما وصلت إليه العائلات العربية من تفكك أسرى وضياع للأبناء.
غير أن سعادتى بهذا الخبر شابها حزن وألم لما رأيته من طريقة تناول وسائل الإعلام لهذا الموضوع، حيث إثارة الجدل والخلاف بين أبناء مصرنا الحبيبة، وأنا لا أرى داعى لهذا الجدل بين أبناء الوطن الواحد حول هذا الحزب لأن المهندس عادل فخرى صرح فى مقدمة طلبه بأن حزبه يهتم بالأخلاقيات والقيم والمبادئ تحت اسم "الاستقامة"، ويدعو كل المصريين على كافة انتماءاتهم وأفكارهم وتوجهاتهم بغض النظر عن الدين والجنس والنوع والفكر والتوجه الأيدلوجى، وقال أيضا إن حزبه سوف يعمل على عودة الأخلاق المستقيمة للشعب المصرى ومحاربة الرذيلة وفساد الأخلاق، وسيكون مفتوحا لكل الملل والنحل دون النظر إلى عقيدة أحد وسيكون القاسم المشترك لأعضاء الحزب، العمل على عودة الأخلاق الطيبة ومحاربة الرذيلة، وكما قال عمرو هاشم ربيع خبير شئون الأحزاب فى مركز "الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية"، إن "الاستقامة" سيكون إضافة إلى الحياة الحزبية فى مصر فى حالة كونه لا يهدف إلى إشعال الفتنة وأولا وقبل كل شىء الدين لله والوطن للجميع هكذا تربينا وعلى تلك المبادئ نشأنا، وقد قال الرجل إن حزبه سيكون حزبا سياسيا علمانيا ليس له أى علاقة بالدين، فلا داعى لتثبيط الهمم ووضع العصى فى العجلات، فإن لم ترغب فى الانضمام لحزب الاستقامة فلا تنضم إلى حزب أعداء النجاح كما سماهم الكاتب مفيد فوزى، ومثلنا الشعبى يقول "هو لا منك ولا كفاية شرك"، وعلى الصحافة ووسائل الإعلام غير المسئولة أن تتوقف عن العزف على الأوتار الدينية والمذهبية، فمصر لكل المصريين والأبواب مفتوحة أمام الجميع لخدمة بلدنا العزيز.
نبيل عواد يكتب: الأمراض الاجتماعية فى مصر وحزب الاستقامة
الأربعاء، 29 يوليو 2009 10:56 ص