انتقد العديد من الخبراء تقرير صندوق النقد الدولى الذى طالب بتقليص الدعم فى الدول النامية، كإجراء يساعدها على دفع اقتصادياتها فى ظل الأزمة المالية العالمية الراهنة، واعتبروا أن هذه التوصيات لم تراع المواطن البسيط والفقراء على مستوى العالم، الذين يتزايدون من يوم إلى آخر.
الدكتور إبراهيم حجازى أستاذ الاقتصاد، أكد أن مطالب صندوق النقد الدولى بتقليص الدعم لم يضع المواطن البسيط فى الاعتبار، وعلى الحكومة أن تراعى هذا، وأضاف أن تقليص الدعم لن يكون فى صالح أى فئة، بما فيها الحكومة، وعليها أن تلجأ إلى الاقتراض من الداخل أو الخارج، أو أن تلجأ إلى زيادة الضرائب، لكن أن تلجأ إلى تقليص الدعم فهذا سيزيد من أعباء المواطن البسيط الذى ليس له ذنب فى عجز الحكومة عن مواجهة عجز الموازنة.
فى حين أكد أحمد رشدى المدير السابق للبنك الأهلى، أن الدولة "طول عمرها مدانة للخارج" وما يراه صندوق النقد الدولى أن الاقتراض من الخارج قليل وهو أمر خاطئ، وما يوصى به صندوق النقد الدولى فى هذا الشأن ليس بجديد، فهو دائما يطالب الدول النامية بالاقتراض منه حتى يستطيع أن يفرض شروطه فى برامج الإصلاح الاقتصادى التى يشرف عليها، مشيرا إلى أن الاقتراض من الخارج الآن يمكن أن يعتبر ميزة وليس عيبا، لأن معدل الفائدة منخفض، ومن ثم فإن العبء فى سداد الدين سيكون أقل.
وأضاف رشدى أنه لابد من النظر إلى نقطة هامة، وهى أن تقرير صندوق النقد الدولى يكون بناء على أسس اقتصادية تم معرفتها ومناقشتها من مسئولين فى الدولة، وبناء عليه يخرج هذا التقرير، موضحا أن النقطة الهامة الآن هى الشروط التى يفرضها الصندوق للإقراض، وعادة ما يوجه هذا الإقراض إلى مشروعات تنموية طويلة الآجل تصل إلى 30 عاما يتحملها الأجيال القادمة دون الحصول على عائد قريب الأجل.
من جانبه أكد مسئول سابق بوزارة المالية، أن مطالبة صندوق النقد الدولى للحكومة المصرية بفرض ضرائب جديدة وتقليص الدعم ليس بجديد، ولا يقتصر على كونها مجرد مطالب، وإنما هى أوامر لابد من تنفيذها حتى تحصل مصر على قروض من البنك الدولى وصندوق النقد.
وأكد المسئول، الذى طلب عدم ذكر اسمه، أن قانون الضرائب رقم 91 لسنة 2005 والمطبق حاليا، هو أيضا أحد أساليب ضغوط صندوق النقد على مصر لتنفيذ سياسات الإصلاح التى يراها الصندوق دون مراعاة لملائمة هذا مع المجتمع المصرى أم لا، لافتا إلى أن القانون به عيوب هائلة ترجع إلى أخطاء فى الترجمة من نسخة القانون الكندى الذى فرض على مصر، إلى اللغة العربية.
وأشار المسئول إلى أن أحد أمثلة هذه الضغوط أيضا ظهرت فى فرض عملية الدمج بين مصلحتى الضرائب على الدخل والضرائب على المبيعات على مصر، فرغم تطبيق هذه التجربة فى كندا أيضا وفشلها جاء وفد من صندوق النقد الدولى إلى مصر فى عدة زيارات لفرض هذه العملية، ووافق عليها مسئولو الوزارة رغما عنهم.
وأكد المصدر أن كندا تعانى نقصا فى عدد موظفيها بمصلحة الضرائب هناك، وهو ما أدى لتطبيق هذه الفكرة، أما فى مصر فعدد الموظفين كبير وليس هناك حاجة لتنفيذ عملية محكوم عليها بالفشل، وهو ما يتضح فى صعوبة إتمام عملية الدمج حتى الآن.
وفيما يتعلق بقانون القيمة المضافة كبديل عن قانون ضريبة المبيعات المطبق حاليا، أكد مسئولو مصلحة الضرائب، أن تطبيقه مؤجل بسبب الأزمة المالية حتى لا يتم تحميل الناس ضرائب جديدة، إلا أن تأكيد وزير المالية أكثر من مرة خلال أكثر من مناسبة أن القانون سيعرض على مجلس الشعب لإقراره خلال الدورة البرلمانية القادمة، ويؤكد اتجاه الحكومة لفرض المزيد من الضرائب رغم الأزمة المالية التى لا تزال آثارها على الاقتصاد المصرى مستمرة.
الخبراء ينتقدون مطالب صندوق النقد الدولى بتقليص الدعم.. ويؤكدون أن الفقراء أكبر المتضررين
الأربعاء، 29 يوليو 2009 01:28 م