السفير عبد المحمود عبد الحليم مندوب السودان فى الأمم المتحدة من المسئولين السودانيين القلائل الذين يمتلكون دراية كاملة بجميع الملفات المتعلقة بالسياسية السودانية الخارجية، وخلال وجوده مؤخرا بالقاهرة التقاه اليوم السابع لدقائق قبل مغادرته عائداً مرة أخرى إلى نيويورك حيث مقر عمله.
عبد الحليم تحدث عن المعارضة الشديدة من جانب حكومة الخرطوم لمذكرة التوقيف التى أصدرها المدعى العام للمحكمة الجنائية الدولية لويس أوكامبو ضد الرئيس السودانى عمر البشير لاتهامه بارتكاب جرائم حرب فى دارفور، مؤكداً فى الوقت ذاته على أن السودان خرجت من معركتها مع أوكامبو رابحة التعاطف الشعبى والدولى. وإلى نص الحوار:
** مؤخراً أعلن لويس أوكامبو المدعى العام للمحكمة الجنائية الدولية أنه يملك أدلة اتهام جديدة ضد الرئيس السودانى عمر البشير، ما ردكم على ذلك؟
** هذا الرجل تعدى كل القواعد المرعية، وهو بحالة نفسية سيئة، لأن أفريقيا قالت كلمتها بوضوح ورفضت التعامل مع المحكمة، فقمة الاتحاد الأفريقى الأخيرة أصدرت قراراً شجبت فيه سلوك المدعى العام، وهذا أمر نادر حدوثه أن تجد منظمة دولية تدين رجل دولى يعمل فى منظمة دولية، لأنه مدع يأتمر بأمر من يريدون الهلاك للسودان ويريدون تقويض السلام بدارفور، لذلك فإن أوكامبو مصاب بهيستيريا هذه الأيام ويحاول أن يغطى على ذلك بقوله إنه يملك اتهامات جديدة وهذا أمر لا يهمنا ولا يهز شعرة فينا.
** لكن المحكمة الجنائية الدولية تبنت مذكرة أوكامبو؟
* نحن لسنا جزءا من هذه المحكمة، ولسنا جزءا من نظام روما ولا نعترف بها.
** تقول إنكم حصلتم على قرار من الاتحاد الأفريقى لصالح البشير فى حين أن دولاً أفريقية أخرى قالت إنها ملتزمة بعضويتها فى ميثاق روما المنشئ للمحكمة.. كيف ذلك؟
* على العكس تمامًا، آخر مجلس وزارى للاتحاد الأفريقى الذى عقد فى مدينة سرت الليبية قال إنه يدعم السودان دعما واضحا، وهناك قرار واضح من الدول الأفريقية بعدم التعاون مع المحكمة تم اعتماده من القمة الأفريقية رغم وجود 30 دولة أفريقية عضواً فى نظام روما المؤسس للمحكمة، وللعلم فإن هذه الدول تعانى التهميش، وتعانى أيضًا من المحاولات المتكررة للاعتداء على سيادتها وسيادة رؤساء دولها، ولذلك القرار الذى تم اتخاذه فى سرت كان واضحا جداً فى اتجاه عدم التعاون مع هذه المحكمة، لأنها محكمة مسيسة وتدخل الاستعمار من جديد للقارة الأفريقية.
** لماذا لم تطرح السودان موضوع المحكمة الجنائية الدولية فى قمة عدم الانحياز التى عقدت مؤخرًا بمدينة شرم الشيخ؟
* نحن لا نحتاج لأن نطلب من عدم الانحياز مثل هذا الطلب، لأن الدعم موجود بالفعل.
** قيل إن هناك صفقة أمريكية سودانية وضع ملامحها المبعوث الأمريكى للسودان سكوت جريشن وغازى صلاح الدين مستشار الرئيس السودانى أثناء وجود الأخير فى واشنطن قبل شهر يسمح بعودة المنظمات الأمريكية للعمل مرة أخرى فى دارفور تحت مسميات أخرى، مقابل أن تعمل واشنطن على وقف قرار توقيف البشير، ما مدى صحة هذا الأمر؟
* ليست هناك أية صفقة من وراء الحجاب، وأنا شخصياً كنت حاضراً لكافة اتصالات الوفد السودانى فى واشنطن ولم تكن هناك صفقة، كما أنه لا يوجد سبب يجعلنا نتقدم بصفقة للأمريكان، أما فيما يتعلق بموضوع المنظمات فإن المنظمات المطرودة لن تعود، وهذا موقف واضح ولا رجعة فيه، أما المنظمات التى عادت فهى منظمات جديدة، لأننا عندما طردنا المنظمات السابقة، فذلك لأنها كانت تهدد الأمن القومى السودانى، وأوضحنا أننا نقبل شركاء جددا من المنظمات التى يمكن أن تحترم قوانين العمل وسيادة السودان.
** هل ترى أن هناك تغييرا فى الموقف الأمريكى تجاه السودان، خاصة فى ظل الإدارة الحالية برئاسة باراك أوباما؟
* نحن نقدر مواقف أوباما، وهو أتى بتوجه جديد تجاه الدول التى كانت الولايات المتحدة فى خلاف معها فى عهد الرئيس السابق جورج بوش، ونحن جزء من المجتمع الإسلامى العريق الذى تحدث عنه أوباما فى خطابه بالقاهرة، وقال إنه يريد أن يفتح معه صفحة جديدة، نحن نعتقد أن الرئيس الأمريكى صادق فى انفعاله لأنه ورث تركة مثقلة جراء السياسات الحمقاء والمدمرة لجورج بوش، فأوباما أتى لتبييض الوجه الأمريكى الأسود، ومن بين ذلك العلاقة مع السودان، ونحن لم نبادر الولايات المتحدة أى عداء بل هى التى بادرت وقذفت مصنع الشفاء فى السودان، وفرضت عقوبات ضدنا واستهدفتنا فى مجلس الأمن، وبالتالى ينبغى على واشنطن أن تسعى هى إلى تصحيح وضعها فى السودان لا نحن، ولذلك ذهبنا إلى واشنطن بقلب مفتوح للاستماع منهم، ووجدنا من المبعوث الأمريكى جريشن أنه يعرف قدر السودان، ولذلك هو بداية لانخراط إيجابى نأمل أن يصل لنتيجة.
** هل توصلتم إلى نتيجة فى موضوع مصنع الشفاء خاصة فى شق طلب التعويض؟
** لا زالنا نعانى من آثار القذف الذى نعتبره إهدارا لجهود ولمقدرات السودان فى المجال الصحى، ولذلك هناك دعاو من مالك المصنع أمام القضاء الأمريكى، وهذا الملف مفتوح ولن يغلق أبداً.
** كيف ترى التحالفات التى تحدث بين قوى المعارضة السودانية، هل ستؤثر على وضع الحكومة؟
* ليس هناك أى تهديد للنظام فى السودان الذى يعيش أحسن حالاته، ونحن تعودنا أنه كلما كان هناك تقدم فى المجال التنموى، ثارت ثائرة أعداء السودان فى كل مكان، الذين يطلقون أقوال من شاكلة عدم استقرار فى السودان، وهى أقوال كاذبة لأن السودان ينعم باستقرار كامل، حتى دارفور نستطيع أن نقول إن 95% منها آمن بشكل كامل فيما بعض الجيوب خاصة فى الحدود مع تشاد.
** كيف تصف العلاقات المصرية السودانية؟
*علاقات أكثر من قوية، وأكبر دليل على ذلك الزيارات المتبادلة بين الخرطوم والقاهرة، فكل من السودان ومصر أسرة واحدة، لذلك الرئيس مبارك دوماً نصير للسودان.
مندوب السودان فى الأمم المتحدة: أوكامبو فى حالة نفسية سيئة بعد وقوف أفريقيا بجانبنا
الأحد، 26 يوليو 2009 03:08 م