على الرغم من أنها توصف بأنها "زعلة" عادية وخناقة تعج بها عشرات بل ملايين البيوت يومياً، إلا أنه عالجها بطريقة مبتكرة ومبدعة فى آن.
فعل مهندس الديكور إيهاب معوض الثلاثينى، وهو من أبناء ما كان يطلق عليه الطبقة المتوسطة فى مصر، فعلة وصفها البعض بالجريئة، والبعض بالمهينة، والبعض بالمجنونة.
قال لزوجته كما يتغنى كاظم الساهر، وكما تتمنى معظم المتزوجات المتعطشات للكلمة والفعل "يا سيدتى"، وأحسبه شعر أن بيته هو سكن للحب بناه، وأن سيدة الحب هى ريهام "زوجته"، ففعل فعلة العاشقين التى وصفها البعض بالرغبة فى الشهرة، والظهور الإعلامى.
هذا الإكبار الذى أحسته ريهام لمن تحدى أن تجد الزوجة سريراً دافئاً مثل عيونه، فلم يبارزها عناداً بعناد، وإنما سخر علمه ومهنته كمهندس للديكور وشيد فى شارع ترعة الجبل بحلمية الزيتون لافتة كبيرة طولها 12 متراً وعرضها 7 أمتار أمام منزل "ريهام"، كتب عليها iam sorry Riri, would u forgive me، بالإضافة إلى عبارات أخرى يعدها فيها أن يصبح إنساناً أفضل!
المهندس "إيهاب معوض" لم يكتفِ بذلك، وإنما أضاف إلى المشهد الذى كان جديراً بأن تصوره الفضائيات وتتناقله مواقع اليوتيوب فرقة موسيقية تعزف موسيقى رومانسية!
عاشت الزوجة ريهام بلا شك لحظات ذهبية، وكانت لحظات العناق الزوجى التى تناقلتها مواقع اليوتيوب منذ أسابيع قليلة هى أقل تعبير ممكن عن إحساسها بزوجها وإحساسه بها، فقد تحمل الزوج المهندس عبء إعادة هندسة حياته الزوجية بدلاً من أن يتم سيناريو الهدم فى اليوم نفسه.
ففى هذا اليوم الذى حفر بكل الأشكال – التقليدية والعصرية - فى ذاكرتهما كانت ريهام قد قررت جمع العائلتين للاتفاق بشأن الانفصال على إثر تراكم المشكلات الزوجية التى انتهت بمشادة كلامية بينها وبين إيهاب، كان خلالها قد وجه لريهام كلاماً قاسياً أمام عائلتها وابنيهما "سيف" و"حمزة".
الأشد غرابة – برأيى – لم يكن مشهد "إيهاب" وفعلته النكراء - كما وصفها البعض- وإنما المشهد فى الشارع ومن جانب أهله، فأخواته، والجيران، والعاملون بالمحلات بالشارع سارعوا لمساعدته فى رفع اللافتة، والدته التى هى "حماة ريهام" اتصلت بنفسها بـ "ريهام" الزوجة الغاضبة، تطلب منها أن تخرج إلى الشرفة لتشاهد اعتذار ابنها "إيهاب"!
تتشكك بالطبع فى أن هذه "حماة".. وعندما قال البعض لإيهاب، لقد اتصلت بالفضائيات لكى تشتهر، فقال: "زى ما أنا زعلتها أمام عائلتها، قلت لازم أعتذر لها بس أمام الملايين".
أغبط "سيف" و"حمزة" أبناؤه، لأن لديهم أب يشهد الملايين على حبه لأمهم، وعلى حرصه على بيتهم، وأولاده الصغار، وهو بذلك قد حفر فى ذاكرتهما وبشكل عملى معنى "الأب" ومعنى "الزوج"، ومعنى"القوامة"، أصبح قدوة يصعب التشكيك فى مصداقيتها.
ذكرنى موقف إيهاب وريهام بصديقة، حساسة، كلما حدث بينها وبين زوجها الذى تحبه مشكلة زوجية، كبّرها وضخمها وهولها، ووقف فوق رأسها يطلب منها، أن تقول "آسفة"، سواء كانت هى المخطئة أم هو، ولا يرضى بأى اعتذار آخر - لا كلام ولا فعل- غير كلمة آسفة وبانكسار، واعتراف، ويقين!
كانت أقصى أمنياتها أن تسمح سنوات العشرة والكفاح ووجود أسرة وروابط عميقة أن يتحول زوجها لكاظم الساهر ويسمعها كلمات من أمثلة:
(مينو زعلك؟!.. منى تزعل؟!.. والله زعل الدنيا كلها ولا مكروه يمسك.. حبيبى.. ابتسم هدى أعصابك خلى راسك بين ايدى.. وخد بوسة صلح منى وكافى تتدلل عليا.. اتدلل عليا اتدلل عليا.. يا هبة ربى من السما وأجمل هدية.. بايدى أمشط لك حبيبى وأمسح دموعك بإيديا.. آه منك.. من جمالك.. حتى حزنك جاذبية..)
ولكن هذا التفكير كان مجرد أمنية، فقد كانت هى التى تكظم قهرها ثم تنفجر رغماً عنها فتبكى، وعندها يكون رده الجاهز هو وصفه لدموعها بأنها "دموع التماسيح"!
برأيى أن ما فعله إيهاب يستحق الإشادة، وهو مهم لأن الأسرة مهمة، وكيان يستحق، ولأن الرباط غليظ، ولأن الاستهتار به فى زماننا كثر حتى أصبحت مصر الأولى عربياً فى زيادة نسبة الطلاق.
هزم إيهاب أيضاً عقدة مفادها أن الاعتذار وخفض الجناح واللين مع الزوجة هو بوابة "لاستقواء أمنا الغولة"، وأنه انتقاص من رجولته، والحقيقة أنه كان رجلاً بحق، فإن لم تكن الرجولة هى الحفاظ على الأسرة، وحفظ العشرة.. فأى شىء تكون؟!
وفى أسوأ الأحوال وأسوأ الظن يبقى فعل المهندس الزوج مظهرية محبوبة وسنة حسنة له أجرها وأجر من عمل بها!
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة