بعض المحافظين مثل بعض السياسيين الذين احترقت أوراقهم أو أوشكت على الاحتراق، عادة ما يستخدمون المعارضة أو الإخوان المسلمين للتقرب إلى السلطان زلفى، إما بالقول بأن الإخوان خطر داهم أو أن المعارضة ونوابها فى البرلمان لا يفهمون أو مغرضون، وكأن هؤلاء النفر من الساسة الذين تجاوزهم الزمن لا يريدون الإقرار بحقيقة أن الدنيا تتغير وأن لكل زمان دولة ورجالاً، وأن فشلهم تتحدث به الركبان..
المستشار عدلى حسين -نموذجا- فعادة ما يترك القضايا المحلية التى من المفترض أن تكون همه الأول والأخير وشغله الشاغل ليل نهار، ليتحدث عن السياسة، مع أن المعلوم للجميع أن المحافظين مثلهم مثل الوزراء لا يعرفون فى السياسة، لأنه هناك شخص واحد ومعه مجموعة هى التى تفهم وحدها فى الشئون السياسية وتدير البلد وفقا لمفهومها.
المستشار حسين تحدث فى اجتماع لمجلس المحافظةـ والذى من المفترض أن يخصص لمناقشة القضايا والتحديات والحلول ـ عن المعارضة والإخوان: "أكد عدلى حسين محافظ القليوبية أن جماعة الإخوان المحظورة يراوغون ويتلاعبون بالدين من أجل مكاسب سياسية، حيث عارضوا تخصيص 64 مقعدا للمرأة فى البرلمان بينما يعدون مرشحاتهم لخوض الانتخابات على هذه المقاعد.وأن النائب جمال زهران سار فى ركب الإخوان وانتقد تخصيص مقاعد المرأة" نقلا عن الجمهورية 1 يوليو 2009 .
ولا أعرف سر حماسة المستشار عدلى حسين وانزعاجه من النائب جمال زهران الذى لا أعرفه أيضا. ولا أعرف سر حملته على الإخوان رغم أن المحافظة التى يرأسها (القليوبية) مليئة بالمشاكل والقضايا التى ينوء بحملها عشرة من فطاحل المحافظين، ناهيك أن يكون المحافظ عدلى حسين قادرا عليها وحده.
"الزبالة" متراكمة فى شبرا الخيمة ليل نهار، ولدىّ العديد من الصور التى تصور تلال الزبالة المحيطة بالأسواق فى عدة مناطق، والتى تغشاها الحيوانات لتعيش جنبا إلى جنب مع البنى آدمين فى مشهد لا يمكن تكراره إلا فى شبرا الخيمة، حيث ولدت وعشت لفترة طويلة من حياتى ولا زلت أشاهد نفس المشاهد صباحا ومساء أثناء زياراتى المتباعدة لشبرا الخيمة. شبرا الخيمة كانت أكبر منطقة صناعية متخصصة فى صناعات النسيج، ماذا فعل المستشار عدلى حسين من أجلها؟ لا شيء؟
شبرا الخيمة بها أحياء جديدة يقطنها مئات الآلاف من البشر، وليس بهذه الأحياء مركز شرطة على غرار مركز أول أو ثان، فى مدينة يحسب عدد سكانها بالملايين وتنتشر بها الجريمة خصوصا تجارة البانجو والمخدرات على عينك يا تاجر، ماذا فعل المستشار لمحافظته للحفاظ على الأمن وتقليل معدلات الجريمة؟! كوبرى أحمد عرابى ظل تحت الصيانة لشهور، ولا أدرى إن كان قد تم ترميمه أم لا، من المسئول؟ هل زهران أم الإخوان؟
شبرا الخيمة التى ولدت بها كان بها نادى المؤسسة الرياضى ونادى شباب ناصر الثقافى، فليحدثنى المحافظ عن عدد الأندية الثقافية والرياضية التى أنشئت فى عصره الميمون قبل أن يهاجم المعارضة ويتفرغ لها، وليسمح لى معالى المحافظ أن أسأله عن مستشفيات ومراكز شبرا الخيمة الصحية متى زارها آخر مرة؟ وماذا وجد فيها سوى "المعيز والبط والوز"؟ هل هذه الطيور هى مشاريع إخوانية أم ملكية مشتركة بين زهران والإخوان؟!
شبرا الخيمة التى كانت يوما ما مفخرة صناعية تحولت إلى مقبرة إنسانية، لا تخطيط ولا تنمية ولا شيء سوى الزبالة والجريمة والميكروباصات و"التكاتك" والمجارى وكميات هائلة من التلوث البيئى تستحيل معها الحياة.
أفهم أن المستشار عدلى حسين وغيره يناقش قضايا المحافظة الشعبية وأن يدعو ممثلى المحافظة للاجتماع به لمناقشة الدور الرقابى والتشريعى وكيف يمكن لنواب الشعب أن يساعدوه على تحقيق رسالته، لا أن يجتمع بنواب الوطنى ويستثنى، بل يسب المعارضة، ويتخذ من الإخوان جسرا لإظهار ولائه للحزب الذى من المفترض أنه لا ينتمى إليه لأنه لم يأت إلى منصبه بالانتخاب، بل بالتعيين.
آخر السطر
كتب د. مصطفى الفقى فى الأهرام(حوار العصر.. رؤية مستقبل مصر) الثلاثاء 30 يونيو- واعظا ومناشدا ومرشدا لخارطة الطريق الجديدة لرؤية مصرية جديدة، ولكنه كان مترددا وخائفا ومرعوبا، وشعرت فى بعض الأوقات أن الرجل فى فمه كثير من الماء..يا دكتور مصطفى قلها وتوكل على الله ... ننتظر مقالك المقبل ونتمنى أن يكون أكثر وضوحا وجرأة وسينسى لك الناس ما حدث فى انتخابات 2005.