"الحرب على الرقابة" فى مؤتمر مكتبة الإسكندرية

الثلاثاء، 14 يوليو 2009 06:57 م
"الحرب على الرقابة" فى مؤتمر مكتبة الإسكندرية جلسة الرقابة على النشر فى العالم العربى
كتب وائل السمرى وجاكلين منير

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
أختمت أمس الاثنين، وقائع مؤتمر "آليات الرقابة وحرية التعبير فى الوطن العربى" الذى نظمته مكتبة الإسكندرية بالتعاون مع المركز القومى للترجمة، على مدار يومين. وشهدت قاعة المؤتمرات بالمكتبة أمس جلسة بعنوان "الرقابة على النشر فى العالم العربى" أدارها الأديب المصرى ناصر عراق، وشارك فيها الكاتب الأردنى إلياس فركوح والناشر السورى مجد حيدر، وأشار عراق فى افتتاح الجلسة إلى أن الواقع العربى يشهد تدخلا رقابيا مقيتا وبغيضا فى ظل عالم منفتح لا يقيم وزنا للمصادرين و"سفاكى الإبداع".

وفى كلمته، أكد "فركوح" أن الرقابة لا تختلف عن سواها من أفعال التلصص والمصادرة غير البريئة، وهى تدمر فاعلها لأنها تخلق منه شخصاً شائهاً يتعامل مع العالم على أنه مجموعة علاقات مشبوهة فلا يثق بأحد، وهى تدمر المستهدف منها فى هويته العامة وماهيته الجوهرية، إذ تضيف إليها ما لا تملك من رذائل، وتحذف منها ما تحوزه من فضائل. وأضاف "أى رعب أن نقبل من أى مخلوق، مهما علا شأنه، أن يفرض علينا ما نكتب، ويحجب عنا ما نريد أن نقرأ"، وأشار فركوح إلى أن الكتاب الذى يفكر بالنيابة عنا ليس جديراً بالاحترام أصلاً، لأن صاحبه لا يحترم ذكاءنا، ولا يحترمنا بالتالى.

وتحدث الناشر مجد حيدر صاحب دار "ورد" التى تنشر أعمال الكاتب حيدر حيدر وغيره من الكتاب المتحررين قائلا: فكرت فى إنشاء دار للنشر لأنى أعتبرها وسيلة تقدم للناس ثقافة رفيعة تحمل جوانب تنويرية وتعكس خبرات ومعارف متنوعة، ولكنى وجدت فى حلمى كابوس الرقيب سواء كان موظفا حكوميا أو فقيها من فقهاء الظلام. وأكد "حيدر" أنه كان قد وصل إلى حالة من اليأس مما يقال فى بلادنا عن الحروب مع الرقابات، لكنه قرر الاستمرار، مستمدا حماسته من الجيل الجديد الشاب الذى يقرأ ويكتب ويقدم الجرىء والجديد والحر.

وقال حيدر "لا أخفى سرا إذا قلت أن عدد دور النشر العربية المغضوب عليها من الهيئات الظلامية لا يتجاوز العشرين دارا، مقابل الكم الهائل من الدور التى لا هم لها إلا نشر كتب السلفية وكاسيتات الفتاوى والخرافة والشعوذة والسحر والطائفية، فنحن مصنفون جيدا، وهم دائما ينتظرون الفرصة لصيدنا وحصرنا فى الزاوية".

وأدار الشاعر حلمى سالم جلسة "قضايا المصادرة بين القانون والإعلام"، شارك فيها فيصل خرتش (سوريا) وحلمى النمنم (مصر) والناشط الحقوقى نجاد البرعى (مصر)؛ الذى قدم رؤية قانونية لحرية التعبير والرأى فى الصحافة، مشيراً إلى أنه لا توجد قوانين تقنن حرية التعبير مؤكداً أن حرية الرأى والتعبير تعد من أهم الحريات المدنية والسياسية للإنسان، وهى ضرورية لإحساس الإنسان بمعنى وجوده؛ ولحرية الرأى والتعبير معنى واسع يندرج تحته العديد من الحقوق منها الحق فى تكوين الأحزاب والجمعيات الأهلية والنقابات المهنية والعمالية والإضراب والفكر والوجدان والدين والتظاهر والاجتماع السلميين وإصدار الصحف والتمثيل السينمائى والمسرحى والبث الهوائى.

وتحدث الكاتب الصحفى حلمى النمنم عن قضية "نفاق الجماهير" لدى بعض الصحفيين، والتى تتسبب فى بلبلة الرأى والحكم غير الواعى على الأعمال الأدبية، مما يؤدى إلى مصادرتها. وذكر ما حدث مع كتاب الشيخ محمد جلال كشك حول الإسلام والشذوذ الجنسى، الذى رفعت عليه عدة قضايا وأثير حوله العديد من المشاكل إلا أنه حالياً يباع فى الأسواق بشكل طبيعى جداً، كأن شيئاً لم يكن. وأكد النمنم أن المصادرة معظمها شفاهية، إذا حاولنا أن نبحث عن قرارات المنع والمصادرة فلن نجد قراراً واحداً بذلك، فمثلاً "أولاد حارتنا" لنجيب محفوظ التى يعتقد الكثيرون أنها منعت، كل ما حدث أن الرئيس عبد الناصر تلقى عدة تقارير حولها فأمر بوقف طبعها.

وجاءت الجلسة الختامية، التى أدارتها الأديبة الكويتية ليلى العثمان، جامعة شاملة لكل الرؤى والأفكار واختتمت بشهادات الدكتورة سامية محرز (مصر) وفنان الكاريكاتير عماد حجاج (الأردن) والمحلل القانونى محمد فقيهى (المغرب).

وتحدثت الدكتورة سامية محرز، أستاذة الأدب العربى بالجامعة الأمريكية، عن واقع الحريات الأكاديمية فى مصر، مثيرة لقضية التخصص وموقع الإنتاج الأدبى فى المجتمع، وقضية العلاقة بين المؤسسة الأكاديمية ومفهوم التعليم الحر، متحدثة عن تجربتها الشخصية مع منع تدريس كتاب "الخبز الحافي" للروائى المغربى محمد شكرى، حيث تم اتهامها بأنها تدرس كتاباً يخل بالآداب العامة، ورفعت عدة شكاوى ضدها لرفع الكتاب من قائمة الكتب المقررة، وبعد انتهاء الأزمة تمت مصادرة عدد مجلة الآداب البيروتية فى مصر، والذى كتبت فيه عن أزمة الخبز الحافى، وأشارت محرز إلى أن الدولة فى ظل سعيها المزدوج بين العلمانية والأسلمة لجأت إلى مجموعة من الاستراتيجيات المتناقضة التى أدت إلى حنق المجتمع المدنى بكل توجهاته ومؤسساته، فأصبحت مواجهة اليوم بما قد نطلق عليه "ثقافة المقاومة".

وقالت إن الدولة تسمح بتدخل "السلطة الدينية" فى المجال الثقافى من خلال مصادرة الكتب وحذف المشاهد وإطلاق الفتاوى ضد المبدعين.

وقال فنان الكاريكاتير عماد حجاج حول تجربة إقالته من جريدة الرأى بسبب إصراره على التعبير عن رأيه من خلال رسومه، إنه أراد أن يعبر عن الحق الحقيقى للإنسان فى حرية التعبير. وتساءل: أين كان الرسامون العرب أثناء أزمة الرسوم المسيئة؟ مشيراً إلى أن الغرب أيضا يضع قيوداً على الرسوم الكاريكاتورية، وأنها فى كثير من الأحيان تخضع للسياسات التى تتبعها الصحف والمجلات. فيما أكد د. محمد الفقيهي أستاذ العلوم القانونية فى جامعة فاس بالمغرب، أن القانون فى كثير من الأحيان يقمع الحريات وليس لحمايتها، وأشار إلى أن الامتثال للرقابة الذاتية هو انتحار بطئ، وأن المجتمع المكمم هو مجتمع موعود بالانحطاط على جميع الأصعدة، وأن المجتمعات لا تقوم لها قائمة إلا إذا أحسنت تكريس مبادئ وقيم الحرية والمساواة بين مكوناتها المختلفة. وفى ختام الجلسة، أعرب فقيهى عن أمله فى أن تكون هناك أيام أفضل فى انتظار حرية التعبير والرأى، مؤكدا أن الأمل معقود على المبدعين لتعرية عقد المجتمع ككل وكذا عقد أجهزة التعسف جملة.





مشاركة




لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة