وأقاويل المنافقين عن حرية المرأة تنهمر فوق رؤوسنا، قلنا: إن لكل حرية سقفا، قالوا: لا سقف لحرية المرأة، فلما استعملت المرأة حريتها فاختارت الحجاب، قالوا: لا حرية فى الحجاب، فى مشهد يجسد زيف ما دعوا إليه، ويكشف عن الترهل المخجل فى المبادئ التى أذاعوها فوق كل شبر من الأرض.
يا دعاة الحرية، إن من مفردات الحرية لديكم أن ترتدى المرأة ما شاءت من ثياب، إلا أن رفضكم للحجاب حين لبسته المرأة، يعد مناهضة سافرة للحرية التى تشدقتم بها، والأمر يبدو وكأنه حرية فى العرى والسفور فقط، أما فى الحشمة والستر فلا حرية، فهل هذه حرية؟
إن التغنى بحرية المرأة، لا يعنى منحها حرية مطلقة فى إبراز مفاتنها، دون منحها نفس الحرية إن أرادت العكس، وليس من الحرية أن تقف مؤسسات موقف العداء من شىء هو من صميم حرية المرأة واختيارها الشخصى، بل وتصدر قرارات رسمية بمنع ارتدائه، فى مصادرة واضحة لأخص حقوق المرأة، فمن الذى يقف الآن ضد حرية المرأة؟
فإذا كنتم تؤمنون بحرية الرأى، وبالحوار القائم على الحجة والمنطق، بعيداً عن التعصب المسبق، فسوف تفهمون، وسوف تسعون لخلق مناطق مشتركة للتعايش الإنسانى القائم على الحرية والعدل، واحترام الخصوصية، على نحو يجسد ملامح واضحة لحقوق الإنسان بصفة عامة، ولحق المرأة بصفة خاصة، وذلك إن كنتم تقصدون حقاً تمكين المرأة من حقوقها.
لقد أتُهم الإسلام بأنه ضد حرية المرأة، وهى تهمة لا محل لها من الواقع، فالإسلام هو الذى أعاد للمرأة حريتها، وجعل منها درة غالية مكنونة يبحث عنها الرجل، ويبذل فى سبيل الفوز بها كل غالٍ وثمين، ولم يجعل منها بضاعة معروضة فى سوق السفور والعرى، يتهافت عليها الذباب بكل طريق، فمن الذى كرم المرأة ورفع قدرها، ومن الذى أهان المرأة وحط من شأنها؟
إن للحرية فى ديننا حدودا ومعالم واضحة، فهى حرية محكومة بأمر ونهى، ورغم أنه لا اختيار أمام أمر الله ورسوله، إلا أن ضرورة الحوار الهادف، والتواصل مع الآخر، تفرض استخدام لغة تتسع لها صدوركم وعقولكم، ومناظرتكم من مادة ما أعلنتموه، وما دعوتم إليه بكل طريق.
وتبقى ملاحظة أخيرة، أهمس بها فى مسامع من يريدون جعل حجاب المرأة قالباً أصماً فى الشكل واللون والتصميم، ويريدون وضع المرأة فيه إكراهاً لا اختياراً، بدعوى أن هذا من فروض الدين، أقول: إن الشريعة الإسلامية وضعت أسساً عامة تلتزم به المرأة فى ثيابها، وكل امرأة تلتزم بها فقد التزمت بصحيح الدين، بعيداً عن التعصب الممقوت، أو التفريط المذموم.
والمغزى أن يكون للمرأة مساحة من الحرية فى إطار هذه الأسس، تختار على ضوئها ملبسها، حتى لا يُتهم الحجاب بأنه كفن للمرأة، أو سجن لحريتها، كما يزعم عشاق الصيد فى الماء العكر.
لا توجد تعليقات على الخبر
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة