أبرزت مجلة التايم الأمريكية ما اعتبرته أول محاولات جادة من قبل الحكومة المصرية لمواجهة ظاهرة التحرش الجنسى المستشرية. وتحدثت الصحيفة عن مساعى الحكومة للاعتماد على تعاليم الإسلام للحد من هذه الظاهرة، التى أساءت إلى سمعة مصر فى منطقة الشرق الأوسط، على حد تعبيرها.
واستهلت الصحيفة تقريرها بالقول: دعاء قاسم، مثل معظم النساء المصريات اعتادت على التعرض للتحرش من قبل بعض الرجال فى شوارع القاهرة المزدحمة. فالشابة البالغة من العمر 24 عاماً والتى تعمل سكرتيرة تنفيذية تعى جيداً حقوق المرأة، ودرست هذه القضية فى السويد، وهى أكثر جرأة عندما يتعلق الأمر بالتعامل مع من يتحرشون بها. تقول قاسم: "أنا شجاعة بقدر كاف لإيقافهم وإخبارهم بأن ما يفعلونه أمر خاطئ". وفى بعض الأحيان تطاردهم.
ربما كانت قاسم شجاعة، لكنها تستنكر موقف الحكومة المصرية من هذ القضية، وتقول إن الحكومة طالما أنكرت حدوث التحرش الجنسى فى الشوارع، ولذا عندما عرض عليها الكتيب الإعلامى الجديد الذى أصدرته الحكومة بعنوان " التحرش الجنسى.. الأسباب والحلول" تعاملت مع الأمر بدهشة.
وأشارت التايم إلى قيام وزارة الأوقاف الأسبوع الماضى بتوزيع الكتيب على المساجد فى جميع أنحاء البلاد فيما يبدو كأول المحاولات الجدية من قبل الحكومة لمواجهة المشكلة التى أصبح من المستحيل تجاهلها. فبينما أكسب وباء التحرش الجنسى فى مصر الدولة سمعة باعتبارها واحدة من أسوأ الأماكن التى تشهد هذه الظاهرة فى الشرق الأوسط، فإن الحكومة اكتسبت بين المدونين وجماعات حقوق الإنسان سمعة أسوأ لإنكارها وجود هذه المشكلة فى الأساس.
ثم فى عام 2008، أطلق المركز المصرى لحقوق المرأة أول تقرير دقيق حول هذه القضية. حيث قالت 83% من السيدات التى تم استطلاع آرائهن حول هذه القضية وبلغ عددهن 1010 إنهن تعرضن للتحرش الجنسى، وما يقرب من نصفهن تعرضن للتحرش بشكل يومى بدءاً من التعليقات اللفظية إلى التحرش الجسدى العنيف.
التقرير وثق أيضا للاعتقاد الواسع بأن النساء تقع عليهن مسئولية كبيرة فى التعرض للتحرش الأمر الذى أثار حالة من الجدل فى الصحافة المصرية والأجنبية بشأن من المسئول وما هى الخطوات المطلوب اتخاذها. الحكومة قررت أن أحد طرق التعامل مع المشكلة هو مواجهتها بتعاليم الإسلام. فالكتاب الذى تم توزيعه على 50 ألف من أئمة المساجد حدد خمسة أسباب للتحرش من بينها نقص الوعى الدينى والفراغ الثقافى والعقلى. كما اقترح الكتاب أيضا طرقا للتعامل مع المشكلة.
وتنقل المجلة عن سالم جليل، وكيل وزارة الأوقاف ومؤلف الكتاب قوله : "عندما يدرك الأئمة أن التحرش الجنسى ظاهرة ذات مخاطر اجتماعية، ويفهمون الأسباب التى تقف وراءه سيبدأون فى نشر الرسالة". ويضيف جليل "أن المصريين متدينون ولذلك عندما نقدم لهم سبب يحمل وجهة نظر دينية، فإن الاستجابة ستكون قوية".
وتلفت التايم إلى أن هذا الكتيب الإعلامى لا يعد الأول من نوعه، ففى الماضى، قدمت الوزارة كتبا إرشادية مشابهة حول القضايا التى تتعلق بالإرهاب أو زى المرأة. والحلول التى يطرحها الكتيب لا تتفق بالضرورة مع النصائح التى تقدمها جماعات حقوق المرأة الذين يركزون بشكل أساسى على تقديم مشروع قانون بشأن هذه القضية وتعزيز تمكين المرأة.
بالإضافة إلى ذلك، فإن قرار الوزارة مواجهة القضية بشكل عام ربما يشير إلى تغيير ملحوظ فى موقف الحكومة من القضية الذى كانت تتبناه العام الماضى: وهو أن التحرش الجنسى هو مشكلة قلة من الناس.
ورأت رشا حسن الباحثة الأساسية فى المركز المصرى لحقوق المرأة أن ما أقدمت عليه الحكومة فرصة كبيرة، إلا أنها قالت إن الحكومة بالتأكيد لا تزال فى حاجة إلى فعل المزيد. "لكننا الآن نرى بعض التغيير فى الوزارات".
وفى نهاية التقرير، تحدثت المجلة الأمريكية عن الدعاوى المطالبة للحكومة بمشروع قانون يهدف تحديداً إلى الحد من التحرش الجنسى، وعلقت عليه قائلة إن هذا الإجراء قد لا يكون كافياً. وتقول نادية خليفة الخبير فى حقوق المرأة بمنظمة هيومان رايتس ووتش بالشرق الأوسط. أن أى قانون ضد التحرش الجنسى فى الشوارع أو أماكن العمل هو خطوة جيدة نحو الأمام، إلا أن الأمر لايزال يتطلب من الحكومة تفعيل القانون بشكل جيد عن طريق خلق آليات للتأكيد على إبلاغ النساء عن حوادث التحرش التى يتعرصن لها والتعامل بشكل ملائم مع هذه الحوادث، ومن ثم سيكون التغيير ممكناً ببطء.
التايم: الحكومة المصرية تعتمد على تعاليم الإسلام فى مواجهة التحرش الجنسى
الجمعة، 10 يوليو 2009 09:02 م
جانب من تقرير التايم
لا توجد تعليقات على الخبر
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة