"الكذب" من العادات الشائعة لدى الأبناء، والتى قد تستمر معهم حتى الكبر، وكثيراً ما يشكو الآباء من كذب أبنائهم، وهذه العادة تنشأ فى أغلب الأحيان بسبب الخوف، خاصة فى مرحلة الطفولة من عقاب يمكن أن ينالهم بسبب أخطائهم.
ويكون الغرض من الكذب فى هذه الحالة حماية النفس، وتقول إيناس عبد المقصود الأخصائية النفسية بجمعية "كيان" لرعاية الأطفال، إن الكثير من الآباء يلجأون إلى الضرب لمنع الأطفال من الكذب غير أن النتيجة هى استمرار الطفل فى الكذب، فمعالجة الكذب لدى أبنائنا تحتاج إلى أسلوب إيجابى وفعّال، وذلك حسب أنواع الكذب التى يجب أن يدركها فى البداية أولياء الأمور وهى:
ـ الكذب الخيالى، وهى سرد الطفل قصة خيالية ليس لها صلة بالواقع، وهو كذب إيجابى، حيث علينا كمربين أن نعمل على تنمية خيال أطفالنا لكونه يمُثل جانباً إيجابياً فى سلوكهم، وحثهم لكى يربطوا خيالهم الواسع بالواقع من أجل أن تكون أقرب للتصديق والقبول.
ـ الكذب الادعائى، وهذا النوع من الكذب يهدف إلى تعظيم الذات، وإظهارها بمظهر القوة لكى ينال الفرد الإعجاب، وجذب انتباه الآخرين، ولتغطية الشعور بالنقص، وهذه الصفة نجدها لدى الصغار والكبار أيضا.
ـ الكذب الانتقامى، هذا النوع من الكذب ناشئ بسبب الخصومات التى تقع بين الأبناء وخاصة التلاميذ، حيث يلجأ التلميذ إلى إلصاق تهم كاذبة بزميله بهدف الانتقام منه.
ـ الكذب الالتباسي، وهذا النوع من الكذب ناشئ عن عدم المعرفة، فهو كذب غير متعمد، وإنما حدث عن طريق الالتباس وهذا النوع ليس من الخطورة بمكان.
ـ الكذب الدفاعى، ينشأ غالباً بسبب عدم الثقة بالآباء والأمهات بسبب كثرة العقوبات التى يفرضونها على أبنائهم، أو بسبب أساليب القسوة والعنف التى يستعملونها ضدهم فى البيت مما يضطرهم إلى الكذب لتفادى العقاب، وهذا النوع من الكذب شائع فى البيت والمدرسة.
ـ الكذب التقليدى، وهو الكذب لدى الأطفال يقلدون فيه الآباء والأمهات الذين يكذب بعضهم على البعض الآخر، أو يمارس الوالدان الكذب على الأبناء، كأن يَعِدون أطفالهم بشراء هدية ما، أو لعبة، ولا يوفون بوعودهم، فيتعلمون منهم صفة الكذب.
ـ الكذب المرضى وهذا النوع من الكذب نجده لدى العديد من الأشخاص الذين اعتادوا على الكذب، ولم يعالجوا بأسلوب إيجابى، فتأصلت لديهم هذه العادة بحيث يصبح الدافع للكذب جزءاً من حياتهم، وهم يدعون أموراً لا أساس لها من الصحة، ويمارسون الكذب فى كل تصرفاتهم وأعمالهم، وهذه هى أخطر درجات الكذب، وأشدها ضرراً، وعلاجها ليس بالأمر السهل ويتطلب منا جهوداً متواصلة ومتابعة مستمرة.
والسؤال هنا كيف نعالج مشكلة الكذب لدى أطفالنا؟ تجيب الأخصائية النفسية إيناس على هذا السؤال قائلة: لمعالجة هذه الآفة الاجتماعية لدى أبنائنا ينبغى علينا الآتى:
التأكد ما إذا كان الكذب لدى أبنائنا نادراً أم متكرراً وعدم معالجة الكذب بالعنف أو بالسخرية والإهانة، بل ينبغى دراسة الدوافع المسببة للكذب، وقطع الطريق على الكاذب حتى لا ينجح فى كذبه، لأن النجاح يشجعه على الاستمرار عليه، وينبغى أيضا عدم إلصاق تهمة الكذب بأى شخص قبل التأكد من صحة الواقعة، فعلينا كأولياء أمور استعمال العطف بدلا من الشدة، وحتى فى حالة العقاب، فينبغى أن لا يكون العقاب أكبر من الذنب بأية حال من الأحوال، والتعامل بصدق مع الأطفال حتى تتأصل لديهم الصراحة.
