اللعب.. العالم الخاص بالطفل، يصنع من خيالاته واقعا يعيش فيه ويتفاعل معه وينفس من خلاله عن مشاعره وآلامه ومخاوفه، لذلك استغل الأطباء النفسيون انجذاب كل الأطفال للعب فى تشخيص الكثير من الأمراض النفسية التى تصيبهم، خاصة مع صعوبة أن يعبر الطفل عن المشاكل أو الاضطرابات النفسية التى يتعرض لها.
الأخصائية النفسية منى جابر، تعتبر اللعب من أهم الوسائل الفعالة فى العلاج النفسى للأطفال، خاصة أنه يمثل مزيجا بين نشاط فسيولوجى واجتماعى ونفسى يستخدم فيه الطفل كل حواسه، حيث يكون الهدف منه المتعة فى المقام الأول وتفريغ انفعالات الطفل وطاقته. "لعبة الخيال"، إحدى اللعب التى تستخدم فى العلاج النفسى، حيث يترك للطفل مطلق الحرية فى اختيار اللعبة التى يريدها ثم يناقشه الأخصائى النفسى فى اختياراته.
واستخدمت منى جابر هذه اللعبة مع طفلة لا تتجاوز التاسعة من عمرها، تعانى من انعدام الثقة فى الذات، ودائما ما تلعب دور الخادم بين مجموعة أصدقائها واكتشفت من خلال اللعب، أن الطفلة تقسم العالم لفئة من الأشرار وأخرى من الطيبين، حيث يسيطر القوى على الضعيف.
من المواقف المتكررة مع الآباء والأمهات، أن يتظاهر الطفل بأنه يعانى من آلام فى معدته حتى لا يذهب إلى المدرسة، دون أن يدركوا أن هذه الحالة تخفى وراءها خوف الطفل من شخص ما فى المدرسة أو خوفه من الافتقاد إلى شئ معين. ومن خلال "لعبة البطاقات الملونة" التى تعطى الطفلة فيها بطاقة ملونة لكل شخص من المقربين، اكتشفت الأخصائية النفسية أن الوالدين كثيرا ما يتشاجروا أمام الطفلة، مما يجعلها ترغب فى البقاء بالمنزل خوفا من انفصال الوالدين وكأنها تحرسهما.
اختارت البنت اللون الأحمر لوالدتها، وهو لون مرتبط بالمشاعر، حيث تعانى من تناقض فى مشاعرها تجاه والدتها، أما الأب فهو يفرض عليها أشياء وترغب فى التمرد عليه، لذلك اختارت له اللون الأسود.
اللون البرتقالى اختارته للمدرسة وقطعت البطاقة، وألقت بها على الأرض، وأعطت اللون الأزرق لأصدقائها لأنهم لا يمثلون لها أى مشكلة، واختارت نفس الطفلة فى لعبة الدراما عندما تكبر أن تعمل كسارقة لتسرق كل الأشياء التى تتمنى الحصول عليها.
ومن بين ألعاب الخيال، لعبة أخرى يتخيل فيها الطفل أن كوكبا يهبط من الفضاء الخارجى، حيث يطلب الأخصائى النفسى من الطفل أن يختار شخصين فقط ليدخلا الكوكب ويخرجا فى صورة مختلفة، اختارت إحدى الفتيات أن يدخل والدها الكوكب ليتحول إلى شخص مطيع ويجلس معها ساعة يوميا، أما الأم فبعد خروجها من الكوكب فلن تفرض عليها الاستذكار لساعات طويلة وتمشى معها ساعة يوميا.
من أهم الحالات التى واجهتها منى جابر، واستطاعت خلال ثلاثة شهور فقط علاجها، كانت حالة ذلك الطفل الذى لا يتجاوز السابعة، ويعانى من سفر والديه وتتكرر شكوى المدرسين بأنه فوضوى وعنيف، مما يدفع المدرسين إلى عقابه بفصله عن باقى الأطفال، اكتشفت الأخصائية منى جابر أن ذلك الطفل يفتقد الكثير من مشاعر الحنان والقرب، مما يدفعه إلى احتضان زملائه فى المدرسة الذى يشعرون بالألم بسبب ضخامة جسده.
"التشبع بالفوضى"، تلك هى الطريقة التى اتبعتها معه من خلال لعبة تعتمد على رمى الألعاب بشكل عشوائى فى كل مكان وبالتدريج. وبدأت تعلمه لعبة أخرى يقوم خلالها بجمع الألعاب لمساعدة العروسة على ترتيب الحجرة، ووجهت الطفل إلى إحدى الرياضات العنيفة حتى يفرغ طاقته فى شئ مفيد ليتحسن سلوكه فى الفصل ومع زملائه بعد ثلاثة شهور فقط.
اللعب.. علاج للأطفال أيضاً
لا توجد تعليقات على الخبر
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة