من تفاصيل الحياة الصغيرة التى جمعت عبدالناصر وعامر أيام كانا ضابطين صغيرين فى الجيش المصرى، إلى وهج الحلم الذى جمعهما للتغيير فتم تكوين تنظيم الضباط الأحرار الذى قاد ثورة يوليو 1952، ومن بريق السلطة وهمومها إلى حالة الانقسام بينهما فى إدارتها، يدور الفيلم الذى يلتقط تفاصيل التفاصيل فى علاقة الاثنين التى بدأت مبهجة بهجة العطاء بين الصديقين، وانتهت بدراما موجعة هى دراما نكسة 5 يونيو 1967، والتى لم تقف نتائجها على الهزيمة فقط، وإنما امتدت إلى موت عامر، وحسرة ناصر على الصديق الذى كان.
خالد يوسف يقدم فى فيلمه «ناصر وعامر» الذى مازال حبيس الأدراج الدراما التى جمعت الاثنين.. دراما النصر والهزيمة.. الحلم والانكسار.. الحياة والموت.. بداية نقيضة للنهاية.
«اليوم السابع» تنشر خمسة مشاهد من السيناريو يحمل كل منها معنى خاص فى تطور العلاقة بين الاثنين التى تنتهى بموت عامر ودمعة حزينة من ناصر عليه.
مشهد 24
شقة ناصر وعامر فى حى شعبى..
فى شقة متواضعة بحى شعبى يسكنها الشابان جمال عبدالناصر وعبد الحكيم عامر، يقف عامر أمام المرآة ويضبط هندامه المكون من بدلة كاملة لها ربطة عنق أنيقة.. يدخل عليه ناصر مرتديا بنطلونا وقميصا بسيطين للغاية.
ناصر:
«يلا يا حكيم اتأخرنا.. عايزين نلحق الفيلم من أوله.. يا بنى إحنا مش رايحين نخطبلك»
عامر:
ثانية واحدة.
ويسرع ناحية ركن فى الغرفة ويخرج طربوشا جديدا من كارتونة مكتوب عليها ماركة النسر، يرتديه أمام المرآة ويعجب بنفسه بالطربوش إعجابا شديدا.
ناصر:
«يا خبر اسود.. اشتريت طربوش جديد.. وماركة النسر كمان..».
عامر:
«وإيه يعنى.. اللى بيلبسوا ماركة النسر أحسن منى..».
ناصر:
«ده جنان رسمى.. مانت عندك طربوش كويس.. تضيع القرشين اللى أدهملك أبوك فى حاجة هايفة كده».
عامر:
«زهقتنى من الكلام ده.. الفلوس اتعملت عشان نصرفها على حاجة تبسطنا.. بذمتك شكلى كده ابن عمده, ولا ابن ملك مصر والسودان..».
يضحك ناصر ويخرج ومعه عامر من باب الشقة..
قطع
مشهد 25
شوارع القاهرة أمام وداخل مكتبة «مصر».
يسير ناصر وعامر فى شارع «الجمهورية» يتحدثان عن الفيلم الذى شاهداه.
ناصر:
»السينما الأمريكية دى فظيعة يا جدع.. أمريكا ح تسيطر ع العالم من خلالها..».
فجأة يتوقف ناصر أمام مكتبة ويلفت انتباهه كتاب «عودة الروح» لتوفيق الحكيم وقد بحث عنه أكثر من مرة ولم يجده.
ناصر:
«كتاب عودة الروح.. أخيرا لقيته..»
ناصر يدخل مسرعا ويتبعه عامر.. يلتقط الكتاب ويشير للبائع مستفسرا عن ثمنه.
البائع:
«ثلاثون قرشا»
ناصر لعامر:
«ياه ده غالى قوى..»
عامر:
«انت معاك كام..»
ناصر يبحث فى جيوبه فلا يجد سوى بضعة قروش بسيطة فيبسطها فى يده ليعرف عامر أنها قليلة فيبحث فى جيوبه ويبسط ما بها ليتأكد أنهما لن يستطيعا شراء الكتاب.
ناصر:
«ولا يهمك.. الشهر الجاى ح أجى أشتريه».
يخفى ناصر أسفه وألمه ويعيد الكتاب إلى مكانه.. ويحاول أن يتغلب على حزنه بالتقليب فى الكتاب وقراءة محتوى صفحاته.. وفجأة يلتفت فلا يجد عامر فيبحث عنه دون جدوى.
فيسرع بالخروج من المكتبة ليجد عامر مقبلا وهو يلهث، ولكن عامر يتجاوزه ويتجه مباشرة إلى الكتاب ويأخذه ويعطى ثمنه للبائع وسط دهشة ناصر.
يصل عامر إلى ناصر ويعطيه الكتاب.
عامر:
«هو ح يستناك للشهر الجاى».
ناصر:
«جبت الفلوس منين..؟»
عامر:
«نزلت على رأسى من السما..».
الآن فقط يدرك ناصر أن عامر ليس على رأسه الطربوش فقد باعه حتى لا يحرمه من كتاب يريده فتمتلئ عينا ناصر بالدموع.
قطع
مشهد 26
شقة ناصر وعامر
فى داخل الحجرة نجد ناصر يقرأ كتاب «عودة الروح» بتركيز شديد لا يقطعه إلا تلك الأصوات الصادرة من صالة الشقة الناتجة من لعب حكيم وأصدقائه الضباط «البوكر».. يحاول ناصر التركيز والأصوات تتعالى فيفقد تركيزه فيخرج حانقا ناويا أن يطلب منهم الهدوء قليلا، وما أن يرى حكيم وسعادته وسطهم حتى يتردد فى أن يطلب شيئا يعكر عليه صفاءه، أو يحرجه أمامهم فيدخل مرة أخرى حجرته.. يلحظ حكيم خروج ناصر ودخوله.. فيتجه ناحية الحجرة.
عامر:
«عن إذنكو دقيقة»
عامر:
«إيه مالك»
ناصر:
«مش تفضها سيرة بقى..».
عامر:
«دى السهرة لسه ها تبتدى».
ناصر:
«انت عارف إنى ماليش فى السهر بتاعكو..».
عامر:
«يعنى أطردهم..».
ناصر:
«أنا ما قلتش كده.. بس أنا مليش أصحاب غيرك.. وكل ليلة بفضل لوحدى».
عامر:
«مانت اللى عايز كده.. بتقضى وقتك كله فى القراية.. وأنا مليش تقل عليها.. قلت أسلى نفسى..».
ناصر:
«بس انت لازم تتعلم تقرا.. إزاى بنفكر ننقذ البلد.. واحنا مش عارفين ننقذ نفسنا من الجهل..؟»
عامر:
«طيب إيه رأيك نقسم البلد نصين.. انت تعلمنى القراية.. وأنا أعلمك البوكر».
ناصر:
«ماشى ع الأقل نبقى سوا..».
يجذب حكيم ناصر من ذراعه إلى الصالة ويفسح له الضباط مكانا بينهم، ويبدأ فى تعليمه البوكر وفى مزج متعدد نرى عدة مرات كيف يعلم حكيم ناصر البوكر.
عامر:
«كده بقيت تمام.. إيه رأيك تلعب على فلوس».
ناصر:
«أنا ملعبش قمار».
عامر:
«يعنى احنا اللى بنلعب.. إحنا بنرجع الفلوس لبعض فى الآخر».
ناصر:
«وح تستفيدوا إيه».
عامر:
«أهو بنتسلى والكسبان بيبقى الكينج بتاع السهرة.. يلا آدى شلن أهه.
ناصر:
«وأدى شلن».
ويتم تفنيط الورق وعلى وجوه الضباط ترقب لمن سيكسب المعلم حكيم أم التلميذ ناصر.
نرى ورق حكيم فنجده ضعيفا جدا، وورق ناصر فى منتهى القوة ولكن حكيم الخبير بلعبة البوكر يتظاهر بأعصاب هادئة بقوة موقف أوراقه.
عامر:
«اضرب بربع جنيه»
تهتز ثقة ناصر فى أوراقه ويبدو عليه الارتباك فينسحب مفضلا أن يخسر «شلن» بدلا من أن يخسر ربع جنيه، فيكشف حكيم ورقه ليكتشف ناصر أن حكيم كان يصنع (بلوف)، ولو أنه قبل المزايدة لكسب الدور.. فينفجر الضباط فى الضحك، وأكثرهم هو حكيم.
عامر:
«................. يا ابنى اتعلموها بقى..».
يقطع ضحكاتهم رنين التليفون.. يتجه ناصر لرفع السماعة.
(نهاية فلاش باك)
ناصر وجد على كتاب «عودة الروح» لتوفيق الحكيم فى المكتبة.. فباع عامر طربوشه «النسر» ليدفع ثمنه
الخميس، 04 يونيو 2009 09:57 م