الآن، وضع المرشد الأعلى للثورة الإسلامية آية الله على خامنئى نفسه جنباً إلى جنب مع رئيسه المنتخب رسمياً محمود أحمدى نجاد، وربما يواجه النظام الإسلامى احتمالات أن يخضع للمساءلة صراحة فى دولة طالما كانت مقسمة بين الإصلاحيين وهؤلاء الذين يصرون على الحفاظ على سلامة ثورة 1979.
هكذا بدأ روبرت فيسك مقاله بصحيفة الإندبندنت فى إطار تغطيته المستمرة للانتخابات الإيرانية، ويتساءل فيسك: هل اختار خامنئى حلاً وسطاً، بعض التسويات القليلة إزاء ملايين لا تحصى فى الانتخابات، الذين عارضوا أحمدى نجاد، ومن ثم ربما يظل شخصية قيادية على الحياد. مير حسين موسوى وأنصاره رفضوا دينياً انتقاد المرشد الأعلى أو وجود الجمهورية الإسلامية خلال المظاهرات التى بدأت الأسبوع الماضى.
اختار خامنئى، على حد قول فيسك، أن يصور المعارضين السياسيين لأحمدى نجاد بأنهم عملاء سياسيون أو جواسيس لقوى أجنبية، وعقوبة الخيانة فى الجمهورية الإسلامية هى الموت بالتأكيد، إلا أن التحالف السياسى لخامنئى مع الرئيس الغريب والمهلوس للغاية ربما ينطلق من الخوف أكثر من الغضب.
خلال خطبة الجمعة التى ألقاها فى جامعة طهران، ذكر المرشد الأعلى مخاطر "ثورة ناعمة". ومن الواضح أن النظام يشعر بقلق عميق إزاء الإنقلاب الديمقراطى الذى حدث فى حكومات شرق أوروبا وغرب آسيا منذ سقوط الاتحاد السوفيتى. سلطة الشعب التى نجحت بها ثورة 1979 هى السلاح القوى، والوحيد، أمام المعارضة السياسة الخطيرة وإن كانت غير مسلحة.
بعد نجاح أحمدى نجاد فى الانتخابات، قام أنصاره بتوزيع منشورات تدين الثورة العلمانية لشرق أوروبا ويكشف مضمونها عن الكثير عن مخاوف القيادة الدينية لإيران، أحدها كان يحمل عنوان: "نظام محاولة إسقاط جمهورية إسلامية فى ثورة ناعمة"، ثم وصف البيان كيف يعتقد أن بولندا وتشيكسوفاكيا وأوكرانيا ودول أخرى حصلوا على حريتهم.
يرى فيسك أن "الثورات الناعمة أو الملونة.. هى وسائل لتغيير الحكم عبر الغضب الاجتماعى، الثورات الملونة والناعمة حدثت فى مجتمعات ما بعد الشيوعية فى شرق ووسط أوروبا ووسط آسيا، وقد بدأت خلال انتخابات وكانت وسائلها كالتالى: أولاً يأس تام من قبل الشعب عندما يتأكد من خسارته فى انتخابات، وثانيا اختيار لون محدد حتى تتعرف عليهم وسائل الإعلام الأجنبية، وقد استخدم موسوى وأنصاره اللون الأخضر، وثالثا الإعلان عن حدوث غش فى الانتخابات والتأكيد على أن سيمضون قدماً، ويسمحون لوسائل الإعلام الغربية وخاصة الأمريكية بتصوير غضبهم، ورابعاً كتابة خطابات إلى المسئولين فى الحكومة يزعمون بحدوث تلاعب فى الانتخابات.
ومن المهم، بحسب البيان، ملاحظة أن كل هذه المشروعات الملونة، على سبيل المثال فى جورجيا وأوكرانيا وقيرغيزستان، حذرت الحكومات التى يدعمها الغرب من حدوث التزوير قبل الانتخابات. وفى إيران، تم توجيه هذه الخطابات إلى المرشد الأعلى للثورة الإسلامية.
ويكشف هذا عن قلق شديد بين المحيطين بالمرشد الأعلى للثورة الإسلامية بشأن مدى شعبية موسوى بعد الانتخابات، فحتى قطع الرسائل والاتصالات الهاتفية، وهو الأمر الذى يكلف ملايين الدولارات فى بلد مثل إيران، لم يمنع الدعوة إلى المسيرات التى دائما ما تحدث فى نفس اللحظة ونفس المكان.
يقول فيسك إن ما نراه الآن هو نظام يشعر بالقلق أكثر مما عبر خامنئى، عندما هدد المعارضة بشدة يوم الجمعة الماضية. فبرفض الحوار السياسى الجدى مع موسوى وقادة المعارضة، فإن النظام الإيرانى الذى يقوده المرشد الأعلى المرعوب والرئيس الذى يتحدث مثل الطفل، متورط الآن فى معركة من أجل السيطرة على شوارع طهران، هو صراع سيكون فى حاجة إلى معجزة يؤمن بها أحمدى نجاد وخامنئى حتى يتجنبا العنف.
روبرت فيسك: النظام الإيرانى المرعوب فى انتظار معجزة
الإثنين، 22 يونيو 2009 12:43 م