قبل 7 سنوات، بدأ الحلم، وقتها رأيت لاعبًا مصريًا يافعًا، حديث العهد بالكرة الأوروبية، يتألق فى هولندا، وتصفق له الجماهير، ويجذب أنظار أكبر أندية العالم، وقتها كان أحمد حسام «ميدو» لاعبًا فى صفوف أياكس أمستردام الهولندى، كان نجمًا فوق العادة، وكان زلاتان إبراهيموفيتش لاعب إنتر ميلان الإيطالى الحالى يجلس احتياطيًا لنجمنا المصرى.
مرت الأيام، كنت آمل أن يتحول الحلم إلى حقيقة، أن يتحول الشاب اليافع إلى نجم ناضج يرفع علم مصر عاليًا، ولكن مجموعة من الأحداث المتلاحقة، جعلت الحلم يتبخر، ويذهب أدراج الرياح، جعلت نجم أياكس ومارسيليا وسلتا فيجو وتوتنهام لاعبًا محل انتقادات كثيرة، وجعلت الفارق بين من كان يجلس احتياطيًا له فى وقت من الأوقات وبينه كالفارق بين السماء والأرض.
قبل أيام، قرأت خبرًا، استفزنى، وأثار العديد من التساؤلات فى ذهنى، الخبر كان عن تحديد نادى إنتر ميلان مبلغ 70 مليون يورو للاستغناء عن زلاتان إبراهيموفيتش مهاجم الفريق، أو مبادلته بصامويل إيتو مهاجم برشلونة بالإضافة إلى الحصول على 30 مليون يورو، حاولت أن أُدرك الفارق.. ميدو قبل سنوات كان أساسيًا فى أياكس وإبراهيموفيتش كان احتياطيًا له، والآن إبراهيموفيتش سعره يصل إلى 70 مليون يورو وميدو لم يتعد حاجز الـ7 ملايين جنيه استرلينى فى آخر انتقالاته، المفارقة غريبة وعجيبة ومُحيّرة.
ولأننى لا أُريد أن أركز حديثى على ميدو، كنموذج احترافى غريب، ملىء بالتناقضات والسلبيات، ولكن أريد أن تتسع الدائرة، لترصد حالات أخرى للاعبين مصريين خرجوا لأوروبا، وعادوا «بخفىّ حُنين«، ترصد لاعبين اشتاقوا للفول والطعمية، والمحشى وورق العنب، ولم يقووا على تحمل «البرد» أو تعلم لغة أجنبية.
كل من خاض تجربة الاحتراف من لاعبينا، سواءً استمر فى أوروبا، مُقدمًا صورة مُشوهة للاعب المحترف، أو عاد إلى مصر دون بصمة وأثر واضح يتذكره أحد، كلهم ساهموا فى دعم حقيقة واحدة هى أننا لسنا أهلاً للاحتراف فى أوروبا، لسنا أهلاً لمجاراة الأجانب لا فى مستواهم الفنى، ولا فى ثقافتهم الاحترافية، وليس أدل على ذلك من عمرو زكى الذى عاد من ويجان الإنجليزى مُقدمًا نموذجًا كارثيًا للاعب المُحترف.
السؤال الذى يُحيرنى الآن، هو متى وكيف تنتهى هذه الكارثة؟ متى نصبح قادرين على إخراج نماذج مُشرفة ومُتكاملة للاعب المحترف؟ كرويًا وثقافيًا وأيضًا اجتماعيًا؟ وكيف يدرك لاعبونا أن كل ما يلقونه فى مصر من اهتمام إعلامى وإشادة وتمجيد وتقديس فى بعض الأحيان لا قيمة له بجانب خبر واحد يشيد بأداء لاعب مصرى وأخلاقياته فى أوروبا، أو بجانب قطعة بسيطة من القماش يُرسم عليها علم مصر لتُرفرف عاليًا فى أحد الملاعب الأوروبية.
فاصل أخير..
كأس العالم للقارات، ستكون فرصة جيدة للاعبينا لتقديم أنفسهم للعالم، عبر احتكاك عالمى وليس قاريا، ما أريد أن أقوله لمن يحلم أن تكون هذه البطولة بوابته للعالمية وللاحتراف الأوروبى، هو: إذا توقف عقلك عند السؤال التقليدى: من يفاوضنى؟ وما المبلغ الذى سأتقاضاه سنويًا؟ فاعلم أن عودتك للدورى المصرى مؤكدة، وفى أسرع وقت، وإذا تجاوز عقلك هذه الجزئية المحدودة، وبحثت عن مجد تتحمل فى سبيله آلام الغربة، واختلاف أنماط الحياة، فاعلم أنك ستنجح رغم أنوف الجميع!!
لا توجد تعليقات على الخبر
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة