وصف خبراء ما نشرته وسائل إعلام إسرائيلية عن عثور الوكالة الدولية للطاقة الذرية على آثار لليورانيوم المخصب المستخدم فى صناعة الأسلحة النووية فى مصر، بأنه محاولة لإبعاد الأنظار عن برنامجها النووى المثير للجدل، بعد أن وجهت الولايات المتحدة الأمريكية دعوة لها للانضمام لمعاهدة منع انتشار الأسلحة النووية، وأيضا محاولة من أطراف غربية للضغط على مصر لتغيير مواقفها الأخيرة تجاه الملف النووى الإسرائيلى، بعد أن تكررت تصريحات المسئولين المصريين المنبهة إلى خطورة الملف النووى الإسرائيلى على المنطقة مقارنة بملفات أخرى تضغط أمريكا والدول الأوروبية لإنهائها كالملف النووى الإيرانى.
الدكتور محمد عبد السلام مدير وحدة الأمن القومى بمركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية، قال إن ما تناولته وسائل الإعلام مؤخراً هو موضوع قديم سبق أن أثير فى الثمانينيات، عندما قام باحث بمجهود شخصى وقال إن هناك يورانيوم لدى مصر، وقامت مصر وقتها بتوضيح الأمور للوكالة الدولية للطاقة الذرية التى تفهمت التوضيح المصرى وأغلقت التحقيقات، وحاولت أطراف غربية استغلال هذا الأمر مجدداً قبل سنوات ضد تجديد تعيين الدكتور محمد البرادعى لمنصب مدير عام الوكالة الدولية للطاقة الذرية، ولكن هذه المحاولات فشلت.
ويشير عبد السلام إلى أن ما نشر ليس به جديد عما نشر فى الماضى، وهو ما يدلل على أن هناك سوء نية أو غباء صحفى، لأن التقارير الصحفية التى أشارت للموضوع كررت نفس المعلومات القديمة.
عبد السلام أكد على البعُد السياسى، واصفا الأمر بأنة مرتبط بأطراف دولية تريد الرد على الموقف المصرى من الملف النووى الإسرائيلى والذى ظهر بقوة خلال الأيام الماضية من تصريحات وزير الخارجية أحمد أبو الغيط التى أكد فيها ثلاثة أمور وهى ضرورة إزالة الأسلحة النووية الإسرائيلية، وربط التعامل مع الملف النووى الإسرائيلى بالملف النووى الإيرانى، ومنع إسرائيل من امتلاك برنامج نووى مدنى فى وقت لم توقع فيه تل أبيب على المعاهدة الدولية لحظر الانتشار النووى، وسعى مصر الدائم إلى انضمام إسرائيل للمعاهدة كدولة غير نووية.
كانت الصحف الإسرائيلية قد أثارت ضجة كبيرة أول أمس، الثلاثاء، حول دعوة الولايات المتحدة لها للانضمام لمعاهدة منع انتشار الأسلحة النووية، واعتبرت تلك الدعوة بأنها مرفوضة وغير مقبولة تماما فى الوقت نفسه أثارت موضوع وجود يورانيوم مخصب فى مصر.. فهل للتوقيت دور فى ذلك؟.. ربما.. لكن الأرجح أن هناك علاقة ما.
السفير رخا أحمد حسن مساعد وزير الخارجية سابقا وعضو المجلس المصرى للشئون الخارجية، أكد أن إثارة وسائل الإعلام الإسرائيلية لهذا الأمر الآن تحديدا يرجع إلى أن دعوة الولايات المتحدة الأمريكية لها أول أمس للانضمام لمعاهدة منع انتشار الأسلحة النووية أثار قلقها، مما جعل إسرائيل ترفض ذلك بشدة بل وأصدرت وزارة خارجيتها بيانا للرد على تلك الدعوة معلنة بأن التوقيع على تلك الاتفاقية لن يمنع انتشار الأسلحة فى المنطقة، فهى لم تمنع دولا مثل الهند وباكستان وأخيرا إيران، وأنها "غير مجدية" وقد صرحت بذلك علانية فى تحدى واضح لكل دول العالم.
وأضاف رخا أن إسرائيل دائما تتحجج بأن امتلاكها للأسلحة النووية للحفاظ على أمنها من أخطار الدول المحيطة بها، فطالما تقول إن الدول العربية أغلبية، ولكن بعد أن قدم العرب مبادرة السلام عام 2002 فإن هذا السبب وراء تخوفها من العرب غير مقبول عالميا، وخاصة أن العرب جادون فى السلام بعكس إسرائيل.
وأشار رخا إلى أن السبب الرئيسى وراء تلك الضجة هو موقف مصر وضغطها على الولايات المتحدة لإرغام إسرائيل على التوقيع على المعاهدة، والذى جعل الإدارة الأمريكية الجديدة بالفعل فى موقف محرج لأنها متهمة دائما بإتباع سياسة الكيل بمكيالين ولذلك اتجهت إلى دعوة إسرائيل مؤخرا للتوقيع على الاتفاقية، وأضاف رخا أن إسرائيل تفتعل مثل تلك الإثارة دائما لإبعاد الأنظار عنها.
"الصحف الإسرائيلية دائما تثير أخبارا غير صحيحة لأهدافها الخاصة" هذا ما أكده السفير محمد بسيونى سفير مصر السابق بإسرائيل ورئيس لجنة العلاقات الخارجية بمجلس الشورى، قائلا إن موقف مصر واضح ويلتزم الشفافية والوضوح دائما، مؤكدا أن مصر موقعة على اتفاقية منع انتشار الأسلحة النووية وأبوابها مفتوحة أمام جميع المفتشين الدوليين فى أى وقت، وأن مفاعلها النووى مراقب دوليا ولا يوجد به أى أجهزة متطورة لإخصاب اليورانيوم، مؤكدا أن تلك الجعجعة الإسرائيلية مفتعلة ولا أساس لها من الصحة.
خبراء: إثارة إسرائيل للملف النووى المصرى محاولة لإبعاد الأنظار عنها
الجمعة، 08 مايو 2009 10:53 ص