أدوية ريجيم وأعشاب تخسيس وعلاج نحافة زائدة وسمنة مفرطة، مصطلحات دخلت إلى حياتنا خلال الفترة الأخيرة وأعقبتها فكرة النوادى الصحية ومراكز التجميل، وتحولت إلى موضة يتسابق الشباب على اللحاق بها وارتياد الأماكن المزودة بأحدث الأجهزة الرياضية وأحدث أنواع التدليك والساونا والجاكوزى.
على الدراجة الرياضية، قطعت نهى حمدى مسافات طويلة فى طريقها للتخلص من الوزن الزائد، الذى لحق بها بعد إنجاب طفلتها الأولى، سألتها عن السبب الذى دفعها لممارسة الرياضة فى أحد النوادى الصحية، فقالت وهى تحاول التقاط أنفاسها "عاوزة أنزل وزنى عشان أعرف ألبس، فمقاسات أرقى ماركات الملابس صغيرة جداً فاضطر إلى لبس ملابس عادية".
حول أهمية الصحة مقارنة بالمشاكل قالت نهى، "طبعا الشكل أهم، لأن السمنة مش حتقلل الصحة، أنا لو وزنى مثالى مش هضيع وقتى فى الرياضة".
تصف الأخصائية النفسية داليا الشيمى، ظاهرة الاهتمام المبالغ بالشكل بالـ"جسدنة"، والتى تعنى الإعلاء من رمزية الجسد من خلال الإنفاق عليه بصورة مبالغ فيها، الأمر الذى يخلق حالة من الشراهة تجاه كل ما هو مظهرى وشكلى ويطال هذا المفهوم كل شىء حتى الناحية الدينية، حيث ينحصر الاهتمام بالطقوس الدينية على حساب روح الدين وأخلاقياته.
وتشير داليا الشيمى إلى أن التأثير هذه الظاهرة يتركز على الحياة الاجتماعية، حيث نبدأ فى فقد الحميمية التى تتميز بها مجتمعاتنا ونفقد العمق فى علاقاتنا حتى نصاب ببرود العلاقات ويكون من نتيجتها انتشار ثقافة التيك أواى التى تطول العلاقات الاجتماعية وخاصة الزواج الذى يتحول إلى زواج مؤقت لبعض الوقت تحت دعوى "الست بتشترى راجل".
وتذكر داليا الشيمى قصة إحدى السيدات التى بلغ هوسها بشكلها لدرجة أنها كانت تشترى مأكولات صينية يقال أنها تفيد فى المحافظة على الصحة، حيث كانت تنفق 450 جنيهاً أسبوعيا للحصول على هذه الوجبات وأخرى كانت تنفق مبلغ 750 جنيهاً مقابل الثلاث ساعات التى تقضيها فى أحد النوادى الصحية.
تلك الصراعات تجعل المرأة أمام نموذج واحد للجمال لا بديل له، دون النظر أن هذه المقاييس ليست مناسبة لأجسام المرأة الشرقية مما يمثل عليها نوعاً من الضغط النفسى، فتلجأ إلى النوادى الصحية ليس حباً فى الرياضة إنما خوفاً من فقدان الزوج.
وتكشف داليا الشيمى من خلال قراءتها لبعض الإحصائيات الاقتصادية، أن معظم دخل المصريين يتم إنفاقه على تلك الأمور التى تهتم بالشكل، فقد جاءت الصحة كمجال للإنفاق فى مراكز تقع بين الخامس والثامن، بينما هى فى الدول الأخرى تقع بين الأول والثانى على الأكثر من معدل إنفاق الشخص من ميزانيته الشخصية.
أما الدكتور هانئ السبكى استشارى الطب النفسى له رؤيته الخاصة عن النوادى الصحية، حيث يقول "النوادى الصحية هى وسيلة رفاهية بها قدر كبير من الاستعراض، حيث تجتمع فئة معينة من المجتمع للتفاخر والتنافس على الوسائل الجديدة الأعلى سعرا والأكثر رفاهية لإنقاص الوزن".
النوادى الصحية المختلطة التى تجمع الشباب والفتيات فى مكان واحد يثير حيرة السبكى حول تحول تلك الأماكن إلى منتديات للقاءات العاطفية، هذا إلى جانب أنواع التدليك المختلفة، والتى يقوم بها الرجال للنساء والعكس.
يعتبر دكتور هانئ هذه المدخلات الجديدة على مجتمعنا بما تحمله من قيم جديدة تنطوى على نوع من الفجور المقنع، مؤكداً أن هذه الظواهر تنتشر فى المجتمعات الأقل ثقافة والتى ظهرت فيها أصحاب الثروات غير معلومة المصدر.
النوادى الصحية فى مصر تسير باتجاه عكسى
لا توجد تعليقات على الخبر
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة