على ربوة عالية وسط مدينة الإسكندرية، تقودك قدماك عبر زقاق ضيق لاستكشاف ذلك الحى الشعبى البسيط، الذى لم يكن ليكتسب أى شهرة، لولا فنان الشعب سيد درويش. كثيرون فى هذا الحى لا يعرفون مسكن سيد درويش، حتى تصادف أحد كبار السن الذين يشير لك إلى بيت قديم من طابق واحد متهدم، وقد علقت على بابه صورة الفلق، وصورة لجمجمة ويقول ساخراً "على فكرة، لما مات كان عليه 3 شهور إيجار، مدفعهومش".
لا يحمل الحى أى صور للفنان سيد درويش، باستثناء صورة واحدة فى أحد الأكشاك التى تبيع أدوات الكهرباء، لم تضعها لأنها من محبى سيد درويش، ولكن تركها أحد الفنانين لديها ولم يأت لأخذها.
"هل تستمعى إلى أغانى سيد درويش؟"، بادرت إحدى سيدات الحى بالسؤال، فقالت "لا"، وظهر فجأة صوت عبد الباسط حمودة .. "أبص لروحى فجأة لقتنى كبرت فجأة تعبت من المفاجأة ونزلت دمعتى"، لذلك لم يكن غريبا أن يختفى أى أثر لفنان الشعب، فلم يبق فى الحى إلا بقايا منزله المحطم، "روح يا محمد هات زهر من المحل اللى جنب الصيدلية"، قالت إحدى السيدات من الطابق الأعلى، وهى تشير لى بالابتعاد حتى تتمكن من نشر السجادة.
على الجانب الآخر من الشارع، وقف إسلام يداعب القرد الذى يملكه، يرمى له بقطع من البطاطس، إلا أن القرد يتجاهله ويأكل التفاح الصغير فى القفص. لم يشتر إسلام هذا القرد ليسرح به، بل كنوع من الدعاية وللفت نظر سكان الحى إلى كوخه الصغير الذى حوله إلى محل للفيديو جيم والبلياردو، فبعد حصوله على دبلوم الثانوى الصناعى لم يجد أمامه فرصة عمل، فقرر أن يشارك أحد أصدقائه فاشترى جهازين فيديو جيم ومائدتين بلياردو ليعتاد أبناء هذا الحى البسيط على إنفاق أموالهم على هذه الألعاب.
لم يتبق من أثر سيد درويش سوى هذا المنزل
لا توجد تعليقات على الخبر
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة