بعض السيدات لم تنجب قط، ورغم ذلك قلوبهن تفيض أمومة وحنان، وسيدات رغم تحملهن متاعب الحمل تسعة أشهر وآلام الولادة، إلا أن الله نزع من قلوبهن مشاعر الأمومة والحنان ليحرمهن سعادة تلك الغريزة وثوابها دنيا وآخرة.
أمهات قست قلوبهن على أبناء أراد لهم الله أن يكونوا من ذوى الاحتياجات الخاصة، ولم يرتكبن ذنبا سوى ذلك، هؤلاء الأبرياء لقطاء تسلمهم الشرطة إلى دور المعاقين، ليجدوا فيها رعاية وحنان حرمهم منهما آباؤهم. ولكن هناك آباء أقل قسوة، فهم بدلا من رمى أبنائهم فى الشارع للتخلص منهم نهائياً، يكتفون بإخفائهم من خلال إلحاقهم بدور رعاية صباحا، ويحبسونهم فى حجراتهم مساء.
علياء عبد المجيد، أخصائية قدرات الطفولة الخاصة وحاصلة على دبلومة فى الأطفال ذوى الاحتياجات الخاصة، تؤكد أن الأشخاص ذوى الإعاقة أكثر منا حساسية ويكونون فى أمس الحاجة إلى لمسة حنان يستمدون منها ثقتهم فى أنفسهم، كما تؤكد أن لديهم قدرة هائلة على العطاء والتسامح، ومنهم من هم فنانون بالفطرة، ويعوضون أنفسهم عما يحتاجون بالرسم.
وتروى أنها فوجئت فى أحد الأيام بطرق عنيف على باب شقتها، وعندما فتحت الباب فوجئت بأحد أبناء الدار وهو يقطن فى نفس الشارع يبكى بشدة، لأن والديه وأخيه يرتدون ملابس جميلة وأخته ترتدى فستانا أبيض لأنها عروسه، ويطلبون منه أن يظل فى الشقة وحده إلى أن يعودوا، بينما يتمنى أن يرقص أمام أخته العروسة كما يفعلون فى الأفلام، وبالطبع ضعفت أستاذة علياء أمام انهياره وأحضرت له بدلة، واصطحبته إلى الفرح، حيث كان فى منتهى السعادة، فكان عقابه هو الحرمان من العودة إلى الدار الذى اعتاد عليه وعلى أصدقائه، وظل حبيسا فى المنزل.
ومن القصص المؤسفة، أن أحد أبناء الدار وهو مصاب بالبله، ويدعى أحمد عبد الناصر فى السابعة والعشرين من عمره، يعمل منجدا ويميل دائما إلى الصلاة فى المساجد، وكان يصلى العشاء فى أحد المساجد ليلة العيد، ورأى بعض العمال يغسلون الحصير فأصر على مساعدتهم، وبالفعل لم يخرج من الجامع إلا بعدما انتهوا تماما من تنظيفه، وخرج من الجامع منهك القوى فاشتبه فيه أحد رجال الشرطة وقبض عليه بتهمة التسول، وضربه ضربا مبرحا ليتوقف عن التمثيل، وقضى أيام العيد بالسجن إلى أن عثر عليه والده وأخرجه.
بعض ذوى الإعاقة يتزوجون من أسوياء، رغم أن فكرة زواجهم فى حد ذاتها جريمة، حيث إن الإعاقة لابد أن تتوارث فى نسلهم، وإن لم تورث للأبناء ستورث بالضرورة للأحفاد، وتقول إنهم فى الخارج يقومون بتعقيم المعاق قبل زواجه ولكننا لا نفعل ذلك للأسف.
تنمية قدرات الأشخاص ذوى الإعاقة على الاحتكاك بالمجتمع، تبدأ من البيت الذى يتعامل معهم باعتبارهم طبيعيين ويسعون إلى دمجهم، ولكن تؤكد علياء أن ذلك لا يحدث إلا نادرا جدا، ففى الغالب يعزلونهم عنهم. لذلك تطالب أستاذة علياء بمدارس تجمع الأصحاء بالمعاقين منذ مرحلة الحضانة، فالطفل هو أفضل من يعلم طفلا آخر، وذلك ما قام به مركز البحوث الثقافى اليابانى عندما وضع أطفالا معاقين مع أصحاء فى مكان واحد وراقبهم من بعيد، فلاحظوا أن الأطفال ينظرون لبعض من بعيد وخلال ثلث ساعة كانوا يلعبون معا جميعا.
كما تطالب أستاذة علياء بإنشاء مدارس لتنمية القدرات الفكرية والإبداعية لدى المعاقين، وإعطائهم الفرص كى يكونوا منتجين فى مجتمعهم، ففى ألمانيا مثلا نجد أن نسبه كبيرة من العاملين فى شركة فيليبس من المعاقين، حيث يجيد المجتمع استغلال طاقاتهم.
