يوم ما اتقابلنا

الأربعاء، 20 مايو 2009 04:46 م
يوم ما اتقابلنا
بقلم سمر طاهر

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
شاهدت منذ أيام فيلم "يوم ما اتقابلنا"، من تأليف تغريد العصفورى وإخراج إسماعيل مراد، وكتبت السيناريو له والحوار زينب عزيز. لفت إعلان الفيلم نظرى "بالصدفة" فى أحد الشوارع، ولم أكن قد سمعت به من قبل، فقررت أن أشاهده بالرغم من أن مكوناته توحى بكونه ينتمى لفئة ما يطلق عليها البعض "الأفلام غير الجماهيرية"، وقد ترسخ عندى هذا الاعتقاد بملاحظة قلة الدعاية المخصصة للفيلم.

وبالرغم من نقطة الضعف التى لا يصعب على المشاهد استنتاجها من لحظة رؤيته لأفيش الفيلم، وهى تشابه اسم الفيلم مع فيلم عُرض قبل وقت قصير وهو فيلم " احنا اتقابلنا قبل كده"... إلا أننى تحمست لرؤيته عندما علمت أن النجم "محمود حميدة"، والذى أثبت تألقا فنيا غير عادى فى أفلامه الأخيرة، هو بطل الفيلم، مع خفيفة الظل "لبلبة".

لم يكن بالسينما غيرى سوى ثلاثة أفراد وطفل رضيع...بدأ الفيلم بلقطات لطفلة وطفل، نعرف أنهما بطلا الفيلم خلال طفولتهما السعيدة، ثم تنتقل الكاميرا لمشاهد سريعة بعد سنوات طويلة لاستعراض حياة ربة البيت "لبلبة" وأسرتها الكبيرة، وبطل الفيلم "حميدة" مع صديقته وأسرته وزملاء عمله...حيث يستعرض المخرج بطريقة "أفقية" حياة البطلين فى محاولة لتعريفنا بشكل مكوكى سريع تطور حياتهما عبر السنوات...

محاولة مخرج الفيلم تعريف المشاهدين بحياة بطلى الفيلم بطريقة تختصر السنوات جعلت المشاهد يلم بأكبر قدر من المعلومات حول البطلين، ولكن بشكل سريع وسطحى يصعب معه حدوث نوع من الاستغراق أو التوحد المطلوب بين المُشاهد والشخصيات الدرامية، خاصة فى مثل هذه النوعية من الأفلام التى تداعب الأوتار الرقيقة للمشاعر الإنسانية.

جاء أداء محمود حميدة كمفاجأة إلى حد ما، فلم يكن الأداء الطبيعى المعتاد من الفنان الكبير، ويبدو أن العيب فى بناء الفيلم وتتابع اللقطات غير المحكمة وغير المترابطة...وقد كان لحميدة النصيب الأكبر من المشاهد التى بدت وكأنها "ملفقة" أو غير متقنة الصنع، سواء بينه وبين صديقته أو زوجته السابقة أو قريبته، وبينه وبين ابنه، وبينه وبين الممثل الكهل الذى يشكو غدر الزملاء، مما جعل حدوتة الفيلم غير مُبررة من الأساس، وبالتالى غير مقنعة. وقد شاب الافتعال الأداء التمثيلى لبعض الوجوه الجديدة، بل وبعض الممثلين الأكثر شهرة مثل غادة إبراهيم وميرنا المهندس، واللتين جاء دورها مقحما على الفيلم.

وإذا كان الفيلم قد امتلأ بالتفاصيل الدقيقة والتى عادة ما تعد ميزة تضيف ثراء لمثل هذه القصص الإنسانية، إلا أن عدم ترابط بعض التفاصيل وعدم منطقيتها جعلها أشبه بقفزات لا ضرورة لها، شكلت نوعا من الازدحام السلبى فى السيناريو، منها وصول حميدة إلى موقع التصوير وزيارته لقريبته سلوى خطاب ومقابلته لعدد من الباعة الجائلين، وصولا لمقابلته لصديقته القديمة وزيارته للجارة "أم نصيف" بدون مبرر درامى، ثم رحلة الأبطال معا فى عدد من الأماكن مثل الكنيسة ودار المسنين وكوبرى أكتوبر!

وإذا كان يعيب الفيلم وجود نوع من الوعظ المباشر حول العلاقات الإنسانية وافتقادنا للمعانى النبيلة، إلا أن ميزته تكمن فى كونه على الأقل قد حاول التطرق إلى عدد من المشاعر الصادقة، منها حنين الإنسان إلى الماضى ببراءته، ورغبة الإنسان فى الخروج عن المألوف ومن جلده أحيانا، وخوفه من المستقبل ومن الوحدة والموت وفقد الأحباب.

تجلت المعانى التى أراد صناع الفيلم توصيلها فى المشهد الذى تحكى فيه ربة البيت التقليدية مغامرتها غير العادية لأسرتها ببراءة مع حجب صوت البطلة وترك مساحة للمشاهد لإعمال الخيال وتقمص أحاسيس البطلة وتبنى وجهة نظرها، خلال يوم كسرت فيه روتين أيامها المعتادة.

كما تجلت فى مشهد مشاركة "أم نصيف" أو إنعام سالوسة - والتى تألقت فى دورها - لخادمتها الصغيرة فى وجبة "آيس كريم" بسعادة صادقة لا توصف... وبالمناسبة فالطفلة الصغيرة التى قامت بدور "الخادمة رشا" جاءت كعلامة مميزة فى الفيلم، وكانت من أصدق وأجمل وأطرف ما قدمه الفيلم، بدورها الملىء بالتفاصيل المرسومة بعناية... بدءاً من طريقة مشاهدتها للمسلسل العربى ووصولاً لأكلها للكعك الخاص بمخدومتها، ومروراً بملابسها، وتعبيرات وجهها، وموهبتها البادية بتلقائية غير عادية...





مشاركة




لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة