تطرقت صحيفة لوموند فى تحقيق صدر فى عددها اليوم الأحد، إلى الخطر الذى يتربص بمصير رجال الدين المسيحى فى فلسطين، وخاصة فى إكيليركية بيت جالا، تلك المؤسسة المسيحية التاريخية التى تقوم منذ 1852 بتخريج الكهنة التابعين لأسقفية القدس (التى تتبعها الأردن وإسرائيل والأراضى الفلسطينية وقبرص). والسبب؟ هى بعض الحسابات السياسية الإسرائيلية التى ترمى إلى عرقلة استمرارية تلك المؤسسة الدينية عن طريق إعاقة إجراءات حصول الطلبة الدارسين فيها على تصاريح الإقامة، وذلك فى إطار خطتها لتهويد القدس. فهل تساعد زيارة البابا بنديكت فى وقف هذا المخطط الإسرائيلى؟
تشير الصحيفة فى إطار الزيارة التى يقوم بها حاليا البابا بنديكت السادس عشر إلى الأراضى المقدسة، إلى أن إدارة الإكليركية تواجه منذ فترة صعوبات متزايدة فى تجديد تصاريح إقامة طلابها فى القدس بسبب وزارة الداخلية الإسرائيلية التى أبلغت الإدارة بأنها لن تمنح سوى تصاريح صالحة للدخول مرة واحدة فقط. الأمر الذى تسبب فى تعثر العديد من الطلبة، الذى يمثل الأردنيون ثلثى عددهم، فى الرجوع إلى الإكليرييكة لمدة شهور بعد أن كانوا قد ذهبوا فى زيارات إلى عائلاتهم، ومن بينهم طالب لبنانى لم يتمكن من العودة إلا بعد عام بأكمله.
تعرب الإكليركية عن قلقها، خاصة وأن أمر الحصول على هذا التصريح "الثمين" من قبل السلطات الإسرائيلية أصبح بالنسبة للعديد من القسس والرهبان والراهبات من أصول عربية درباً من المستحيل. ويعد أول المستهدفين بتلك الإجراءات هم رعايا الدول "الأعداء" مثل سوريا ولبنان، وتليهما الأردن ومصر على الرغم من اتفاقيات السلام الموقعة بينهما وبين إسرائيل. وتضع بالفعل تلك الأخيرة عدداً من رجال الدين الذين حلوا على تلك الأراضى منذ ما يزيد عن ستين عاما، أى حتى قبل إقامة دولة إسرائيل، على قائمة الأشخاص المقيمين إقامة غير شرعية.
تضيف الصحيفة، نقلاً عن جمال خضر الأستاذ فى علم اللاهوت، أن وراء سياسة إضعاف الكنائس، يكمن مخطط تهويد القدس، فى حين يؤكد مصدر قريب من هذا الملف أن تشديد السياسة تجاه رجال الدين المسيحى بدأت مع تولى عضو من حزب شاس الدينى، الذى يتوخى الحذر تجاه العالم المسيحى، مقاليد وزارة الداخلية.
وتذكر الصحيفة، كيف لم تتردد السلطات الإسرائيلية فى عز الانتفاضة الإسرائيلية فى توبيخ الكهنة بسبب تأييدهم لرعاياهم الفلسطينيين، مثلما حدث مع الأب ميشيل صباح بطريرك الكنيسة اللاتينية فى تلك الحقبة، المشهور بعظاته المناهضة للاحتلال الإسرائيلى.
وتطرقت الصحيفة إلى التخوف الذى يسيطر على بيت جالا من أن تؤدى العقبات التى تضعها إسرائيل من إثناء العديد من الطلبة عن الاستمرار فى الدراسة داخل الإكليركية. ومن هنا خطرت فكرة نقل مقر تلك المؤسسة الدينية إلى عمان، إذا لم تلتزم إسرائيل بالحل الذى توصلت إليه إدارة الإكليريكة معها، والذى يقوم على أساس منح الطلبة تصريح إقامة لمدة عام وثلاث مرات للدخول.
أما فيما يتعلق بغير الطلبة، فلم تنتهِ بعد "حرب التصاريح" بالنسبة لرجال الدين، مثلما يحدث مع كاهن رعية رام الله، الذى لا يحصل منذ 2005 سوى على تصاريح صالحة لمدة شهور، بل وأحيانا أسابيع فقط، حيث يعتبره الشين بيت (جهاز الأمن الداخلى الإسرائيلى) "مصدر خطر على دولة إسرائيل".
تطرح الصحيفة فى النهاية تساؤلاً، كيف يمكن منع دخول رجال الدين إلى الأراضى المقدسة؟ سؤال أجاب عنه مسئول هذا الملف بوزارة الداخلية الإسرائيلية قائلاً إن تلك القيود المفروضة تتعلق "بدواعٍ أمنية"، فهل تحل زيارة البابا بنديكت السادس عشر تلك المشكلة؟ لا يأمل رجال الدين سوى فى ذلك.
إسرائيل تعرقل دخول رجال الدين المسيحى إلى القدس فى إطار خطتها لتهويد المدينة
لا توجد تعليقات على الخبر
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة