محمد رفعت

قل القراء..فزادت الكتب!

الأربعاء، 08 أبريل 2009 07:56 م

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
نصف ساعة فقط فى السنة هى نصيب المصرى من القراءة !..إحصائية صادمة تدل على زيادة تراجع الكتاب-المتراجع أصلا- ضمن اهتمامات الناس المشغولين باللهث وراء لقمة العيش و"الشعبطة" فى المواصلات، وقضاء الساعات محتجزين فى وسائل النقل العامة والسيارات الخاصة، ومحشورين فى الشوارع التى تكدست وتحولت إلى جراج كبير متحرك يضغط على الأعصاب ويجعل الجميع فى حالة تبرم وضجر.

وما يكاد المصرى المطحون يصل إلى المنزل، ويتناول وجبته، حتى يلقى بنفسه فى السرير أو أمام التليفزيون، أو يخرج فى المساء للجلوس على المقاهى التى انتشرت كالسرطان فى كل شارع وحارة وزقاق من أزقة مصر المحروسة..فأين الوقت إذن للقراءة وأين الدماغ التى يمكن أن تستوعب فكرة أو معلومة، أو تهتم بثقافة، أو تحن إلى غذاء الروح فى بلد قال عنه الشاعر الراحل أمل دنقل "إنه بلد لم يعد فيه روح"..

إذن لمن تصدر عشرات الكتب كل يوم؟ ومن يشتريها؟ ولماذا يقتطع القارئ من ميزانيته المحدودة، ومن قوته وقوت أولاده ليشترى كتابا؟ وماذا يقرأ ولمن؟ ولماذا أصبحنا نسمع عن دار نشر جديدة كل يوم ..وعن كاتب جديد كل ساعة، فى الوقت الذى انصرف حتى عن قراءة الصحف؟!.

والحقيقة أن الأمر الذى يبدو فى البداية لغزا له تفسير معقول للغاية ..وهو أن دور النشر –المتزايدة- تعيش على الكتاب أنفسهم، وعلى المنح الأجنبية التى يحصل عليها بعض أصحاب هذه الدور من جهات عربية وأجنبية مانحة، فضلا عن مصادر أخرى مثل بيع الكتب على الإنترنت وللمكتبات فى الخارج..فمعظم دور النشر تقبض ثمن تكلفة الورق والطباعة من المؤلف قبل أن تطبع له الكتاب حتى تضمن عدم الخسارة، ثم تجبر الكاتب نفسه على الترويج والتسويق لكتابه من خلال موضة أو تقليعة جديدة، اسمها حفلات التوقيع، يدعو فيها المؤلف أصدقاءه ومعارفه ليشتروا الكتاب ثم يوقع لهم هو عليه بإهدائه الكريم!..وتذهب حصيلة البيع بالطبع للناشر أو الناشرة ..وتظل بقية النسخ عنده أو عندها ليبيع منها، وخاصة فى موسم معرض الكتاب الدولى لمكتبات ودور نشر عربية بالريال والدرهم والدينار، كما يبيع منها للمكتبات العربية فى أوروبا وأمريكا، فيما لا يحصل الكاتب نفسه على شىء، إلا إذا كان مشهورا أو معروفا، وهؤلاء عددهم قليل جدا، ومعظمهم من الكتاب الصحفين والمشرفين على الصفحات الثقافية فى الصحف المجلات، وبعضهم يتولى مناصب قيادية فى وزارة الثقافة، أو يشرف على سلاسل كتب تصدرها الوزارة وهيئاتها، ويحظون بالطبع بدرجة كبيرة من الاهتمام والدعاية لأعمالهم.

ويأتى بعد ذلك دور الجوائز العربية والدولية التى تعاظمت قيمتها المادية بصورة غير مسبوقة فى السنوات الأخيرة، وأصبحت فى حد ذاتها حافزا ، أو أحد الحوافز المهمة لإصدار الكتب والأعمال الإبداعية، وخصوصا فى مجال الرواية التى تعيش عصرها الذهبى الآن..وهذه الجوائز هى الأخرى شبه محجوزة مسبقا لعدد محدود ومعروف من الكتاب، باستثناءات قليلة للغاية، لكتب أو روايات أثارت جدلا، مثل رواية "عزازيل" ليوسف زيدان، والتى فازت مؤخرا بجائزة البوكر العربية..هل عرفتم الآن..لماذا يقل القراء وتزيد الكتب..صحيح إذا عرف السبب بطل العجب!





مشاركة




لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة