لم يخطر على بال راقص الباليه أحمد بكر فى يوم من الأيام، أن مهنته ستحول دون ارتباطه بفتاة أحلامه، حيث كانت كلمة "راقص" هى الصخرة التى تتحطم عندها أحلامه بالارتباط بالفتاة التى اختارها قلبه.
تجاوز أحمد بكر الخامسة والثلاثين من عمره، ولم يستطع بعد الزواج، فلم يقدر آباء الفتيات المهنة التى يعمل بها.
"رقاص؟؟" هكذا بادره والد الفتاة الذى تقدم لها عندما صرح له أنه يعمل فى مجال تصميم الاستعراضات، لم يعد يحزنه حين يواجهه البعض بهذه الكلمة، فهو يدرك تماماً عدم قدرة الكثير من الناس على التفرقة ما بين الفن الراقى والهابط، إلا أنه تعود ألا يبوح بمهنته فى مواقف معينة، كيوم ذهابه للجيش، لم يستطع أن يصرح لهم بأنه راقص، خوفاً من نظرات الاستهزاء.
ويقول أحمد "لا يمكن أن نضع فنوناً مثل الأوبرا والباليه فى نفس مستوى راقصات كباريهات شارع الهرم" موضحاً أن هناك أشخاصاً لا يفهمون معنى الباليه من الأساس.
قرر بكر بعدها أن يتزوج من راقصة باليه، وبالفعل تمت الخطبة التى لم تدم طويلاً، حيث لم يتقبل أن تعمل خطيبته فى الفرق المسرحية الخاصة "كنت أوافق أن تعمل ضمن فرقة باليه الأوبرا، لكن لا أتقبل أن تعمل فى شغل السوق وتبقى "رقاصة".
سنوات طويلة قضاها بكر فى تعلم الباليه حتى أصبحت جزءاً من شخصيته،
لا يمكنه التخلى عن هذه المهنة التى لا يعرف غيرها منذ نعومة أظافره، ويشبّه راقص الباليه بلاعب الكرة الذى يضطر للتوقف عن الرقص عند سن 35 سنة ليبدأ فى البحث عن عمل آخر.
مجالات كثيرة يمكن أن يعمل بها راقص الباليه، إلا أن أحمد اختار 3 مجالات يستمتع بشدة وهو يمارسها.
فإلى جانب تدريسه لفن الباليه فى الأوبرا وإخراجه لبعض الأعمال، قرر استغلال الرقص فى تعليم ذوى الاحتياجات الخاصة الحركة وعلاج المرضى النفسيين من خلال الرقص.
"كما يمكن توظيف الباليه فى تعليم الرقص الشرقى، يمكن أيضاً استخدامه فى علاج ذوى الاحتياجات الخاصة، هو فى النهاية أداة يمكن توظيفها كما نشاء".
حصل على بعض الدورات فى التعامل مع ذوى الاحتياجات الخاصة ليمزج بينها وبين خبراته فى مجال الرقص، وهو ما يشعره بمتعة هائلة فى تعليم الأطفال الذين يعانون إعاقات ذهنية وصعوبة فى التعلم.
"الرقص قادر على إخراج مريض التوحد من حالة العزلة، فهذا المرض يجعله روتينياً جداً، يبحث عن تكرار نفس الروتين يومياً، فنستغل ذلك فى تكرار الحركة التى نريده أن يتعلمها لتدخل فى روتين حياته".
مما يجعله أكثر ثقة فى نفسه وقادراً على التفاعل مع الجمهور، بالإضافة إلى التوافق العضلى العصبى وسماع الموسيقى والتفاعل معها.
واستطاع من خلال هؤلاء الأطفال المعاقين ذهنياً تقديم ثلاثة حفلات فى الأوبرا تعبر عن أشهر رقصات الشعوب، مؤكداً أن من أهم مميزات ذوى الاحتياجات الخاصة حماستهم الشديدة لأى شىء جديد، فيكسبوا من يعلمهم إحساساً بالسعادة وإن كان التعامل معهم يحتاج إلى قدر كبير من الصبر، حيث يمكن أن تستغرق حركة بسيطة عدة شهور.
وإلى جانب تنمية مهارات ذوى الاحتياجات الخاصة بالرقص، يمارس بكر فن تحريك العرائس الذى بدأه فى مسلسل "بوجى وطمطم" بعد أن اختاره "رحمى" الذى كان يستعين بطلبة معهد الباليه لاقتناعه أن من يستطيع أن يحرك جسمه هو الأقدر على تحريك العرائس.
إسماعيل ياسين وأنور وجدى وشكوكو، تلك هى عرائس الماريونت التى صنعها أحمد بيديه ليحتفظ بها فى بيته ليتدرب عليها وتمثل جزءاً من ديكور منزله
أو جزءاً من حياته.
أحمد بكر ظل طوال حياته يبحث عن عروس ولم يوفق لرفض الناس أن يكون زوج ابنتهم "رقاص"
لا توجد تعليقات على الخبر
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة