منطقة ترفيهية و"باديكير" للخيول

مستشفى لعلاج الحيوانات "الشقيانة"

الخميس، 23 أبريل 2009 06:03 م
مستشفى لعلاج الحيوانات "الشقيانة" الحيوانات "الشقيانة" تحتاج إلى رعاية
كتبت يمنى مختار

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
فى منطقة السيدة زينب وبالقرب من مشرحة زينهم، يتكرر هذا المشهد، حيث تجتمع النسوة متشحات بالسواد يبكين الفقيد، وقد أغرقت الدموع ملابسهن، وفى نفس اللحظة تخرج سيدة من المستشفى المجاور، تلطم خديها ويرتفع صوتها بالنحيب، تسقط على الأرض ويغشى عليها من هول الصدمة، تردد اسم "تفاحة" التى لم تتعد الست سنوات والتى ولدت على يديها. يقف الجميع مندهشا، "تفاحة" ليست ابنتها ولا حتى من أقاربها، إنما هى "الفرسة" التى تمثل مصدر الرزق الوحيد لها، والتى أصيبت بجرح فى قدميها حاولت علاجه بالطرق التقليدية حتى ساءت حالتها وأصيبت بالتيتانوس وماتت.

حالات كثيرة يراها أحمد الشرقاوى مسئول الاتصال بمستشفى بروك للخيول يوميا، فالإهمال الشديد والجهل فى التعامل مع الحيوان، يقابله حزن شديد عند موت الحيوان، ويتذكر ذلك الرجل الذى أصيب بنوبة صرع بعد موت حصانه.

علاج الحيوانات "الشقيانة" هو الهدف الذى أنشئ من أجله مستشفى بروك لعلاج الحيوان، والذى يعود إنشاؤه إلى سنة 1934، حين لم تحتمل "بروك دوروثى" زوجة أحد جنرالات الجيش الإنجليزى أن يتم تشغيل خيول الحرب التى كانت تعانى من حالة صحية سيئة، فاستعانت بزوجها فى جمع التبرعات لشراء هذه الخيول، وبالفعل استطاعت خلال 3 سنوات فقط شراء 5 آلاف فرس وبغل، أخضعتهم للعلاج فى إسطبلات مخصصة والتى توسعت فيما بعد لتصبح المستشفى الأول فى مصر الذى يهتم بعلاج الحيوانات العاملة.

وكونه مستشفى للحيوانات لا يجعله يختلف كثيرا عن غيره من المستشفيات، فالخيول تأتى إلى العيادة الخارجية حيث تعالج الحالات البسيطة، أما إذا احتاج العلاج لفترة أطول، تحجز الخيول فى القسم الداخلى الذى يضم 20 "بوكس" للإقامة، وإن استلزم الأمر إجراء عملية جراحية فالمستشفى مجهز بغرفة للعمليات والعناية المركزة.

أنفلونزا الخيول من الأمراض التى انتشرت فى مصر خلال الفترة الاخيرة، أعراضها لا تختلف كثيرا عن أعراض البرد العادية من مخاط وكحة ودرجة حرارة مرتفعة، وإن كانت سريعة العدوى، حيث يمكن أن تنتقل من ملابس الطبيب، لذلك يتم تطعيم كل الحيوانات سواء المصابة أو غير المصابة.
التيتانوس أيضا من الأمراض الأكثر خطورة خاصة أنه يصيب الجروح الناتجة عن الضرب، فنفاجأ أن "العربجي" يضرب حصانه فى مكان الجرح لاعتقاده أن الحيوان عندما يتألم يسير أسرع، هذا بالإضافة إلى أن السرج المستخدم يكون غير صحى ويسبب العديد من الجروح للخيول.

جميع أنواع العلاج بما فيها العمليات التى لا تستمر أكثر من ربع ساعة، وهى مدة فاعلية البنج، أما إذا زادت مدة العملية عن هذه المدة، فوقتها يتألم الحصان، ويفضل ألا تتم مثل هذه العملية رفقا به. والأمر لا يخلو من مساحة ترفيهية يطلق عليها "سانديار"، وهى عبارة عن مساحة رملية تسير عليها الحيوانات لعلاج بعض الإعاقات أو بعض الإصابات. غرفة "الباديكير" والتى تتخفى تحت مسمى "البيطار" حيث يتم تهذيب حوافر الخيول حتى لا تتألم، ويدق الرقم الخاص بالحصان فى الجزء الميت من الحافر ليسهل التعرف على تاريخه المرضى بعد خروجه من المستشفى. كل ذلك يجعل من الصعب على الخيول والحمير ترك هذا المكان الذى تجد فيه الطعام والشراب والراحة والمعاملة الطيبة، فعندما يأتى مالك الحصان لاصطحابه خارج المستشفى يرفض الخروج.

"الخيول بتهزر وبتضحك مع بعض زى البنى آدمين"، قالها عم محمد أحد عمال المستشفى، الذى يفضل التعامل مع الخيول العربية الأصيلة، ويحزن عندما تغادر المستشفى "خيول العربجية بتبقى غبية، لأنها اتعودت على القسوة والضرب ولا تشعر أبدا بالأمان"، وهذا ما يجعلها تتعامل بعنف مع كل المحيطين بها، فأحد هذه الخيول قطع له أذنه وعضه فى كتفه.

فى العيادة الخارجية للمستشفى التقينا بالطبيبة أميرة عزيز المتخصصة فى شئون الخيول التى قضت 21 سنة فى التعامل معهم، تشاهد يوميا الكثير من الإصابات من جروح وأمراض الجهاز التنفسى والحركى وخاصة التهاب الحوافر، أما حالات الكسور فلا تعالج ويعدم الحيوان عن طريق إعطائه حقنة مخدرة يعقبها حقنة أخرى لإيقاف القلب، وكذلك بالنسبة للحالات المسنة التى لم تعد قادرة على العمل يتم إعدامها، لأن صاحبها لن يطعمها دون أن يستفيد منها.

تقدم الطبيبة النصح لأصحاب الحيوان بأن يقدموا له الطعام الصحى، فالحيوانات العاملة لابد أن تأكل الفول والشعير والردة والتبن، ويحرصوا على أن يشربوها الماء طوال اليوم، وينظفوا الحيوان وهو ما يطلق عليه "تطمير".

رغم أننا نتعامل مع الحيوانات العاملة وكأنها جماد لا يشعر، إلا أن دكتوره أميرة تؤكد أن الخيول تصاب بأمراض نفسية مثل الاكتئاب والحزن، ويظهر ذلك فى سلوكها مثل رفض الأكل وعدم الاهتمام بالمحيطين بها، وخاصة فى حالات الحزن على وفاة صديق، وقد تصل إلى الموت حزنا، وقتها يحتاج الحصان إلى قدر كبير من العطف والحنان إلى جانب محاولة دمجه فى بيئة اجتماعية.





مشاركة




لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة