عبر اليوم السابع فى سلسلة من المقالات نبهت غير مرة من خطورة الانزلاق فى هوة المقارنة بين مصر وحماس ومصر وحزب الله ومصر وقطر... وذلك لأن مصر أكبر بكثير من كل من حولها سواء فى السلم أم الحرب وأعنى بمصر هنا، مصر الأرض والشعب والدولة وهى الثوابت التى لا يمكن نفيها أو تجاهلها فى ظل التركيز على ضعف الأداء السياسى الراهن.
ما حدث مع حماس أثناء الحرب الصهيونية الأخيرة تم استنساخه مع حزب الله ونصر الله والطريقة الإعلامية الهوجاء نفسها، فمن الطبيعى أن يستفزنا الصغار، لكن من غير الطبيعى أن نستفز وأن ننزل إلى ساحة النزال مع الصغار ـ مع احترامنا لنضالهم وتاريخهم ـ. ويزعجنى أنه فى الوقت الذى تنازل مصر حزب الله فإن إيران لا تقبل بأقل من أمريكا للحوار والنقاش والنزال السياسى، أوباما يبعث برسائل تودد وإيران تتمنع وتشترط، فى الوقت نفسه الذى تغيب فيه مصر عن القمة تخشى الدبلوماسية المصرية من حضور إيران للقمة العربية.
الدبلوماسية المصرية عجزت عن إدارة الملفات القريبة من حدودنا ناهيك عن الملفات البعيدة... بينما إيران تلعب عبر حزب الله فى كافة الأنحاء وتدير استراتيجية سياسية طموحة تتواصل فيها مع أمريكا اللاتينية وأفريقيا وآسيا ودول مجلس التعاون الخليجى....
هل نعيد الكلام عن دارفور... أم نتحدث عن فلسطين أم الصومال أم لبنان؟.
تركيا نالت تفويضا من أمريكا للعب دور فى المنطقة بعد زيارة أوباما لتركيا، وأسأل القائمين عن الدبلوماسية المصرية لماذا لم يزر أوباما مصر؟ أليست مصر كبيرة ومؤثرة؟ فمن الذى قزَمها؟ إيران تلعب مع الكبار ونحن نلعب مع الصغار ونستفزهم ونحن نعلم أن ليس لديهم شيئا يخسروه..
مصر تدخل فى صراع إعلامى مع حزب الله الذى لا يمكن بحال تبرئة ساحته مما حصل، وكما ذكرت فى مقال سابق لى (لا تلعنوا مصر) أكرر بأنه لا حزب الله ولا حماس ولا أى قوة مقاومة ـ وإن كنا نحترم جهادها ونضالها ـ لها الحق فى اختراق حدودنا واستباحة أرضنا... فهذه أمور لا تحتاج إلى توضيح.. لكن ماذا لو أن مصر احتوت حماس والجهاد الإسلامى وحزب الله بصفتهم قوة مقاومة والمقاومة مشروعة وفقا للقوانين والتشريعات الدولية.. كيف يحق لإيران أن تعلن بملء الصوت أنها مع المقاومة، ونقول نحن إننا لسنا مع المقاومة.. يمكننا أن نقول إننا مع حق الشعوب المحتلة أراضيها حتى تنال استقلالها وإن هذا يتوافق مع الشرعية الدولية.
فى رأيى أن الفشل الدبلوماسى لا يمكن معالجته أمنيا فقط، بل يجب أن تعود الدبلوماسية إلى العمل وليس مجرد الفرجة وإطلاق تصريحات لا تقدم ولا تؤخر من عينة (أننا لن نسمح لإيران بأى دور إقليمى)، ولا أدرى من أين أتى المتحدث باسم الخارجية بهذه الثقة فى الوقت الذى لا يستطيع وزير الخارجية المصرى إقناع أحد بأن الدبلوماسية المصرية موجودة فى المنطقة.
أقترح على القائمين بالسياسة المصرية أن يعيدوا النظر فى استراتيجيتهم، وأن يختاروا خصوما أقوياء وأن يلعبوا مع الكبار وبدلا من الدخول فى حروب مع هؤلاء جميعا، وعليها أن تسامحهم وتعفو عنهم وأن تعيدهم إلى حيث أتوا... فمهما كان هؤلاء فهم صغار ومصر هى الكبيرة! هل هناك من يشك فى ذلك.
لا توجد تعليقات على الخبر
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة