يبدو أن الجدل حول قضية ارتداء الحجاب لا يزال يشغل حيزاً واسعاً داخل المجتمع الفرنسى، فقد ألقت صحيفة لوموند الضوء فى عددها الصادر اليوم السبت، على ظاهرة تزايد عدد القضايا المرتبطة بارتداء الحجاب الإسلامى، والتى تشهدها المحاكم الفرنسية فى الآونة الأخيرة. وكان آخرها هى الدعوى القانونية المرفوعة من قبل سيدة فرنسية تدعى سامية سعيد، تبلغ من العمر (38 عاماً).
بدأت قصة تلك السيدة الحاصلة على شهادة فى القانون الدولى فى الخامس من مارس الماضى حين وجدت نفسها وقد منعت من حضور دروس اللغة الإنجليزية التى كانت قد بدأتها منذ أكتوبر 2008، وذلك بدعوى أن ارتداءها الحجاب يخالف "القانون العلمانى الفرنسى"، كما أكد مدير المدرسة التى تعقد فيها هذه الدورة التعليمية. وقد نظر قاضى الأمور المستعجلة فى المحكمة الإدارية بباريس فى القضية يوم الخميس 16 أبريل، ومن المنتظر أن تصدر خلال عشرة أيام حكمها برفض قرار المدرسة حرمانها من استكمال دورتها أو تأييده.
ومن جانبه يقول محامى المدعية، إن قرار حرمان تلك السيدة من استكمال دورتها التعليمية، إنما يمثل تفسيراً خاطئاً لقانون مارس 2004 الخاص بمنع ارتداء الطلبة للعلامات الدينية المميزة داخل المؤسسات التعليمية الحكومية، ومحاولة لتوسيع نطاق تطبيقه.
تسوق الصحيفة حالة أخرى تشهدها مدينة تولوز الفرنسية، خاصة بفتاة تدعى سابرينا تبلغ 25 عاماً، والتى تنتظر قرار المحكمة بشأن البت فى قرار طردها الصادر فى فبراير الماضى من جامعة بول ساباتية. حيث رفضت سابرينا، التى تدرس الميكروبيولوجى، خلع الحجاب بناء على طلب الجامعة، التى تتدعى أن أمر حصول الفتاة على عقد عمل يخضع للقانون العام يتنافى، كما يشير رب عملها، وارتداء أية علامة دينية.
تذهب الصحيفة إلى أنه على الرغم من اختلاف الشق القانونى لهاتين القضيتين، إلا أنهما تكشفان عن توجه عام بدأ يشق طريقه فى المجتمع الفرنسى، ألا وهو لجوء مسلمى فرنسا بشكل متزايد إلى القضاء حين يشعرون بتعرضهم لشكل من أشكال التمييز نتيجة ممارساتهم الدينية.
بالإضافة إلى أن النجاح النسبى الذى حققه التماس التأييد لسابرينا، والذى ضم توقيع 2300 شخص خلال عشرة أيام فقط، إنما يعكس ازدياد هذه التعبئة العامة داخل المجتمع الفرنسى لصالح هذه القضايا. وهو ما يعتقده أحد المحامين المتخصصين فى هذه النوعية من الدعاوى، مؤكداً على ارتفاع عدد القضايا المتعلقة بالتمميز الدينى، مضيفاً أن ما خفى كان أعظم. فقد وصف ملفات تلك القضايا التى تصل إلى المحاكم بأنها "الشجرة التى تخفى باقى الغابة"، حيث أن الشىء المؤكد هو أن المسلمين قد فاض بهم الكيل من تعرضهم لأشكال العنصرية المختلفة.
ويشير سامى ديبى، رئيس جمعية مناهضة الخوف من الإسلام فى فرنسا، إلى اتساع نطاق المجالات التى باتت مسرحاً لهذا النوع من الصراعات ضد الحجاب، فقد أصبحت تضم أماكن العمل المختلفة والإدارات والجامعات، بل وقطاعات الترفيه، حيث رفضت مؤخراً إحدى المراكز الرياضية تجديد عضوية سيدة محجبة على الرغم من أنها كانت تتردد عليه قبل ارتدائها الحجاب. ويضيف سامى ديبى أن الجمعية تنجح فى حل 90% من الحالات من خلال الوساطة.
كما تسعى من جانبها الهيئة العليا لمكافحة التمييز والمساواة فى الفرص إلى تفادى تصعيد بعض الحالات إلى المحاكم. بيد أن توصياتها لا تنجح سوى بشكل محدود فى تحقيق هذا الهدف، مثلما فعلت مثلاً فى يونيه 2008، فى قضية وجود فتيات محجبات فى بعض مؤسسات التعليم الحكومية، مذكرة بقرار مجلس الدولة الصادر فى 1996 الذى يشير إلى أن ارتداء الحجاب لا يمثل بالضرورة فى حد ذاته نوعاً من الضغط أو التبشير الدينى.. وهى الحجة التى سارع محامى السيدة سامية سعيد إلى إضافتها إلى ملف قضيتها.
مسلمو فرنسا يشعرون بتعرضهم لشكل من أشكال التمييز نتيجة ممارساتهم الدينية
لا توجد تعليقات على الخبر
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة