شريف حافظ

تبرير التحرش = استباحة شرف الأمة

الخميس، 16 أبريل 2009 11:27 ص

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
تُشكل المرأة نصف المجتمع، وهو ما يعبر عن حقيقة ليست شعاراً بعيداً عن الواقع. وعند تبرير الاعتداء على العرض، يُستباح شرف الأمة، ويُتيح ذلك التبرير للآخر المتربص خارج حيز الوطن، الاعتداء على الأرض، وينتفى مصوغنا العقلانى للدفاع، لأن فينا من يمنح الذريعة لمن يريد، بمنطق مقلوب، لا يمكنه الصمود فى وجه العاصفة.

إن أغرب ما سمعت مؤخراً، هو تبرير التحرش الجنسى ضد المرأة فى مصر. والتبرير يدل على قصور النظر وضعف التحليل. فالمبررون يقولون، بأن سبب التحرش، هو زى المرأة، الذى يعتبرونه شديد التبرج. ولكن ما لم يستشفونه فى الأمر، هو أن القلة ممن يعلنون عن حوادث التحرش، هم من النساء، المُتصفات بالثقافة والشجاعة والوطنية، معاً. حيث إن أغلبية من يتم التحرش بهن، هن من المحجبات، وهن يخفن، من ردة الفعل التى يسمعون عنها من مبررى التحرش، والتى تُشكل حاجزا نفسيا لهن، لا يستطعن معه أن يقفن فى وجه هؤلاء الذين يستبيحون عرض الوطن، تحت ذرائع، تستخدم إسرائيل مثيلاتها - وإن كنا هنا لانتقلنا للحديث عن استباحة الأرض - فى تبرير الاحتلال والقمع فى الأراضى المحتلة، واستخدمتها الولايات المتحدة فى العراق، واستخدمها كل محتل، عبر الزمن فى الاستهانة بدعاوينا تجاه الحرية والاستقلال، واستخدمتها حكومات من أجل القمع وتكميم الأفواه!

إن من يُبرر التحرش، إنما يُبرر كل تحرش ممكن، وبكل المعانى الممكنة، حتى الوصول إلى تحرش الدول المتقدمة بالدول النامية، مستبيحة ثرواتها. إنه يخلق الذريعة بالاعتداء، لمن يريد، مُخالفاً المنطق والقيم وكل الأديان والأعراف. إنه ينطلق من الدين، ليعتدى على الدين والوطن والإنسان وكل المبادئ والمُثل العليا، ويرهب من يريد الإصحاح أو من تُريد نيل الحق بالقانون.

فى النهاية، يجب التأكيد على أنه يصبح أحد الخدمة فى معبد إبليس، فهنيئاً له النار التى يوقدها ولا يُطفئها إلا إشباع الشهوات المُحرمة وضرب السلام الاجتماعى! إلا أنه لا يقف بعيداً: فهو يحيا فى هذا المجتمع ويمكن أن يتذوق تلك النار، ويندم على فعلته النكراء، بعد أن يصاحب الشيطان فى رحلته عبر جهنم، الذى عاون على صنعه معه! فأين الدين أو الحصن الاجتماعى، من خلال كل ما يفعل المبررون؟

إن التحرش، هو تعبير عن تفريغ كبت شبابى، ساهمنا كلنا فيه، بأن أفرغنا القيمة من حياة شبابنا. لم نعطهم البديل الصحيح، وجعلناهم متواكلين على معلومات يتلقونها دون قراءة، وعلى أغنية بذيئة دون طرب، وعلى فيلم مُسف دون معنى، وعلى تعريف عام دون تصحيح دقيق، وعلى فتاوى يقولون إنها دينية تستهدف الجنس دون العلم والعمل، وعلى وله للجسد دون تقديس للعقل، وعلى شكل دون مضمون، فى تعبير فج عن عبادة القُبح وإعلاؤه على قيم الخير والجمال.

وتركنا تصوير الفحولة على أنها قوة بدنية، دون شخصية محترمة، فكان ما كان، وهو ليس تبريرا لأى فعلة فاضحة، ولكنه تجريم للجميع، على اللامبالاة الشديدة وسط زحام الحياة، الذى لا يعفينا من الواجب، حتى أصبحنا مساهمين مع هذا الفحل فى تحرشه بأنثى منا، مبرراً التحرش بالوطن بأكمله، من منطلق تقنين قانون الغاب، ليصبح هو الشرع والملجأ وفقاً للهوى!!!

عندما نقف فى تمام الخامسة مساء يوم السبت 18 إبريل 2009 فى حديقة الخزان بجانب حديقة الأندلس بالمقطم، مع سيدة مصرية منا، هى أسر ياسر، فى حملتها ضد التحرش فى الشارع المصرى، مستهدفة شارعا مصريا آمنا، إنما نقف ضد تيه نعيشه، وضد كل تحرش فى حياتنا. إننا نقف مع مصر، ضد كل أنواع التحرش الذى تتعرض له وضد سلبيتنا وخنوعنا. ضد فوضى المعانى والتعريفات والمصطلحات والتبريرات.

نحن نقف ضد استباحة وطن ومواطن ونستعيد نخوتنا الوطنية. لا نقبل فى الحق لومة لائم. نحن نقف مع شجاعة أخواتنا فى الإبلاغ لنيل حقوقهن ووقف الاعتداء على أعراضنا، ومع قانون تريد الدولة تشريعه ضد المتحرشين بمعنى الجمال فينا. نحن نقف ضد استباحة شرف مصر، من أى كيان، يقف ضد الأمة المصرية الخالدة!








مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة