"مسلم مسيحى، فلاح صعيدى، نوبى أو سيوى، أنا مصرى لما الفرنسى والإنجليزى والإسرائيلى جم بالأذية ما فرقوشولما جالى الخير فى يوم كنت ضاوى له شمعتين فى مارى جرجس وسيدنا الحسين".
تلك كلمات الأغنية التى مثلت حجر الأساس لفرقة "أنا مصرى"، لم يخطر ببال إيهاب عبده أن الأغنية التى وضع كلماتها ولحنها، يمكن أن تتحول إلى فرقة شبابية مكونة من 15 عضواً.
كل ما فعله أن وضع الأغنية على الإنترنت حتى فوجئ ببعض الشباب يتصلون به، ويعبرون عن إعجابهم بالفكرة ورغبتهم فى المشاركة فيها.
كان إيهاب يستعد وقتها لإحياء حفلة بالجامعة الأمريكية جمعت لأول مرة ما بين الترانيم المسيحية والإنشاد الصوفى والغناء النوبى فى وحدة واحدة، لتشكل أغنية مصرية الهوى تدق على أوتار الوحدة الوطنية وتبعث الهوية المصرية بعيدا عن التطرف الدينى.
"نريد أن نتحاور من خلال الفن ونرى الآخر بمنظور جديد بعيدا عن تعانق الهلال مع الصليب ومصافحة شيخ الأزهر للبابا، "قال إيهاب مؤكداً أن مصر كانت قادرة على مر العصور على احتضان كل الأديان والجنسيات والحضارات دون تفرقة" وردد إحدى أغنيات الفرقة:
فراعنة بطالمة
جريج رومان
أرمن يهود
أقباط إسلام
ما نا كل ده
مش ده أو ده
الحديث عن الوحدة الوطنية، كان من الأمور التى تشغل إيهاب بشكل كبير، حيث كان يدهشه مطالبة بعض المتطرفين بعدم مصافحة أصحاب الديانات الأخرى أو الامتناع عن تهنئتهم بأعيادهم، لذلك كان يجمع الآيات القرآنية التى تتناول العلاقة بالآخر وينشرها بين الناس.
"التعامل مع الفتنة الطائفية لازم يكون بالفعل، مش مجرد شعارات وخطب وفى النهاية يبقى المثل المصرى "اللى فى القلب فى القلب يا كنيسة".
تستعين الفرقة ببعض الأحاديث الشريفة وآيات القرآن والإنجيل للتأكيد على نقاط الالتقاء بين الأديان إلا أنها تحرص فى ذات الوقت على عدم التطرق لنقاط الاختلاف بين الأديان.
هنا موسى اتكلم مع ربه
هنا المسيح والعدرا كمان
لقيوا الأمان من بطش الرومان
هنا رسولى وصى جيوشه
وقال علينا خير الأجناد
فى كل البلاد
واستوصوا بالقبط خيرا
ولأن أغلب الشعب من الأميين ولحساسية القضية التى يدافع عنها، يفضل إيهاب تناول القضية من خلال الفن "واحنا بنغنى، الناس بتعيش حالة مختلفة بيحسوا الكلام اللى بيدخل قلوبهم وده بيخليهم يفكروا ويقارنوا كلمات الأغانى مع واقع معاملتهم مع الآخر"، خاصة عندما يستمع الجمهور إلى المزج شديد البراعة بين الترانيم المسيحية والإنشاد الصوفى فلا يجد اختلافا كبيرا بينهما.
ترنيمة "فين المعنى" تقول "مين غيرك أقوى منى أقوى من اللى بيبعدنى ويردنى يا ربى للأمان" والتى تتداخل معها ديوان الحلاج
"مولاى قد مل من سقمى أطبائى قالوا تداوى به فقلت لهم يا قوم حبى إلى مولاى أسقمنى وأضنانى فكيف أشكو إلى مولاى مولائى".
وتقدم الفرقة نموذجا للوحدة الوطنية، حيث تجمع بين جنباتها المسلم والمسيحى الكاثوليكى والأرثوذكس والنوبى بصورة يشعر معها الجمهور أن هناك من يمثله.
يعترف إيهاب أن الفرقة مازالت تتواصل مع جمهور من النخبة المثقفة الذى يوافق على معظم الأفكار التى يقدمونها إلا أنه يخطط فى الفترة القادمة إلى الوصول إلى مستويات عريضة من الشعب، خاصة تلك التى شهدت أحداثا طائفية مثل منطقة عين شمس.
ويرى أن السبب الرئيسى وراء انتشار الفتنة الطائفية هو انتشار الجهل الزائد مع انعزال النخبة المثقفة فى جزر بعيدا عن الناس.
يحرص أعضاء الفرقة على أن تقديم أفكار تفاؤلية مبهجة فهم يرفضون لهجة الحسرة على ما فات إلا أن ذلك لا يمنعهم من تقديم بعض الأغانى التى تنتقد من يلقون بتهمة ازدراء الأديان على كل من يختلف معهم مثل أغنية يا سيادة القاضى:
يا سيادة القاضى
دول ناس مطالبين
بحقوقهم قال
وكلام فاضى قال
يظهر مش مصريين
دول أكيد عُملا ورُزلا
وبيزدروا الأديان
تحب نكّفر ولا يلا العباسية أمان
أكثر من 10 حفلات أحيتها فرقة "أنا مصرى" بداية من نوفمبر 2007 وحتى اليوم لمست من خلالها تعطش الجمهور المصرى لهذه النوعية من الأغنيات بعد أن سادت لسنوات طويلة أغنيات الحب والعشق والكليبات العارية.
حلم السفر إلى كل شبر من أرض مصر لنشر أغانيهم بما تحملها من معانى شديدة المصرية فى القرى والنجوع مازال يراودهم إلا أن ضعف الإمكانيات يقف عقبة أمام تنفيذ ذلك الحلم.
بعيدا عن شعارات الوحدة الوطنية
"أنا مصرى" مزيج بين الإنشاد الصوفى والترانيم المسيحية
الخميس، 05 مارس 2009 12:25 م