فى يوم السبت الماضى ذهبت إلى دار الأوبرا بمدينة شيكاغو لحضور عرض "الخطف من منزل الحريم" للموسيقى العبقرى "موزات" الذى أظهر عبقرية موسيقية فذة تمثلت فى جمال وأداء موسيقاه المرحة المتميزة، "الخطف من منزل الحريم" تحكى ما حدث فى منزل باشا تركى تملأه الحريم والجوارى بدون عدد.
كل شىء هنا على الطريقة الإسلامية القديمة، مواقف كثيرة حملتها قصتنا، فالرجال يمارسن الحب والهوى والمتعة مع جواريهم، بينما العاملون فى القصر يتمتعون بشرب الخمر رغم تعاليم الإسلام المحرمة لها، قدمت هذه الأدوار بطريقة فكاهية وهزلية مبالغ فيها.
القصة تحكى عن أسطول سيلم باشا الذى استولى على مركب إسبانى، وكانت فيه فتاة إسبانية جميلة فلم يملك "سيلم باشا" إلا أن ضمها إلى حريمه بعد أن وقع فى حبها، لكن الفتاة لم تقع فى حبه بل احترمته فقط، لم تستطع أن تخفى عليه أمر حبيبها فواجهته فى يوم بأنها لن تقدر أن تحبه.
فى يوم علم حبيبها الإسبانى بمكانها، فأصر على إنقاذها من منزل الحريم والجوارى تآمر مع عمال المنزل وهرب فعلا بحبيبته المخطوفة، إلا انه وقبل أن يركب المركب فشلت عملية الهروب وذهب الجميع للمحاكمة أمام سليم باشا، وفى إثناء المحاكمة اكتشف سليم باشا أنه صديق الفتاة الإسبانية وما هو إلا ابن ملك إسبانيا، المسئول عن قتل كل أهل سيلم باشا وطردهم من إسبانيا أثناء حكم المسلمين لإسبانيا، طالب كل الحاضرين فى المحاكمة بقتل الرجل وأخذ الثأر للمسلمين فى إسبانيا ولكن سيلم باشا بحكمته "قال للحاضرين إنه لن يعالج الظلم بظلم والخطأ بخطأ آخر وإن التعاليم التى نشأ عليها تطلب دائما الرحمة والحكمة، بل أمر بإخلاء سراح الجميع بالرغم من حبه الشديد للفتاة.
هنا عالج "موزات" فى 1767 الهجوم على الإسلام حتى أن الجمهور نسى فى النهاية كل ما قدم فى أثناء العرض من انتهاكات وتذكروا ذلك الباسل العظيم الذى أعطى للغربيين درسا أخلاقيا وإنسانيا رفيعا.
وفى سبتمبر عام 2005 نشرت جريدة بوسطن الدنماركية 12 رسما كاريكاتيريا يسىء للإسلام، وفى 10 أكتوبر هدت هيئات متطرفة المجلة مثل القاعدة وغيرها فى أوروبا، وفى 17 أكتوبر نشرت جريدة الفجر الأسبوعية بالقاهرة بعض الرسوم ولم تحدث أى مظاهرات أو احتجاجات، وفى 31 أكتوبر 2005 بعد أن نشرت الصور بدأت حملة سفيرة مصر فى الدنمارك "منى عطية" فى تهيج العالم الإسلامى وطالبت الحكومة الدنماركية أن تتخذ اللازم ضد المجلة وتعاقبها على النشر، وبعدها قامت بتنظيم اجتماع مع السفير السعودى ولجنة المؤتمر الإسلامى للضغط على الحكومة الدنماركية، ثم تطور الموقف بتحويل القرار إلى جامعة الدول العربية، وفى ديسمبر 2005 عقد العرب مؤتمرا بمكة وحث الملك السعودى الجميع على الوحدة فى معالجة الأمر وفى نفس الوقت بدأت الدنمارك تشعر بالضغط، وبدأت بالدفاع عن حرية التعبير الصحفى واشتعلت النيران، فقد نشبت مظاهرات فى مختلف العالم الإسلامى الذى تحول إلى حرائق وأعمال عنف أدى إلى وفاة أكثر من 100 شخص، مخلفا المئات من الجرحى أغلبهم من المسلمين، وتم إشعال النار فى سفارة الدنمارك فى كل من "سوريا ولبنان وإيران"، والهجوم على مبانى الإداريين وحرق إعلام الدنمارك والنرويج وهولندا، وقامت حملة كبرى لمقاطعة المنتجات الدنماركية فى البلاد الإسلامية، مما أدى لخسائر كبرى للطرفين.
فى النهاية وبعد كل هذه الخسائر نقلت السفيرة من الدنمارك إلى أفريقيا الجنوبية لتهدئة الموقف، وأخيرا كتبت هذا المقال وليس فى قلبى أى نية طائفية ولم أخذ أى جانب فى المشكلة وأحب أن أوضح أننى أفهم تماما عواطفنا كمصريين نحو الدفاع عن ديننا ولكننى وجدت أن طريقة "موزات" فى الدفاع كانت أكثر فاعلية، وكانت قنابل موزات أمام المستشرقين وهم مجموعة من الغربيين الذين ذهبوا إلى الشرق وحبوا الحياة فيها ووجد فيها السلام والحب بعكس الحياة فى الغرب فى هذا الوقت، لذلك علينا أن نأخذ دروسا من تلك العبقرى "موزات" بدلا من طريقة السفيرة منى عطية.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة