عند تولى الرئيس جورج بوش الابن الحكم أعلنت أمه فى تصريح على الهواء أنها سعيدة بأن أحد أبنائها أصبح رئيسا للولايات المتحدة، خاصة أنه لم يكن أكثرهم تفوقا، وتؤكد ذلك الكثير من الكتب والتصريحات الأمريكية بأن بوش الابن كان مستوى ذكائه الدراسى منخفضا، إضافة إلى عدة تصريحات للرئيس يؤكد فيها الدور الإيجابى الذى لعبته أمه فى حياته وتقويمها له إلى أن أصبح رئيسا للولايات المتحدة الأمريكية.
ولكن كثيرا ما تقابلنا فى الحياة نماذج لأمهات يرفضن أبنائهن لأسباب مختلفة ولا تهتم برعايتهم، أحمد البكرى (22 عاما)، شاب مصاب بنقص أوكسجين فى المخ منذ ولادته على الرغم من أن توأمه طبيعى تماما، ولكن صدمة الأم فى ابنها جعلتها تتعامل مع الأمر برفض شديد للواقع، وكأنها لم تلد سوى ولد واحد وهو إسلام ولا تعترف أبدا بأحمد.
وذلك ما يؤكده أحمد بلغته التى تشبه لهجة الأطفال وبتلقائية شديدة يقول إنه لا ذنب له فى كونه معاقا ذهنيا، إلا أن الله أراد له ذلك، وهو يذكر الله ويحبه ويرى أن ربه هو الوحيد القادر على تحقيق رغباته، ويقول "إن ربنا جابله كمبيوتر وتليفزيون عشان بيحبه عشان هو بيصلى"، وإنه كثير الشكوى أن أمه لا تتحدث أبدا إليه ولا تجلس معه رغم أنها تجلس مع إسلام أخوه، ورغم أن مستواهم المادى والاجتماعى مرتفع ويوفرون له جميع احتياجاته المادية، إلا أنه لا يشعر أبدا بالأمان بين أفراد أسرته، بل يشعر دائما بينهم بأنه معاق، وعن والده يقول "طبعا مش ممكن أزعله كفاية اللى أنا فيه. بس هوه بيزعنلى لما بغلط وأنا عاوز أكبر زى إسلام بس مش عارف"، إضافة إلى تكراره "أن إسلام مش بيصلى وبيشرب سجاير كتير علشان كده بيكح وربنا حيزعل منه"، و"إسلام بيتفسح كل يوم ومش بيفسحنى"، ويشكو أيضا أنه لا يخرج من البيت أبدا ولا يقابل الضيوف ويظل فى الحجرة بمفرده يسمع أعانى.
لذلك صار أحمد يكره العودة إلى المنزل، ويتمنى أن يظل فى الدار ويكرر"المفروض ميس دينا تفضل معايا هنا ولو مش حتروح أنا حفضل معاها" تلك الفتاة العشرينية التى لا تكبره كثيرا فهو فى الثانية والعشرين من عمره، ولكنه يعيش بعقلية طفل صغير لا يشعر بالأمان إلا مع ميس دينا، ويتحدث عنها كأنها هى أمه ويردد أيضا أن "ميس دينا بتفسحنى وبتجبلى حاجة حلوة" (رحلات الدار) أيضا "ميس دينا بتحفظنى قرآن وبتعلمنى حساب عشان أعرف أكبر وأشتغل المفروض عشان أجيب فلوس"، كما أن ميس دينا بدت شديدة الارتباط بجميع أبناء الدار وتدلل كل بنت وولد باسم وتحن عليهم.
فى حين أن لدينا عينة أخرى من الأمهات رغم أنها سيدة بسيطة جدا، فقيرة وغير متعلمة إلا أنها رضت بقضاء الله وتشمل ابنها إبراهيم بكل الرعاية والحب، وتروى أنها اكتشفت إصابة ابنها بضمور فى المخ عندما كان عمره ستة أشهر، وتقول "طبعا كانت مصيبة علينا أنا وأبوه بس ربنا عايز كده، وكان لازم نرضى بنصيبنا وهو العيل ذنبه إيه"، ورغم أنها غير ميسورة الحال إلا أنها تهتم بالتحاق ابنها فى الدار ليتعلم المشى والكلام ومهارات تساعده على الاندماج فى المجتمع، وتؤكد أنها لا تتركه أبدا فهو دائم الالتصاق بها ولا تشعره بأى تفرقة بينه وبين أخوته الأصحاء وحول ذلك تقول "إزاى أفرق يعنى؟! ده بركة البيت".
الأمومة عطاء مستمر
لا توجد تعليقات على الخبر
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة