ناهد إمام

زوجتى "حاشاك"!

الأحد، 15 مارس 2009 01:50 م

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
"أم العيال", "الحرمة الله يعزك", "المرة" (وهذه تشيع فى الخليج حيث لا ترمز الكلمة إلى أى معنى معيب), "الأهل" وأيضاً "زوجتى حاشاك" .. إنها ألقاب يطلقها الأزواج كل على حسب قطره (بلده) على الزوجة, والتى يعتبرها البعض شكلاً من أشكال العنف اللفظى ضد المرأة, لأنها تمنع عنها حق الكشف عن اسمها, وشخصيتها, أو تحمل معنى يقلل من قيمتها.

تذكرت هذه الألقاب السخيفة، والتى ما أنزل الله بها من سلطان, وأنا أشاهد احتفاليات بيوم المرأة العالمى وقريباً يوم المرأة المصرية, احتفاليات فضائية, مؤسسية, أو حتى رسمية, لا تمت إلى واقع المرأة بصلة.

على الجانب الآخر، ناشطات وناشطون ومدافعات ومدافعون عما يسمى بحقوق المرأة, مقاتلون منذ زمن، ولأزمنة أخرى قادمة على ما يبدو، يصرخون "المرأة ما زالت تتعرض للعنف بكل أنواعه والظلم والتحرش والعنوسة والفقر و.. و.. إحصاءات تثبت ودراسات تؤكد ففيم الاحتفالات إذاً"؟!

"لابد من توعية الرجل وتوعية المرأة بالحقوق, ولابد من تعويد المرأة على أن لا تقبل العنف من الرجل ولو مزاحاً, ولابد من اللجوء إلى السلطات فى حال اعتداء الرجل على المرأة جسدياً" .. هكذا تنصح نهاد أبو القمصان النساء على إحدى الفضائيات.

أما النتيجة "الواقع لما سبق كله، فهى أن الجماهير ما زالت تائهة غارقة فى الجهل والفشل، 83% من نساء مصر يرين أن ضرب الزوج لا شىء فيه, وهو حق له!" أو متقاتلة متحزبة هى الأخرى "سعوديات يمتنعن عن الاحتفال بيوم 8 مارس", والظلم باق "47% من النساء يتعرضن للعنف الجسدى فى الأعمار ما بين 40 و50 سنة!"

أى امرأة تلك التى تظل تتعرض للعنف حتى الخمسين من العمر؟!

ولكن.. ولم لا وهى تتعرض لسوء المعاملة من الرجال المقربين, الأب, الزوج, الأخ, فلم لا تعنف حتى الخمسين والستين وحتى تدخل القبر؟!

والسؤال هو إلى متى .. إلى متى لا يجتمع الفرقاء فى حركة إصلاح اجتماعى – أسرى تنفض عن مجتمعاتنا ذلك الفصام النكد بين مقاصد الشريعة والاتكاء على نصوصها لتبرير كم هائل من الممارسات الظالمة ضد المرأة تتخذ مرجعيتها من العادات والتقاليد وليس الدين؟!

إلى متى لا نعترف بالفشل فى تربية الأنثى والذكر .. فالمخرجات التى هى امرأة مستكينة مستسلمة أو متمردة صدامية بما لا يوصل لأى حق والرجل الذى هو عنيف متسلط "طاغية صغير" ساحته الأسرة كلاهما نتيجة طبيعية لمدخلات تربوية خاطئة تقوم على معاملة الذكر داخل الأسرة، على أنه حالة خاصة متميزة لها القوامة التى لا تعنى الرعاية والمسئولية بقدر ما تعنى التحكم والتصرف بحياة الإناث، كل الإناث، من حوله أماً كانت أو بنتاً أو ابنة أو زوجة أو زميلة عمل, وربما جارة!

بل ونعطيه توكيلاً عاماً بأحقية تهذيب وتأديب الأنثى، لأنها عرضة للشك فى سلوكها ودينها وفكرها ومسئوليتها، وربما صمتها وكلامها, إنها القاصرة عن حفظ نفسها وعرضها، الناقصة فى قدراتها وإمكاناتها، إنها المسئولة "أمامه" وليس أمام الله .. هكذا نربى الذكر وكذلك الأنثى!

إننا بحاجة ماسة إلى حركة إصلاح اجتماعى ـ أسرى تفك الاشتباك الحاصل بين الرجل والمرأة .. بين أصحاب التوجهات الفكرية المتعاركة فيما بينها باسم حقوق المرأة ولا أحد منها يعطى أى حق.

نحن بحاجة إلى حركة إصلاح اجتماعى – أسرى ترشد الأسر إلى اعتماد فقه "الرعاية" وليس "الوصاية" عند تربية الإناث والذكور، وتعيد الصياغة لكليهما نفسياً وفكرياً وثقافياً.

نحن بحاجة إلى حركة إصلاح "اجتماعى ـ أسرى" تربى الذكر والأنثى على أن المرأة كالرجل سواء بسواء مسئولة أمام الله، وقد أعطاها الأهلية الكاملة للقيام بواجباتها فى حماية عرضها ونفسها ومالها بالتعاون مع الرجل الذى أوكل الله إليه حمايتها ورعايتها والحفاظ على كرامتها .. وأن القوامة فن رفيع لابد أن نربى عليه مشروعات "رجال المستقبل".

نحن بحاجة إلى حركة إصلاح اجتماعى – أسرى تعلم الناس أن الرجل لم يخلق لتأديب وتهذيب وتقويم المرأة، وأنها عند كل خلاف الـ "الناشز" التى سقطت نفقتها واستوجبت تكسير العظام.

نحن بحاجة إلى حركة إصلاح اجتماعى – أسرى تحرر الرجل، نعم الرجل، من الفهم العقيم لنصوص الشريعة .. فهو مسكين تربى على أن حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم "لو كنت آمراً أحداً أن يسجد لأحد، لأمرت المرأة أن تسجد لزوجها" معناه التجرؤ على حقوق الألوهية، فأصبح مع كل حدث أو حادث داخل الأسرة وكأن لسان حاله يقول "أنا ربكم الأعلى"!

نحن بحاجة إلى حركة إصلاح اجتماعى – أسرى تنقذ العلاقة المتردية بين الرجل والمرأة القائمة على الشك وسوء الظن ورفض الفطرة وانعدام الثقة, فتعلمهما أن أصل علاقتهما بمجملها قائمة بحدود الله يتعبد بها كلا الطرفين ربه لا أن يستعبد باسمها أحد الطرفين الآخر.

نحن بحاجة إلى حركة إصلاح اجتماعى – أسرى تربى الذكور على أن يكونوا "رجالاً" لا "ذكوراً"، وفارق كبير بين ما معناه القدرة الإنسانية وما معناه القدرة الجنسية!

فارق بين الرجل صاحب الشخصية القوية والرجل صاحب "الكف" القوية.

نحن بحاجة إلى حركة إصلاح اجتماعى – أسرى تدرك أن التغيير فى الوطن والمجتمع والأسرة ليس سلطة ينبغى تكريسها وتسليم حقيبتها للرجل دون المرأة .. فبوابة سجن الماضى لن يغلقها سوى كفيهما .. معا, وبدون ذلك، فالكل يلقى بكراسيه فى "الكلوب", ولتظل .. ليس فقط "زوجتى حاشاك", وإنما التغيير والإصلاح كله "حاشاك"!






مشاركة




لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة