انتقدت صحيفة الجارديان البريطانية حظر الحجاب الذى تتبناه بعض الدول الأوروبية، وقالت الصحيفة فى مقال كتبته جورى فان جوليك على صفحات الرأى، إن حظر ارتداء الحجاب أدى إلى عزل النساء المسلمات بدلاً من إدماجهن فى المجتمعات الأوروبية.
وتشير فان جوليك وهى ناشطة نسائية، إلى أن حظر الحجاب يتعارض مع الحريات التى يفترض أن تمنحها الدول لمواطنيها. وتقول "فى جميع أنحاء أوروبا، وعلى مدار السنوات العشر الماضية، كانت هناك مناقشات صاخبة، كشفت عن كراهية علانية للأجانب فى بعض الأحيان، حول ما إذا كان ينبغى السماح للمرأة المسلمة بارتداء الحجاب أثناء العمل فى ظيفة حكومية، وتم فرض أنواع عديدة من حظر الحجاب فى بعض الدول الأوروبية من بينها فرنسا وألمانيا وتركيا".
وتنادى بعض الحركات النسائية بحظر الحجاب بزعم مساعدة النساء المسلمات، اللاتى غالباً ما ينظر إليهم على أساس أنهن يعانين من القهر فيما يتعلق بالزى. ويسعى السياسيون والمعارضون للهجرة إلى تبنى مثل هذه السياسات لأنهم ينظرون إلى الأشخاص الرافضين ذلك باعتبارهم يمثلون تهديداً للمجتمعات الغربية، لكن هذه الحجج تضر بكل من حقوق المرأة وكذلك بالإندماج السلمى، ونادراً ما يتم استشارة النساء فى هذا الأمر رغم أنهن الأكثر تأثراً بموضوع الحجاب.
إحدى المدرسات رد فعلها على حظر الحجاب فى بلدها ألمانيا قائلة "لقد شعرت فجأة أننى غريبة فى ألمانيا، ولن أنسى ذلك أبداً". وتقول الكاتبة البريطانية إن هذه السيدة واحدة من كثيرات أجرت معهن منظمة هيومان رايتس ووتش مقابلات فى ألمانيا، حيث قامت ثمانية ولايات فيدرالية من إجمالى 16 ولاية بحظر الحجاب للمعلمات "وقد شمل الحظر فى ولايتين آخرتين العاملات فى مجالات مدنية أخرى". ويعد أحد هذه القوانين تمييزياً بشكل صريح، حيث يحظر استخدام الرموز الدينية فيما عدا رموز الإرث المسيحى، وتبدو قوانين الحظر الألمانية الأخرى محايدة إلا أن النساء المسلمات هن الأكثر تضرراً منها.
وتعبر الكاتبة عن وجهة نظرها الخاصة التى تقول فيها إن النساء والفتيات المسلمات "يُجبرن" على ارتداء الحجاب باسم الإسلام مثلما تضطر نساء أخريات إلى ارتداء التنانير الطويلة أو الشعر المستعار أو غيرها من الملابس باسم المسيحية أو اليهودية أو أى دين آخر. ورغم أنه من المفترض أن تلتزم أى دولة بمساعدة مواطنيها على تجنب الإكراه، إلا أن التجارب والأبحاث تشير إلى أنه لا يمكن اقتلاع القمع من قبل دولة هى نفسها تقمع الضحايا، وإنما من خلال التعليم وتحقيق العدالة وتوفير الفرص الاقتصادية، فحقوق النساء تتعلق باستقلالهن، والاستقلال الحقيقى يعنى حرية الاختيار.
ويصر بعض مؤيدى حظر الحجاب على أن الحجاب بطبيعته "مهين"، ويزعمون أن المعلمة التى ترتدى الحجاب غير قادرة على تعزيز المساواة بين الجنسين وحرية الاختيار بين طلابها. إلا أن هذه الحجج تتعارض جداً مع مبدأ المساواة بين الجنسين، وتمس قدرة المرأة على اتخاذ قرارات تتعلق بحياتها دون تدخل من الدولة أو آخرين.
وتثبت الأبحاث التى أجريت فى ألمانيا أن هذه القوانين لا تفعل شيئاً لاستقلال من ترتدى الحجاب. فجميع النساء اللاتى تم استطلاع آرائهم قلن إنهن اخترن بحرية ارتداءه، وحظر الحجاب يضرهن ويجعلهن غير قادرات على العمل فى الوظائف التى اخترنها، وبالتالى يسبب لهن فقدان استقلالهن المادى.
وتعد الحجة القائلة بأن حظر ارتداء الحجاب يتم باسم الاندماج الثقافى تعبر فى بعض الأحيان عن العداء الصريح لغير البيض أو غير اليهود والمسيحيين والمهاجرين. وحجة أخرى، وإن كانت أقل حدة، تتعرض بالقلق العميق على التغير السريع فى المشهد الثقافى فى أوروبا ومحاولة مخاطبة نفس المشكلات الحقيقية التى تولدها هذه التغيرات.
إلا أن حظر الحجاب أسوأ سياسة يمكن تبنيها استجابة للحاجة إلى إدماج الناس فى المجتمع، وأظهرت الأبحاث أن حظر الحجاب يؤدى إلى عزل الناس عن مجتمعهم بدلا من إدماجهم.
وقالت الكثير من النساء التى تحدثت معهن الكاتبة، إنهن يشعرن بالغربة نتيجة للحظر على الرغم من أن بعضن يعشن فى ألمانيا منذ عقود أو حتى منذ ولادتهن، وبعض هؤلاء السيدات تركن ولايتهن والبعض الآخر ترك ألمانيا كلها.
وتختم فان جوليك مقالها بالقول إن تحقيق المساواة بين الجنسين والإندماج السلمى ينبغى أن تكون أهدافاً أساسية لأى شخص يهتم بالسياسة العامة، ولن يتم تحقيق هذه الأهداف بعزل النساء اللاتى اخترن ارتداء الحجاب.
الجارديان ضد حظر الحجاب وتصفه بعزل النساء من الاندماج فى المجتمعات الأوروبية
لا توجد تعليقات على الخبر
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة