قرارات الإزالة الخاصة بالمبانى المخالفة، أو ترميمها، كلها لاتزال حبراً على ورق، ولا تنم إلا عن تضارب فى الهيئات التابعة لمجالس الأحياء أو وزارة الإسكان، ولا تكشف سوى أن تلك الهيئات تحولت لمكاتب مقاولات خاصة.
ثلاثة تقارير فنية عن فحص مبنى "مدرسة رمسيس للغات" ، بالأسبوع الماضى، كشفت تضاربا جسيماً، حيث أصدرت اللجنة الهندسية التابعة للجهاز الفنى للتفتيش بوزارة الإسكان فى الثانى من فبراير تقريرا يفيد بهدم المدرسة وإعادة بنائها لأنها آيلة للسقوط، رغم أن اللجنة التابعة للمحافظة واللجنة التابعة لحى شبرا أكدتا عدم صحة ذلك، وأن المدرسة تحتاج فقط إصلاحات لأربعة مبانى فقط.
اللجنة نفسها، التابعة لوزارة الإسكان، جاءت يوم 15 فبراير وناقضت تقريرها السابق، وقالت إن بعض المبانى يحتاج لإصلاح وترميم، هذا التضارب فى تقارير اللجان الهندسية بمختلف جهاتها يثير الشكوك حول عمل تلك اللجان .. هل تذهب اللجنة لمعاينة المكان من أجل التأمين على قرار المحافظ؟! أم لاستيضاح الحقيقة وتأمين أرواح المواطنين؟ ولماذا تؤيد اللجان رأى المسئول دائما؟!
إذن واقع الحال يقول إن هناك ثلاث لجان فنية هندسية تقوم بعملية فحص العقارات، أولها تشكل من خلال الحى والثانية تتبع المحافظة من خلال جهاز تفتيش فنى بها، وأخيرا لجان الفحص الهندسية التابعة لوزارة الإسكان.
واقعة أخرى توضح أنه حتى القرارات المتضاربة وإن صحت فهى لا تنفذ، فهناك 17 عاما مرت منذ صدور قرار بإزالة الدورين العلويين من العقار الكائن بشارع جانبى من ميدان الجيش، تلاه قرار بتنكيس العقار بأكمله، ومنذ وقتها والعقار مازال شامخا حتى أصابه هبوط أرضى نظرا لانهيار الصرف الصحى، ليظل دليلا حيا على الإهمال والفساد الإدارى..
فالشروخ التى أصابت عقارا تسكنه 25 أسرة يهددهم الموت فى أى لحظة، امتدت لتصيب أجهزة التفتيش على هذا العقار وغيره، لتصبح سلامة العقارات والأرواح التى بداخلها مجرد "فريضة غائبة"، يصعب تحقيقها، بعدما تحولت المكاتب الفنية لفحص العقارات بالأحياء لمكاتب مقاولة وعمولات تعوق تنفيذ القرارات..
وعلى الرغم من أن دراسة هندسية صادرة عن جامعة عين شمس كشفت عن تزايد حالات انهيار العقارات وتعدد التنكيس أو الإزالة بعد زلزال 1992، إلا أن هذه الحالات لم يتم تنفيذها لأسباب مختلفة، وهو ما أكدته إحصائيات مجلس الشعب لعام 2002 من أن قرارات الهدم بمصر بلغت 111,875 نفذ منها 69,648 ، أما قرارات الترميم فبلغت 98,390 نفذ منها39,097
الإشراف على تنفيذ قرارات الهدم أو التنكيس أو حتى الترميم هو مهمة لجنة التفتيش بالمحافظة من خلال لجان الحى، ولكن بالعودة لـ "مجدى"، أحد ساكنى العقار المهدد بالانهيار فى الوايلى، يتضح أن هناك تباطؤا فى تلبية الاستغاثة، فقد تقدم مجدى بطلب لجنة فنية لفحص عقاره وتمت الموافقة عليه ولم تأت حتى الآن، فقد أرسل مهندسو التنظيم بحى الوايلى قرارا لمأمور قسم شرطة الظاهر باستدعائه لسرعة تنفيذ القرار الصادر منذ عام 1992 بعد الزلزال، ولكن نظرا لطول المدة وسوء حالة العقار، طالب "مجدى عبد العزيز" الحى بلجنة فنية لفحص العقار قبل تنكيسه للوقوف على حالته النهائية وما يتطلبه من إصلاحات، ولكن لم تأت اللجنة لفحص العقار، مما اضطره لتحرير محضر ضد الحى برقم 245 إدارى لسنة 2009، ولكن لم يتحرك أحد حيث قال له مهندسو الحى " ولا لجنة ولا حاجة اشتغل على القرار القديم".
كل هذا التضارب فى الأقوال والأرقام يؤكد أن هناك خللا ما فى طريقة عمل لجان التفتيش الفنية، وهو ما فسره الدكتور يحيى عبد المجيد، أستاذ بالمركز القومى لبحوث البناء والإسكان، بقوله إنه من المفترض أن تقوم تلك اللجان بفحص العقارات بكل حى من خلال مهندسين مختصين وخبراء فى مجال المعاينة، ولديها المقدرة على تحديد العيوب وإصلاحها، ومن هنا تحدد السلامة الإنشائية للعقار، عبد المجيد انتقد لجان الأحياء ومن يتبعون الهيئات كهيئة الأبنية التعليمية، معتبرا أنهم مجرد موظفين ليس إلا، مؤكدا على أن أساتذة الجامعات لا يخضعون لأى ضغوط لإصدار تقارير معينة.
وطالما لا توجد ضغوط فلماذا لا تنفذ القرارات التى تتخذها تلك اللجان ولا تتم بالشكل الكامل .. مصدر مسئول من داخل محافظة القاهرة -رفض ذكر اسمه- أجاب بأن مهندسى التنظيم يقومون بمتابعة العقارات التابعة للحى، مؤكدا على أن المحافظة تلبى دعوة كل مستغيث أو من يتشكك بوجود أى عيوب بمنزله، وبناء عليه تشكل اللجنة على الفور، مبررا نقص متابعة مهندسى الأحياء بأن المحافظ "مش هينزل يلف فى الشارع".
لمعلوماتك..
14 ألف طعن مقدم أمام القضاء على مستوى مصر ضد قرارات الإزالة بحسب تقديرات الجهاز الفنى على أعمال البناء بوزارة الإسكان .
لجان التفتيش تحولت لمكاتب مقاولات خاصة..
مخالفات البناء.. تضارب فى التقارير ومدرسة "رمسيس" آخر الضحايا
الخميس، 26 فبراير 2009 06:04 م
قرارات الإزالة تحتاج إلى مراجعة أكثر دقة من وزارة الإسكان
لا توجد تعليقات على الخبر
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة