اليوم السابع يفتح ملفات الصم والبكم فى مصر

الخميس، 26 فبراير 2009 09:31 م
اليوم السابع يفتح ملفات الصم والبكم فى مصر الصم والبكم بشر مثلنا يحتاجون لمساعدة الأسوياء
كتبت يمنى مختار

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
لغتهم الإشارة يتحدثون بها أمامك، فتنظر إليهم كأنهم كائنات من الفضاء الخارجي، لم يختاروا هذه اللغة إنما فرضتها عليهم ظروفهم، يتعلمون حركات الشفاه لمحاولة التواصل معك ولكنك لا تبذل أدنى مجهود لمحاولة التقرب إليهم ، نظراتهم توصل لنا دائما رسالة واحدة مضمونها "أنا إنسان مثلك تماما".

نظرة المجتمع للأصم يمكن تلخيصها فى موقف من المواقف التى واجهتها هبة الله العربى أثناء إعدادها رسالة الماجستير عن الأطفال الصم، فأثناء مناقشتها أحد الأبحاث طلبت حضور بعض حالات الصم، فجاءها رد عميدة الكلية:" دول صم ازاى يدخلوا الجامعة"، انتابتها حالة من الذهول فغادرت المكان رافضة أن تناقش البحث إلا بحضورهم.

قد يتهمهم البعض بالعنف الزائد، إلا أن خبرة هبة فى التعامل معهم تجعلها تنفى ذلك الاعتقاد بشدة مؤكدة أن اللغة التى يستخدمونها تحكم تصرفاتهم وأبسط مثال على ذلك أنه قد يستخدم يديه لمناداة شخص كبديل لاستخدام الصوت.

" الصم اجتماعيون جدا ويحبون التعامل مع الأسوياء، حتى أنهم يقيسون أفضليتهم بعدد الأسوياء الذين يعرفونهم ويتعاملون معهم "، هكذا قالت هبة الله، لكن ذلك لا ينفى أن لديهم رد فعل مبالغا فيه تجاه الأشخاص، فإما أن يحبوا بشدة أو يكرهوا بشدة، فلا يتسم سلوكهم بأى وسطية.

لذلك تحاول هبة من خلال رسالتها التى تتناول "الكفاءة الاجتماعية لأطفال الصم" أن تطبق فكرة إنشاء نادى يجمع ما بين الصم والأسوياء فى محاولة للدمج ما بين الاثنين فى علاقات سوية، خاصة أن نظرة الأسوياء لهم هى التى تحكم الكثير من تصرفاتهم.

"يستحيل اقتراب الصم" يافطة تواجه الصم وتسد أمامهم الطريق للوصول إلى مجالات كثيرة، أهمها الموسيقى، ولكن كان تحدى أحمد على الذى لم يتجاوز الـ22 من عمره هذه اليافطة، حيث قرر خلال المرحلة الابتدائية أن يتعلم العزف ليتمكن بعد ثلاث سنوات من عزف أول مقطوعة موسيقية.
كانت البداية مع آلات الأورج والأكسلفون والطبلة، وإن ظل الأورج آلته المفضلة التى يستأجرها من محل الآلات الموسيقية الذى يملكه صديقه ليعيده مرة أخرى، فهو لا يعمل ولن يتمكن من دفع مبلغ 2000 جنيه لشرائه، موسيقته المفضلة هى صاحبة الإيقاعات العالية وخاصة أغنية "بلادى" التى يعزفها فى كل الحفلات.

ورغم أنه لم يصل إلى مرحلة تأليف مقطوعات موسيقية خاصة به واكتفائه فى الوقت الحالى بعزف المقطوعات الموسيقية التى يشعر بتردداتها من خلال وضع يده على الأورج ليتلقى الذبذبات الصادرة عنه، فقد حصل على 5 جوائز أهمها ما منحتها له الجامعة الأمريكية.

ويبقى حلمه فى دخول الجامعة بعيد المنال، فأقصى ما يمكن أن يصل له الأصم هو التعليم المتوسط بعكس الكفيف الذى تتاح أمامه الفرصة للوصول إلى مرحلة الدراسات العليا، ورغم ذلك يضع كلية نظم المعلومات أمامه كهدف ليكون الكمبيوتر مجال عمله الأساسي.

ومن مشكلة التعليم إلى البحث عن فرصة عمل، فالمجتمع الذى ينظر إلى الأصم نظرة دونية يرفض أن يمنحه فرصة عمل اعتقادا منه أنه لا يتمتع بأى إمكانيات، فهناك مكانان فقط يرحبون بتوظيف الصم فى مصرهما شركة أوليمبيك إليكتريك وإحدى فروع شركة أمريكانا.

"نفسى أتجوز شخص غير أصم"، تلك كانت أمنية إيناس عاشور التى عبرت عنها من خلال لغة الإشارة، وذلك بعد أن تمت خطبتها على ثلاثة من الصم ،"زمان كان الصم أفضل من دلوقتى" ليس هذا مبررها الوحيد فهى لا تريد إنجاب أطفال من الصم يعانون مثلها.
قرارها أن تتزوج شخصا سليما لا ينفى تفضيلها التعامل مع الصم لأنهم يفهمونها بشكل أسرع من الأسوياء، وتتمنى أن يتعلم الأسوياء لغة الإشارة كما يتعلم الصم حركات الشفاه وأن يتفهموا أن الأصم لا يختلف عنهم فى شىء .

حينما تجلس مع أختها ،ترغب فى الحديث فى أمور شديدة الخصوصية لتعبرعن مشاعرها إلا أن أختها لا تستطيع فهم كل إشاراتها وتتمنى وقتها لو كانت تستطيع الحديث.

سألتها عما ستفعل إذا منحها الله نعمة الحديث لمدة 5 دقائق فقط فقالت:"سأصرخ كثيرا وأقول للأسوياء ربنا موجود والأصم ده انسان زيكم" أما أحمد فأجاب بأنه سيقرأ القرآن بصوت مرتفع، وسكت قليلا متذكرا أيام الطفولة حين كان يتألم من الحقن دون أن يستطيع أن يقول "آآه"ثم قال :حقول للأطباء "الرحمة احنا بنحس حتى لو مش قادرين ننطق".
مواقف كثيرة يتعرض لها الأصم ويقف عاجزا عن فعل شئ فلغة الإشارة التى يستخدمها طوال الوقت لا يعرفها الكثيرون، فعندما توفى أحد زملاء أحمد فى المدرسة لم يستطع أن يفعل شيء ، حتى أنه لم يقدر أن يبلغ أحد أن زميله مات.

حالة الانفصام ما بين عالم الصم وباقى المجتمع واختلاف اللغة المستخدمة وكأن كل منهما يعيش فى عالم منفصل ، جعلت مجموعة من الشباب يفكرون فى إنشاء فريق أصدقاء الصم الذى يتخذ من ساقية الصاوى مركزا لنشاطه ليسعى لدمج الصم فى المجتمع وتصحيح عدد من المعتقدات الخاطئة لديهم وخاصة اعتقادهم بأنهم غير مكلفين دينيا لأنهم معاقون.

مجموعة من الأنشطة تصب جميعا فى هذا الهدف بداية من فرقة "ومضة" المسرحية التى تدمج الصم مع الأسوياء فى عرض مسرحى واحد يتحدثون جميعا بلغة الإشارة للتركيز على المشاكل التى يواجهها الصم فى الحياة اليومية وشعورهم تجاه هذه المواقف.

دورات تنمية بشرية للصم يتم ترجمتها إلى لغة الإشارة تضم مجموعة من المحاضرات التى يختارها الصم بأنفسهم مثل كيفية استغلال الوقت ومقاومة الكسل أثناء المذاكرة ومحاضرة الأسباب العشرة للنجاح وغيرها من المحاضرات التى تهدف إلى إكساب الصم المزيد من المهارات التى تزيد من فاعليتهم فى المجتمع، وخاصة أن أعدادهم وفقا لآخر إحصائية للأمم المتحدة 7 ملايين ونصف نسمة أى يمثلون حوالى 10% من سكان مصر.

"هدفنا إلغاء المربع الصغير المخصص للأصم وتحويله إلى شاشة كاملة يشترك فيها الصم مع الأسوياء"قال محمد حافظ مؤسس الفريق الذى فكر فى تصوير أغنية للصم بطريقة الفيديو كليب حيث تعبر المشاهد عن المعانى المراد توصيلها ويستغنى فيها عن الإشارة.

ربما لا نشعر فى حياتنا اليومية بقدر نعمة السمع أما إذا تخيلنا كم يتألم الأصم لعدم سماعه الدعاء الذى يردده الإمام "نفسى أقول آمين" لذلك كانت فكرة الفريق فى تحويل عدد من الأدعية إلى لغة الإشارة ليتمكن الأصم من فهمها والدعاء كغيره من الأسوياء.

تلك النظرة الدونية التى نواجهها للصم لا لشىء إلا لأن الله نزع منهم نعمة نتمتع بها دون أن ندرك أن الله عوضهم بمميزات كثيرة، حيث يؤكد محمد حافظ مؤسس فريق أصدقاء الصم أن نسبة ذكائهم مرتفعة جدا ولديهم قدرة على التركيز أعلى من الشخص العادى ولديهم قدرة كبيرة على التعامل مع التكنولوجيا الحديثة، فقد سجل الصم أعلى نسبة مبيعات لكروت شحن التليفون المحمول لأنهم يستخدموا خدمة ال « 3G » حيث يستخدمون هذه التقنية للحديث بالإشارة من خلال التليفون كما يستخدمون الإنترنت.





مشاركة




لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة