ظاهرة أطفال الشوارع التى لم تلفت نظر الشارع المصرى والمسئولين سوى منذ سنوات قليلة، على الرغم من انتشارها منذ فترة طويلة. حتى تضخمت وأصبحت تهدد المجتمع المصرى بكارثة فى غضون العشر سنوات المقبلة، حيث أكدت عبلة البدرى مديرة جمعية قرية الأمل لرعاية أطفال الشوارع، أنه مع تزايد أعداد هذه النوعية من الأطفال المشردة سيرتفع معدل الجريمة، وستمتلئ الشوارع المصرية بأطفال لا يعرف أحد عنهم شيئا.
وأشارت أن فتيات الشوارع اللائى يحبلن من الفتيان المشردين، لا يذهبن إلى المستشفى لتلقى الرعاية الطبية حتى لا يتم القبض عليهن، كما أنهن يلدن تحت شجرة أو حتى داخل المواصلات العامة، وبالتالى فإن أطفالهن لا يحصلن على التطعيمات الصحية أو التعليم، وهذا ينذر بوضع كارثى فى البلاد.
وقال عادل سامى لبيب أخصائى اجتماعى بجمعية قرية الأمل، إن القوانين المصرية لا تتعامل مع ظاهرة الجيل الجديد من أطفال الشوارع، فلا أحد يعرف بالتحديد عدد هؤلاء الأطفال فى شوارع القاهرة، إلا أن عددهم فى تزايد مستمر، حيث إن قرية الأمل وحدها ترعى 9 آلاف مشرد سنويا يستلم لبيب كل يوم حالة جديدة، ويضيف أن فتيات الشوارع لا يملكن بطاقة تحديد هوية، فكيف يمكن لهن أن يسجلن أطفالهن بالصحة عند الميلاد.
وقامت صحيفة لوس أنجلوس تايمز بمحاورة إحدى فتيات جمعية قرية الأمل التى أصبحت أما لطفلة وهى فى الثالثة عشرة من عمرها بعد زواجها العرفى من أحد الشباب المشرد وهى تدعى أميرة عثمان.
وقالت الصحيفة إن أميرة واحدة من آلاف الأطفال المشردين فى الشوارع، بالإضافة إلى أن القوانين جعلت الحياة أصعب على هذه الأم الطفلة المشردة، مشيرة إلى أنه فى بلد مثل مصر حيث يتشابك ويرتبط الإسلام والتقاليد فى كل الأماكن، ومن هنا تتخبط تلك الفتاة ومولودها فى جميع الاتجاهات، ففى عام 2008 قررت الحكومة عدم منح الطفل شهادة ميلاد إلا بعد توقيع الأب على الوثائق وتعديل التشريعات التى تسمح للأمهات بتسجيل أبنائهن.
وتسرد الصحيفة قصة أميرة التى تركتها أمها هى وثلاثة من أخواتها لتتزوج الأم من رجل غنى، بينما الأب مدمن مخدرات وتتشرد الأخوات بين العائلة، بينما اختارت أميرة –كانت فى الصف الأول الابتدائى وقتها- الشارع ليكون ملجأها، حيث التقت بأحمد الذى كان يعطف عليها ويسمح لها بالمبيت معه ويحميها، إلا أنه لم يتزوجها وقتها لأنها كانت صغيرة، واستمرت معه أربعة سنوات ثم خرجت للشارع مرة أخرى، حيث كانت تنام فى المبانى الجديدة الخالية، وحينما لم تجد مكانا عادت إلى أحمد لتمارس معه الجنس، وإذ بها تحبل وتلد فى الثالثة عشر من عمرها.
وتقول الصحيفة إن هناك مشكلات تواجه المولودة الجديدة راندا ابنة أميرة، حيث لم يتم تسجيلها بالصحة، ومن ثم فهى فى نظر الدولة لا وجود لها ومن المحتمل أن تلقى مصير أمها.
ويقول الكاتب، إن رجال الدين فى بلد مثل مصر - حيث يصلى الناس خمس مرات فى اليوم- ينظرون إلى تلك الفتاة على أنها عار على الإسلام، ويضيف أن القاهرة غير مكترثة بهؤلاء حيث يعيش بها 17 مليون نسمة منهم نحو 40% يعيشون على 2 دولار يوميا أو اقل، ومن هنا يصعب تحمل أطفال جدد ولكن يتم إلقائهم فى الشارع.
ويكمل الكاتب قصة أميرة التى عادت للشارع ومعها طفلتهان حيث كانت تنام فى الحدائق وتعرفت على أولاد مثلها، وكانت تشحذ لتشترى الطعام بينما صديقها "طفل شارع" يشترى المخدرات، ويستطرد الكاتب ليوضح المضايقات التى صادفت أميرة وطفلتها، حيث عرض شخص عليها بيع كليتها فى السوق السوداء، موضحا أنها صغيرة السن، لذا سيكون سعر كليتها كبير، كما أن إحدى السيدات عرضت عليها شراء طفلتها بـ5 آلاف جنيه، وقالت لها إنها لا تنجب وتريد أن ترعى تلك الطفلة، إلا أن أميرة رفضت بيع طفلتها، وذات مرة أخرى حاول أحد الأشخاص خطف الطفلة وقت أن كانتا نائمتين فى إحدى الحدائق.
ويرثى الكاتب لحال الطفلة أميرة التى لم تستطع أن تنام فى أحضان أمها منذ سنوات، مشيرا إلى قول أميرة التى لم تشتق إلى أمها، إذ أنها كرهتها لأنها تخلت عنها لتعيش مع رجل غنى.
وتعرفت أميرة مؤخرا على طفل مشرد يدعى تامر -19 سنة مسيحى- حيث تزوجته عرفيا هذا الزواج غير الحقيقى الذى يقوم على كتابة ورقة فى حضور اثنين من الشهود مثلما يفعل شيوخ الخليج الأغنياء فى مصر أثناء الإجازات، حينما يريدون ممارسة الجنس – وفق قول الكاتب- ويكمل، ولكن هذا الزواج بالنسبة لتامر وأميرة هو مجرد إعلام لأصدقائهم من أطفال الشوارع بأنهما أصبحا زوجين ولا يجوز أن تكون أميرة لآخر،
الآن أميرة توجد بجمعية قرية الأمل لرعاية أطفال الشارع، ويتساءل الكاتب ما هو مصير تلك الفتاة ورضيعتها؟ هل تستمر فى الملجأ أم تعود لأحمد أو لتامر؟ وماذا يمكن أن تقوله تلك الأم المشردة والتى لا تتعدى الثالثة عشر عن المستقبل؟.. إنها تريد أن تتعلم الحياكة حتى تستطيع أن تنفق على ابنتها، فهذه الفتاة الصغيرة تتحدث مثل إمرأة كبيرة.
أميرة.. نموذج مصرى صارخ لظاهرة أطفال الشوارع
الخميس، 19 فبراير 2009 02:41 م
ومازال مسلسل أطفال الشوارع مستمرا فى مصر
لا توجد تعليقات على الخبر
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة